Site icon IMLebanon

نصرالله ربح معركة لا الحرب! (بقلم رولا حداد)

 

لا بدّ من التواضع والاعتراف بأن قوى 14 آذار خسرت معركتها الرئاسية أمام “حزب الله”، والدلائل أكثر من أن تُحصى، ومنها:

ـ أولاً: أهم حزبين في 14 آذار رشح كلٌّ منهما شخصية من قوى 8 آذار، ومن الأشد التصاقاً بـ”حزب الله” الى رئاسة الجمهورية. وفي هذا أكثر من إقرار بخسارة معركة رئاسة الجمهورية على الأقل.

ـ ثانياً: نجح “حزب الله” عملياً في سحب مواضيع أساسية تعنيه من التداول السياسي، مثل قتاله في سوريا و”سرايا المقاومة” وسلاحه خارج الشرعية، فلم تعد هذه الملفات موجودة على طاولة البحث السياسي، وإن على المستوى الإعلامي على الأقل.

ـ ثالثاً: رغم المبادرتين الرئاسيتين، مبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح النائب سليمان فرنجية ومبادرة الدكتور سمير جعجع بترشيح العماد ميشال عون، أكد السيد حسن نصرالله أنه يحتفظ بتسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية بحسب التوقيت الإيراني المناسب رغم أن المرشحين هما من حلفائه.

ـ رابعاً: أسقط نصرالله “السلّة” التي كان طالب بها، ظنّاً منه بأن ثمة تسوية يجب أن تتمّ في نهاية المطاف بين قوى 8 آذار وقوى 14 آذار على قاعدة “توزيع السلطة” بمفهومه، وذلك بعد لمس أن قوى 14 آذار قدّمت له موقع رئاسة الجمهورية على طبق من فضة، ومن دون أي مقابل. وبالتالي فإن “حزب الله” لا يجد نفسه اليوم مضطراً لتقديم أي مقابل، ولا حتى على مستوى رئاسة الحكومة. في هذا السياق قالها بوضوح ان رئيس الجمهورية المقبل بات لـ8 آذار ولا حاجة لسلّة. فبعد الانتخابات تُجرى استشارات نيابية وتتم تسمية الرئيس المكلف…

ـ خامساً: تذاكى كثيراً السيد نصرالله عندما أكد من جهة استمرار دعمه للعماد ميشال عون، ومن جهة ثانية أصرّ على تأمين الإجماع عليه لانتخابه، ما يضع الرئيس سعد الحريري تحت الضغط: فإذا كان الحريري “محشوراً” أو مستعجلاً لإنهاء الفراغ الرئاسي ما عليه سوى القبول بانتخاب عون، وإلا فليتحمّل مسؤولية استمرار الفراغ عبر تولّي التعطيل سواء باستمرار ترشيح النائب سليمان فرنجية أو باستعمال “الفيتو” السني في أي جاسة انتخابية، ما يضع السنّة في مواجهة المسيحيين ليضحك نصرالله في سرّه!

ـ سادساً: أثبت الحريري فشل رهانه على استقطاب فرنجية الى موقع “وسطي” من خلال ترشيحه، إذا إن الأخير أعلن ما إن انتهى خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” أن “نصرالله سيّد الكل”.

وماذا يعني كلام “الجنرال” الى صحيفة “الأخبار” الجمعة 29 كانون الثاني بإصراره على “التكامل الوجودي مع حزب الله”، واجتهاده في التحايل على ما تم الاتفاق عليه مع جعجع بإعلانه أن “اتفاق الطائف شرّع سلاح المقاومة (أي “حزب الله”)! الا يعني انه يتنصل وعلنا من نقاط معراب العشرة، مما يعني فشل الرهان على استقطاب عون الى خطاب 14 آذاري.

في الخلاصة يمكن القول إن السيد نصرالله استطاع أن يلحق هزيمة سياسية بقوى 14 آذار بالمفرّق، وذلك بمجرّد أن وقع أطراف 14 آذار بمحظور عنوانه ضرب الشراكة والوحدة والتفرّق لمحاولة تنفيذ أجندات مصالح خاصة.

ما تقدّم، وإن كان يعني خسارة 14 آذار لمعركة قاسية، إلا أنه لا يعني أن “حزب الله” ربح الحرب بالضرورة. فقرار تسهيل الاستحقاق الرئاسي ليس في حارة حريك بل في طهران التي لن تقدم على محاولة تنفيذ انقلاب في لبنان ضد السعودية. كما أن وضع الحزب المُحرج ماليا بشكل لم يسبق له مثيل، والمتوجّس من مزيد من التضييق عليه مقابل إراحة إيران، يجعل من الصعب جداً على “حزب الله” القيام بأي خطوة من شأنها إمساكه بمفرده بمفاصل الحكم في لبنان في ظل الانتشار “الداعشي” في المنطقة، وتجربة حكومة نجيب ميقاتي لا تزال ماثلة في أذهان المعنيين في حارة حريك الذين لا يزالون يحصون نعوش المواجهات في الإقليم…