كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:
لم يُحضّر بعد “حزب الله” كتلته النيابية للمشاركة في جلسة 8 شباط المقبل موعد انتخاب رئيس للجمهورية. ولم يتطرق أمينه العام السيد حسن نصرالله إلى هذه الجلسة.
وتفيد مصادر سياسية بارزة، أن كلام نصرالله، يعني أن الحزب مستمر في تبنّي فكرة أن لا انتخابات لأنه يؤكد أنه يجب أن يتم تعيين المرشح النائب ميشال عون وليس وجود عملية انتخابية يفوز فيها من يفوز، أنه يريد ضمانة انتخاب عون رئيساً للانتخابات، وتشير هذه المصادر إلى أن أول من سرّب خبر اللقاء الذي جمع الرئيس سعد الحريري والنائب المرشح سليمان فرنجية شخصية معروفة في “حزب الله” وليس أي شخصية من “تيار المستقبل”. إنما كل هذا الجو هو حصيلة وجود قناعة أن هناك أموراً خطيرة تحصل، لعلّ في مقدمها دعوة الأطراف الأخرى إلى السير بفكرة الحزب، وإلا ليفعلوا ما شاؤوا، وهذا ينحو نحو منطق الحزب الواحد، وكأن الحزب يقول أو يسعى إلى تعيين عون رئيساً وإلا لا انتخابات، فإذا كان لدى عون أصوات كافية لتأييده لماذا لا يتم انتخابه. 14 آذار تريد انتخابات رئاسية لكن الحزب يريد التعيين.
إذاً العرقلة مستمرة، بعدما كانت هناك بعض الأجواء، قبل كلام نصرالله تتداول باحتمال أن يكون الحزب يعتمد على رئيس مجلس النواب نبيه بري لحشد ما يكفي من أجل أن تفضي جلسة 8 شباط إلى انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية، وأن الحزب قد يكون راضياً ضمناً بعدم حضور النائب عون وكتلته إلى البرلمان.
وبالنسبة إلى نقاش الموضوع الرئاسي فإنه في جلسات الحوار الثنائي بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، وفي جلسات الحوار الوطني، تتم مناقشة تطورات الملف الرئاسية، وفقاً للمصادر، لكن الحزب يضيّع الوقت. وكلام نصرالله لم يقدم شيئاً، إنما أكد المؤكد بأن الحزب ومن خلفه إيران هما عرّابا التعطيل للانتخابات الرئاسية، على الرغم من كل النظريات التي حاول أن يقدمها حول “الديموقراطية الإيرانية”. وإذا كان نصرالله يعتبر نفسه رابحاً في اختيار المرشحين الاثنين فلماذا لا يتوجّه نوابه إلى المجلس وينتخبون رئيساً. لذا فإن جلسة 8 شباط ستكون كسابقاتها. وما قاله نصرالله يعكس حالة الإرباك التي يعيشها الحزب، ولو لم يكن مربكاً لكان نوابه نزلوا إلى البرلمان في الجلسة المقبلة. نواب “تيار المستقبل” سينزلون إلى المجلس وكذلك نواب 14 آذار. ومن كثرة ما دافع نصرالله عن إيران ألصق التهمة بها.. وهو يقول إما انتخاب عون أو لا انتخاب، كما أنه يصادر انتخابات الرئاسة وموقع الرئاسة، ويدخل البلد في أفق مسدود.
وترى المصادر أن الحزب لا يريد انتخابات رئاسية لسببين، الأول محلي، حيث أن الأمور تسير في البلد بحسب رأيه وفقاً لتوازن قوى معين في المنطقة، وأنه من دون مكاسب كبرى على صعيد البلد لن يعمل على تسهيل حصول الانتخابات، فضلاً عن أن الحزب يريد ضرب رئاسة الحكومة، وتعيين نائب لرئيس الجمهورية، وصلاحيات رئيس الجمهورية في الأساس لم تعد كما كانت، فضلاً عن أنه يريد قانوناً للانتخابات النيابية يناسبه في تغيير المعادلات. أبلغ “تيار المستقبل” الحزب في اجتماعات اللجنة النيابية للتحضير للقانون، أن هذا الأمر غير وارد، وأن التيار لن يسمح بحصول خلل جراء قانون انتخابي جديد وأنه لا يمكن الوثوق بهكذا منحى. فعندما كانت هناك أكثرية بين 8 آذار ورئيس مجلس الوزراء السابق نجيب ميقاتي حصل انقلاب، فكيف إذا كان هناك قانون انتخابي واضح في أهدافه التغييرية. هذا فضلاً عن وجود سبب إيراني بعدم تسهيل الانتخابات اللبنانية.
جلسة 8 شباط الانتخابية مفصلية، بحسب المصادر، وهي شبيهة بجلسة 25 أيار 2014، إذ بعدما تم استنفاد المرشحين حالياً، قد تفتح هذه الجلسة الأفق على مرحلة جديدة وغير محدودة من الفراغ، وجلسة 25 أيار 2014 فتحت الأفق على الفراغ. وهناك تخوف كبير من أن يصبح الأفق السياسي للرئاسة معدوماً، مع ما يحمله ذلك من مخاطر على البلد في ظل الظروف الإقليمية المحيطة.
وبحسب أوساط ديبلوماسية في بيروت، فإن ما يحصل يدلّ على أن كل الأطراف لا تزال تحتفظ بأوراقها، وأن العديد منها لم يتخذ مواقف داعمة تؤدي إلى حصول الانتخابات، وأن ترشيحي فرنجية وعون مستمران لمدة طويلة، وأن العديد من الأطراف لا يزال متمسكاً بالرعاة الخارجيين.
ونشير إلى أن “حزب الله” لا يرى مصلحة له في حصول الانتخابات، وهو مرتاح مع هذه الحكومة؟ ولا يريد حكومة أخرى برئاسة شخصيات أخرى مطروحة أسماؤها، وأن الحزب يريد قانون انتخابات يوصله إلى أن يكون أكثرية في المجلس النيابي من أجل السيطرة على كل شيء في البلد، عندها يختار رئيسي جمهورية وحكومة، لذا فإن الحزب الآن يستمر في الفراغ.
ولاحظت المصادر أن الرئاسة في لبنان جرى بحثها خلال زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى باريس. ولا يبدو أن اختراقاً ما سيحصل. وتعزو المصادر الأسباب إلى أن علاقة الحزب في إيران هي مع الحرس الثوري أكثر مما هي مع روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف اللذين يُعتبران معتدلين. ومن المؤكد أن إيران محرجة من تأييد جعجع لعون، لكن من غير الواضح إلى أي درجة.