جون أجليونباي وأندرو إنجلاند
السباق لتطوير أنظمة دفع عبر الجوال “الهاتف الخلوي” في كل أنحاء إفريقيا يولّد جيلا جديدا من أصحاب مشاريع التكنولوجيا، بحثاً عن طرق مُبتكرة للوصول إلى زبائنهم.
من التمويل والزراعة إلى التعليم والرعاية الصحية، عشرات التطبيقات يتم ابتكارها للمساعدة في التغلّب على عجز البنية التحتية في القارة، والمساعدة في تلبية تطلّعات السكان في المناطق الحضرية البارعين في أمور التكنولوجيا على نحو متزايد.
يقول جيسي مور، الرئيس التنفيذي لشركة إم-كوبا، الشركة القائمة في نيروبي منذ أربعة أعوام التي تستخدم تكنولوجيا الهاتف الخلوي لتأجير نظام الإضاءة التي تعمل بالطاقة الشمسية وأنظمة الكهرباء خارج الشبكة، في كينيا ويوغندا وتانزانيا: “إن الشيء التقليدي الذي يُمكن قوله عن إفريقيا، هو أنها مبتلاة بغياب البنية التحتية”.
في المقابل، يُجادل مور، إن عجز البنية التحتية القديم في القارة يُحفّز الابتكار، مُشيراً إلى نظام إم-بيسا، نظام تحويل الأموال عبر الهاتف الخلوي الذي طوّرته شركة الاتصالات الرئيسية في كينيا، سافاريكوم، المملوكة بنسبة 40 في المائة من قِبل شركة فودافون البريطانية.
نظام إم-بيسا يستخدمه الآن 22 مليون كيني – أو أكثر من 70 في المائة من السكان البالغين. سافاريكوم الآن تدعم شركة سيندي، الشركة الناشئة لتسليم الطرود القائمة في نيروبي، التي توفّر سوقا لتسليم الطرود حتى آخر ميل والخدمات اللوجستية، ما يسمح للزبائن بإرسال الطرود والوثائق في منطقة نيروبي باستخدام التطبيق عبر الهاتف الخلوي، الذي يربطهم مع راكبي الدراجات النارية وسائقي الشاحنات الصغيرة وشاحنات النقل.
الكثير من هذا الابتكار نشأ من الضرورة التجارية. في كل أنحاء إفريقيا، اضطرت شركات الاتصالات للبحث عن طرق لزيادة الإيرادات والحفاظ على المشتركين، لأن المنافسة أدت إلى تخفيض أسعار المكالمات الهاتفية.
مجموع معاملات نظام إم-بيسا الشهرية يبلغ الآن نحو 150 مليون دولار. في حين أن هذا يُمثّل نسبة متزايدة من أعمال شركة سافاريكوم، إلا أنها لا تزال تمثّل 20 في المائة فقط من إجمالي مبيعات المجموعة. المنصة جعلت شركة سافاريكوم تكسب 19.4 مليار شلن كيني (190 مليون دولار) في الأشهر الستة حتى أيلول (سبتمبر) من عام 2015.
وقد ألهم عشرات المُقلّدين مثل نظام سنابسكان في جنوب إفريقيا، نظام الدفع عبر الهاتف الخلوي المدعوم من بنك ستاندرد.
يقول كوبوس إهلرز، أحد مؤسسي نظام سنابسكان: “المشكلة التي حاولنا معالجتها كانت أن هناك قدرا كبيرا من الشركات – نحو 400 ألف في جنوب إفريقيا – التي تقوم بالتداول اليوم، لكنها لا تستطيع الوصول إلى البنية التحتية لنظام الدفع الرسمي”.
“لذلك حاولنا أن نسأل كيف يُمكننا استخدام التكنولوجيا لمعالجة تلك المشكلة؟ لأنها محلية بشكل لا يُصدّق، فهي مشكلة حقيقية – لقد حدّدنا حجمها – والآن أصبح الوضع هل نستطيع أن نفعل شيئا لمعالجة ذلك الأمر”.
جو موشيرو، الذي استقال في كانون الأول (ديسمبر) الماضي من منصب رئيس شركة جوجل كينيا ليُصبح وزير التكنولوجيا في البلاد، يقول إنه على الرغم من المشاكل التي لا تُحصى – من القوانين التنظيمية المُبهمة إلى نقص المهارات – إلا أن قصص النجاح من المرجح أن تستمر.
وأضاف: “اليوم لدينا عشرات الحاضنات؛ فهناك الكثير من الشركات الناشئة الموجودة التي تتوصّل إلى منتجات مُبتكرة للغاية، لكنها لا تزال في مرحلة النمو. عندما تصل إلى مجال سبعة أو ثمانية أعوام، نأمل أنها ستكون أكبر وستكون قادرة على استيعاب الكثير من رأس المال. عندها سنرى نمواً حقيقياً”. واحدة من الحاضنات المعروفة هي iHub في نيروبي، التي ولّدت 150 شركة، بما في ذلك ويزا تيلي، شركة التكنولوجيا للخدمات المالية التي تم بيعها إلى شركة آي إف بي من جنوب إفريقيا العام الماضي مقابل 1.7 مليون دولار.
تقول جوليانا روتيش، واحدة من مؤسِسات حاضنة iHub: “هناك الكثير مما يتعيّن القيام به، لكن روما لم تُبن في يوم واحد. نعم، من حيث إدراج الأسهم على بورصة نيوربي، نحن لم نصل إلى تلك المرحلة بعد، لكن هناك الكثير من الشركات في الطريق”.
مستوى الطموح بين شركات التكنولوجيا الإفريقية يتجلّى من حقيقة أن البعض توسّع آفاقها خارج القارة. جيرنيآبس، الشركة الجنوب إفريقية التي بدأت في عام 2009 من خلال تصميم التطبيقات لدعم عاملي الرعاية الصحية في المجتمع المحلي، افتتحت العام الماضي مكتباً في الولايات المتحدة، في محاولة لنقل التكنولوجيا الإفريقية إلى السوق الأمريكية.
كونراد هوفماير، أحد المؤسسين المشاركين لشركة جيرنيآبس، يقول إن المطالب في الاقتصاد الأكثر تطوّراً في العالم، لا تختلف دائماً عن تلك الموجودة في إفريقيا.
ويضيف: “أنواع الصفات التي كان علينا بناؤها في المنتج، مثل حقيقة أنه يعمل دون اتصال بالإنترنت، وأنه من السهل جداً استخدامه.. تبيّن أنها في الواقع مفيدة جداً للسوق الأمريكية أيضاً لأننا الآن تعلّمنا أشياء ليست في هذه الفقاعة النظرية، لكن في تحدّي العالم الواقعي العملي هذا للعمل في إفريقيا. وبإمكاننا أن نمضي ونأخذ ذلك الشيء الثمين الذي قمنا ببنائه ونستخدمه في الولايات المتحدة أيضاً”.
حيث إن التجارة ما بين دول إفريقيا لا تمثّل سوى 12 في المائة من التجارة في القارة، فإن المُشاركين في قطاع التكنولوجيا متفائلون بشأن المستقبل.
تقول روتيش” “إن الكثير من الحلول التي تحقّقت في إحدى البلدان يُمكن تخصيصها وتوفيرها في بلاد أخرى. لذلك ما زلت أعتقد أن هناك الكثير من الإمكانات.. في أنحاء إفريقيا كافة، لو نستطيع أن نكون أكثر انفتاحاً بقليل”.