حدد المحلل المالي والمدير العام التنفيذي لمجموعة سوليدير للاستثمارات، محمد رضا، 3 عوامل تهدد بأزمة مالية عالمية جديدة، تتلخص في أزمة الاقتصاد الصيني وقيام البنك المركزي الأميركي برفع أسعار الفائدة، إضافة إلى استمرار انهيار أسعار النفط وتداعيات ذلك على الدول المنتجة والمصدرة للنفط.
وأوضح أن أسواق المال تشهد عاصفة خسائر أطاحت بمؤشراتها، وأحرقت الخسائرُ كل الأسواق حول العالم في أميركا وأوروبا وآسيا والشرق الأوسط والخليج العربي، وهو ما يعود إلى هلع وخوف من اندلاع أزمة اقتصادية عالمية جديدة تنطلق شرارتها من الصين وليس من أميركا.
حيث انهارت سوق الأسهم الصينية وظهرت مؤشرات على تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني مع فشل تدخل بكين الأخير لاستعادة الثقة في ظل تزايد القلق أن يدفع ذلك لركود الاقتصاد العالمي مع رفع أسعار الفائدة الأميركية، هذا بجانب انهيار أسعار البترول ليصل برميل النفط من 100 دولار إلى أقل من 30 دولاراً ومتجهاً بقوة نحو مستوى أقل من 25 دولارا للبرميل، لتجتاح موجة هبوط حادة البورصات العالمية جراء مخاوف المستثمرين من أن يؤدي التراجع الكبير للاقتصاد الصيني إلى ركود الاقتصاد العالمي واندلاع حرب عملات، وأصدرت كبرى البنوك والمؤسسات المالية العالمية توصيات لعملائها للتخارج من أسواق المال.
كان رويال بنك أوف سكوتلاند قد أصدر تقريرا حذر فيه عملاءه وطالبهم بالتخارج السريع من أصولهم بعد مرور 8 أيام عمل فقط من العام الجديد في أسوأ بداية منذ نهاية القرن الماضي، وتوقع انهيار البورصات العالمية بحوالي 20%، وهبوط أسعار البترول إلى أقل من 16 دولارا للبرميل، وطالب عملاءه ببيع كل شيء ما عدا السندات عالية الجودة حتى يتمكنوا من استرداد رؤوس أموالهم ولا ينتظروا العوائد، لأن أبواب الخروج بعد ذلك ستكون محدودة وضيقة.
وزاد من حدة التراجعات الحادة لأسواق المال قيام لجنة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة لأول مرة منذ 10 سنوات بمقدار 25 نقطة أساس إلى 0.50% و1% ووفقاً لتوجهات لجنة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي فإنهم يستهدفون رفعها مرة أخرى خلال عام 2016 لتصل إلى 1.4% مستهدفاً 3.5% على المدى الطويل بنهاية عام 2018.
ويمثل رفع أسعار الفائدة ضغطا سلبيا كبيرا على أسواق المال والذي سيؤثر عليها بالسلب لتحويل المستثمرين استثماراتهم من أسواق المال إلى الاستثمار في أدوات ذات الدخل الثابت بالدولار الأميركي في سوق النقد، وتعد خطوة قيام لجنة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة خطوة فردية من الولايات المتحدة تؤدي إلى تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي وتدفعه بقوة نحو الركود، ولن تنجو أميركا من هذه الآثار السلبية حيث زادت التوقعات من 15% إلى 20% لدخول أميركا لدائرة الركود مرة أخرى.
وأشار إلى أن الرعب يسيطر على الجميع بفعل تباطؤ النمو الاقتصادي في دول مجموعة بريك مثل الصين وروسيا والبرازيل، إضافة لدول الخليج العربي والأزمات الاقتصادية المتلاحقة لمنطقة اليورو بسبب انهيار أسعار البترول وتراجع الاقتصاد العالمي ورفع أسعار الفائدة الأميركية والذي أكده تقريرا صندوق النقد الدولي والبنك الدولي منذ أيام بعد خفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي والآثار السلبية للتراجعات الحادة لأسعار البترول والذي وصل إلى أقل من 30 دولاراً، ما تسبب في انهيار حاد للاقتصاد الروسي وتأزم موقف دول الخليج وتحول ميزانياتهم من فائض إلى عجز حاد في بعض دول منطقة الخليج.
وقال إن الخريطة الاقتصادية العالمية تتغير والتعثر والركود يطيح باللاعبين الأساسيين في مضمار الاقتصاد العالمي، ونجد أن العملاق الصيني يمر الآن بعملية تصحيح كبيرة، حيث تراجع نشاط قطاع الصناعة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم بوتيرة هي الأسرع منذ 6 سنوات ونصف بفعل انخفاض الطلب المحلي والعالمي، في الوقت الذي اتجهت الصين إلى خفض قيمة عملتها المحلية وتخفيض أسعار الفائدة كمحاولة لتنشيط صادراتها التي تراجعت خلال العامين الماضيين والهروب من شبح الركود ودعم معدلات النمو التي انخفضت بشكل كبير، حيث من المتوقع أن يبلغ أدنى مستوى له في 25 عاما.
في حين اتجهت أسعار المنتجين نحو الانكماش للعام الرابع على التوالي، وأدى قيام الصين بخفض قيمة عملتها المحلية إلى حرب عملات عالمية في ظل الميزة التنافسية للصادرات الصينية لانخفاض قيمتها، حيث إن تلك الخطوة تبعها قيام بعض الدول الأخرى بتخفيض عملتها لإحداث توازن والحفاظ على تنافسية صادراتها.