رائد الخطيب
سياسة المنشار، هي تلك التي تتبعها مافيا مولدات الكهرباء الخاصة في لبنان. فعند صعود البرميل يجني هؤلاء المكاسب.. وعند هبوطه يجنون كذلك المكاسب.. فيما الدولة تقف موقفَ المتفرج رغم اصدارات التعرفة التي تعلنها شهرياً وزارة الطاقة والمياه. إلا أنَّ المسألة ليست في اجراء الوزارة انما في التنفيذ.
لقد بات أصحاب المولدات الخاصة من البورجوازيين الجدد، لا يتورعون عن التهديد والوعيد على من يرفع صوته. والمواطن يسأل كيف ان انحدار سعر برميل النفط من 110 دولارات في حزيران 2014 الى نحو 33 دولاراً اليوم، لم يقابله تدنٍ في سعر الكيلوات ساعة التي توفرها المولدات الخاصة. فالمهم هو مصالح هذه المافيات وشرعنة أرباحها التي باتت تتجاوز الـ2.5 ملياري دولار، في وقت تخسر الكهرباء الرسمية بسبب وضع تعرفتها على سعرٍ يقل عن 25 دولاراً للبرميل.
واليوم، تشتري الدولة التي يقل إنتاجها عن ألف ميغاوات (وتصل الى 900 ميغاوات بحسب مصادر)، نحو 380 ميغاوات من الباخرتين التركيتين، ونحو 1100 ميغاوات من المولدات الخاصة بضعفي الفاتورة الرسمية.
ولا يزال الحراك المدني خجولاً وغير قادر على تحقيق أي خطوة في هذا الاتجاه. فالمسألة، وكما يراها البعض تتعلق بالمحاسبة التي ينبغي على الدولة أن تطبقها تجاه هؤلاء. والمثل واضح من طرابلس التي هدد محافظها القاضي رمزي نهرا، بإقفال المولدات المخالفة للتسعيرة الرسمية وختمها بالشمع الأحمر، إلا أنَّ شيئاً لم يحصل رغم التهديد الواضح والصريح.
وفي اتصالٍ مع «المستقبل»، قال مستشار وزير الطاقة، طوني ماروني: «انه جرى في الحكومة اتفاق بين وزارتي الطاقة والداخلية والبلديات ممثلة بالمحافظ وطرف ثالث هي وزارة الاقتصاد (مصلحة حماية المستهلك)، على ان تكون واجبات وزارة الطاقة تحديد سعر السلعة (سعر الاشتراك)، فيما تراقب وزارة الداخلية والبلديات وتسهر على حسن تطبيق هذه التسعيرة. في حين أن وزارة الاقتصاد من واجبها السهر على حسن استخدام هذه السلعة وعدم التلاعب بالنوعية وبالسعر». أضاف أن التعرفة الشهرية التي تضعها وزارة الطاقة تلحظ هامشاً مهماً من الأرباح لأصحاب المولدات.
وبحسب مطلعين في القطاع، فإن الارباح الشهرية الصافية التي يجنيها صاحب مولد بقوة صغيرة، لا تقل عن 7000 دولار. فمولد «200kva فولفو» الذي يستهلك على مدة ثلاث سنوات مع موظف متفرغ 24 ساعة على 24، تكون تكلفة توفير 5 أمبيرات نحو 35 الف ليرة، تضاف اليها أعمال الصيانة بتكلفة 7 الاف ليرة. وعليه، فإن التكلفة الكلية لا تتجاوز 42 الف ليرة، فيما اليوم تعرفة وزارة الطاقة تعطيه 60 الف ليرة. فلماذا اذاً تبقى تكلفة الأسعار أكثر من 80 ألف ليرة لكل 5 أمبير؟
وهو ما يعني أن مافيا المولدات التي تستخدم البنى التحتية للدولة ولا سيما أعمدة الكهرباء، والتي لا تعطي الدولة في المقابل أي ضريبة، تقوم برمي التسعيرة الشهرية لوزارة الطاقة في سلة مهملات، ضاربةً بعرض الحائط بكل ما من شأنه أن يكبح جماح الأسعار.
إن سعر تكلفة الكيلوات ساعة الذي تنتجه مولدات الكهرباء الخاصة يباع للمواطن بأضعاف الثمن الذي تبيعه مؤسسة كهرباء لبنان. إضافة الى أن مئات الميغاوات التي تنتجها هذه المولدات خارجة عن نطاق الدولة وعن نطاق شركة كهرباء لبنان. وهي لا تدفع ضريبة على القيمة المضافة او ضريبة دخل، ولا توفر فرص عمل، وتعطّل الأدوات الكهربائية في المنازل. بالإضافة الى عامل التلوث الذي بدوره يكبد المواطن فاتورة مهمة من صحته.
وبحسب دراسة موضوعة، فإن عملية الاحتساب لتشغيل المولد مع الأسعار المعطاة لطاقة مولد 200 ك.ف.أ. تظهر ما يلي:
– تتوقف الطاقة الناجمة عن تشغيل مولد بالقدرة استناداً لمعادلة أنه لا يمكن سحب كامل الطاقة المنتجة من المولد إلا بمعدل 90 في المئة من قدرته بالتساوي من كل فاز، باعتبار أن المولد له 3 مخارج (فازات) ويختلف هذا استناداً لحالة المولد بحسب القدم والاستعمال.
– إن عملية احتساب ك.ف.أ واحد يعتبر 1.5 أمبير. هي عملية خاطئة، إذ ان المعادل الصحيح هو 1.3 أمبير في حالة 480 ف. وأن معادل كل 1 أمبير. على 220 ف. يوازي استعمال واستخراج 950 ف.، وقد تبين من خلال الوقائع لعمليات الاشتراك الممنوحة من أصحاب المولدات بوضع فواصل (ديجنتور) ولنأخذ مثلاً 5 أمبير. يكون في الواقع وإذا كان هذا الديجنتور (الفاصل) 3.8 أمبيرات في أحسن الحالات.
– أجمع الخبراء في المجال المذكور على أن المولد الواحد وبقوة 100 ك.ف.أ. يستهلك وقوداً بمعدل 5 ليترات كل ساعة، وبكامل قوة السحب للطاقة لذلك، فإن التكلفة الفعلية لمولد بهذه القدرة لجهة إعطاء 220 ساعة شهرياً، تظهر أن التسعيرة الموضوعة هي أكبر بكثير من التكلفة الفعلية.
فتكاليف إنتاج الكيلوات ساعة تبيعه الكهرباء حالياً بنحو 9 سنتات إلا أن جزءاً منه يذهب هدراً فنياً وغير فني، فيما تبلغ تكلفة انتاج مولدات الكهرباء الخاصة وبأسعار اليوم نحو 27 سنتاً، وأما الباخرتان التركيتان فهما تنتجان الكيلوات ساعة بنحو 9 سنتات من ضمنها الصيانة والإيجار.
يبقى، إن اللجنة الفرعية للطاقة وبحسب معلومات لـ«المستقبل» ستقوّم عرضاً تركياً الأسبوع المقبل لشراء نحو 450 ميغاوات لزيادة الانتاج، خصوصاً وأنَّ بعض معامل الكهرباء أصبحت بحاجة ماسة للصيانة.
على صعيد آخر، عقد في بلدية بعلبك، اجتماع مع اصحاب المولدات الخاصة، حضره رئيس بلدية بعلبك حمد حسن، مسؤول أمن الدولة في بعلبك النقيب ذو الفقار الديراني، وممثلون عن تحري بعلبك والامن العام.
وشدد المجتمعون على « ضرورة التزام اصحاب المولدات في بعلبك بالتسعيرة التي تحددها الدولة، والطلب من المواطنين التبليغ عن اي مخالفة للقرار».
وأصدرت بلدية بعلبك التسعيرة لشهر كانون الثاني، بحسب ساعات التغذية في الاحياء، وقد تراوح بدل اشتراك 5 أمبير ما بين 45 ألف ليرة و77 ألفا، على ان تتولى الاجهزة الامنية والشرطة البلدية متابعة الامر.
شهادات من المواطنين
-تقول هاجر، إنَّ أصحاب المولدات الخاصة، لا يتوانون أبداً عن فرضِ ما يشبهِ الخوة، واكتراثهم بأمر التسعيرة الرسمية التي تضعها وزارة الطاقة شهرياً، هي مجرد فلوكلور بالنسبة الى المشتركين بمولدات الكهرباء الخاصة، فإنْ خالفوا فلا أحد يردعهم، وكلما رفعنا الصوت أكثر يهددون بقطع التيار الكهربائي.
-فيما يشير منير الى أنَّ التحرك واجب ضد مافيات المولدات، وهي قد أثمرت إيجاباً مع التغذية لهؤلاء في حين انقطاع الكهرباء الرسمية، لكن هؤلاء باتوا هم الدولة، كيف لسلعة حيوية أن تغض الدولة الطرفَ عنها، إن ختم مولدٍ واحدٍ بالشمع الأحمر كافٍ لردع الجميع، لكن يبدو أن ثمة من يسندهم.
-كتب جمال على صفحته على مسطح الفايسبوك: «أصحاب المولدات تكلفتهم حد أقصى مع الخوات وغيره 42000 ليرة ما يعني أنهم يجب أن يفرحوا بتعرفة الوزارة 60 ألف ليرة».
-يحيى كتب: «انتم سبب استفحال مافيات مولدات الكهرباء، الحد الادنى للاجور هو الف ليرة فقط لا غير، الف ليرة يتم جبايتها من المواطن من قبل اصحاب المولدات الخاصة زيادة على تسعيرة وزارة الطاقة، هل في المئة من قيمة الحد الادنى من المعاش، تذهب بغير وجه حق الى جيوب مافيات الكهرباء».
-أنطوانيت كتبت: «يا رئيس البلدية بدي احكيلك الحكاية، في مولدات كهرباء واصحابها كروشهم كبيرة لح تفقع من لقمة الفقير وفالتة بالتشبيح عل الناس، سعر تنكة المازوت نزل للثلث وبعدها تسعيرتهم باقية كما هي يا رئيس البلدية».