Site icon IMLebanon

انهيار أسعار النفط يرسل إشارات متضاربة


ديفيد شيبارد ــ نيل هيوم

من الركود التضخمي للحظر النفطي العربي في السبعينيات، إلى ارتفاع حاد إلى ما نحو 150 دولارا للبرميل عشية الأزمة المالية، ليس هناك عدد كبير من المستثمرين الذين لديهم اعتقاد أن النفط يمكنه توجيه الاقتصاد.

لذلك كان من الصعب بالنسبة لكثيرين التوفيق بين الأداء الضعيف للأسهم العالمية في عام 2016 وبين انهيار أسعار النفط. ينظر إلى انخفاض أسعار النفط على أنه حجر المغناطيس في الاقتصاد العالمي، حيث إنه يدل على كل شيء ابتداء من التباطؤ في الصين إلى حالات الإعسار في سندات الطاقة الشبيهة بسندت ضعاف الملاءة.

الأسهم والنفط يتحركان معا. ولكن استخدام أسعار النفط كمؤشر على صحة الاقتصاد العالمي يبدو مضللا. إنه يخاطر ببلورة وجهة نظر مفرطة في التشاؤم للعالم الذي ينتقص من الفوائد التي يجلبها عادة انخفاض تكاليف الطاقة.

تقول أمريتا سين من شركة جوانب الطاقة، وهي شركة استشارات الطاقة ومقرها لندن: “إن منطق إلقاء اللوم على النفط في كل شيء يعد محيرا”. وتضيف: “إذا كان سعر النفط عند 100 دولار للبرميل يمكن أن يضر النمو العالمي… فمن الصعب حقا فهم كيف يمكن لسعر النفط عند 20 دولارا أيضا أن يكون مسؤولا عن إتلاف الاقتصاد العالمي وإثقال أسواق الأسهم العالمية”.

الذين يخشون من أن النفط يبشر بالتباطؤ السريع في النمو العالمي ينبغي أن يحاطوا علما بأن الأسعار تشهد تراجعا منذ فترة لا بأس بها، كما يقول المحللون. كانت طفرة العرض هي المحرك الرئيس للانخفاض بنسبة 70 في المائة في الأسعار خلال 18 شهرا، وليس التباطؤ في الطلب.

ويقول الاقتصادي كاميار محدث من جامعة كامبريدج: “ما رأيناه في النفط كان في المقام الأول صدمة في جانب العرض”. ويضيف: “على الرغم من أننا بدأنا أيضا نرى بعض العلامات على تباطؤ الطلب… الارتباط الوثيق بين السوقين هو شيء من رد فعل مبالغ فيه حول المخاوف من تباطؤ أكبر في الصين. الناس يرون تأثير فائض ضخم للنفط في السعر ويتصورون أنه يأتي من جانب الطلب”.

في العام الماضي شارك البروفيسور محدث في تأليف ورقة بحثية لصندوق النقد الدولي، قالت إن خفض أسعار النفط بمقدار النصف قد يضيف 0.2 ــ 0.4 نقطة مئوية إلى النمو العالمي في السنة الأولى. في البلدان المستوردة الكبيرة كان من المتوقع أن يكون التأثير أقرب إلى 1 في المائة.

في آسيا أسعار النفتا ــ وهو نوع من النفط المكرر الذي يمثل مؤشر النشاط الصناعي ــ تعد قوية بالنسبة للنفط الخام، على عكس ما كان خلال الأزمة المالية عندما انهارت مع الطلب.

هناك، بطبيعة الحال، بعض الربط بين هبوط أسعار النفط وأسواق الأسهم الضعيفة. حيث تراجعت شركات النفط في المتوسط نحو 20 في المائة هذا العام، ما يجعل القطاع واحدا من أسوأ القطاعات أداء في لندن ونيويورك. وأشارت “أبل”، الشركة الأعلى قيمة سوقية في العالم، إلى أن انخفاض أسعار السلع الأساسية هو أحد أسباب أول تراجع في مبيعاتها.

المستثمرون في الأسهم يشعرون أيضا بالقلق من المخاطر النظامية لهزيمة سعر النفط عبر الشركات الصناعية والنظام المصرفي. عدد من أكبر المصارف في الولايات المتحدة، بما في ذلك بنك أوف أميركا، وجيه بي مورجان تشيس، وسيتي جروب، ويلز فارجو، كانت قد حذرت في الأسابيع الأخيرة من عمليات شطب ومن مخصصات (الخسائر) على قروض شركات النفط التابعة لها.

تعاملاتها ومقدار انكشافها من المستحيل أن يكون بالقرب من حجم أزمة القروض العقارية لضعاف الملاءة ــ القروض المتعلقة بالطاقة تشكل نحو 3 في المائة من محفظة بنك أوف أميركا ــ ولكن يمكن للمصارف أن تخصص مزيدا من الأموال لامتصاص الخسائر. كما أن قروض الطاقة السيئة لها تأثير في أسواق المال بطرق أخرى.

ويقول سيباستيان رايدلر، استراتيجي الأسهم في دويتشه بنك: “المشكلة أنه في حين أن التراجع الطفيف في أسعار النفط قد يكون بمثابة خفض الضرائب بالنسبة للاقتصاد العالمي، إلا أن حدوث انخفاض كبير يعني إجهادا كبيرا لمنتجي الطاقة في الميزانيات العمومية”.

تشير تقديراته إلى أن شركات الطاقة الأمريكية “المصابة بإجهاد لا يستهان به” تشكل 20 في المائة من سوق السندات ذات العوائد العالية. وهذا مهم لأن علاوة المخاطر في سوق الأسهم كانت تتبع بشكل وثيق الفروق في أسعار الفائدة على السندات ذات العوائد العالية في العقد الماضي.

“أوبك”، التي تسيطر على نحو 40 في المائة من الإنتاج، من المتوقع لها على نطاق واسع أن تقوم بتقليص الإنتاج هذا العام، لكن هذا الأثر يقع تحت ظلال كثيفة بسبب الفائدة المترتبة على الأسعار المنخفضة بالنسبة لأكبر أربعة بلدان مستوردة صافية للنفط، وهي الصين والولايات المتحدة واليابان والهند، التي تشكل أكثر من 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للعالم، الذي تبلغ قيمته 77 تريليون دولار.

يقول محدث: “التعزيز في الإنفاق بالنسبة للمستهلكين ينبغي أن تكون له الغلبة في النهاية”.