كتبت صحيفة “الأخبار”: ليست احوال كل من فريقي 8 و14 آذار على أفضل ما يرام. في الاول، بدأ حزب الله محاولات اطفاء الحرائق الرئاسية بين حلفائه. اما في الثانية، ورغم الهدوء الإعلامي، فلم يتبرّع احد بعد لمحاولة التهدئة. على العكس من ذلك، يتولى الرئيس سعد الحريري تحريض حكام الرياض على حليفه سمير جعجع
بعد الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، اتضحت أكثر صورة التوازنات الحاكمة للانتخابات الرئاسية، وخلاصتها: لا انتخابات من دون حزب الله، ولا انتخابات بلا تيار المستقبل.
ويُنتظر أن يبدأ الحزب اتصالاته مع حلفائه لمحاولة تخفيف حدة الخلافات بينهم، وخصوصاً بين العماد ميشال عون وكل من النائب سليمان فرنجية والرئيس نبيه بري.
في هذا الوقت، يخيّم الخلاف بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية على فريق 14 آذار. وبحسب مصادر مطلعة على أجواء الحليفين، فإن الأزمة باتت شخصية بين الرئيس سعد الحريري ورئيس القوات سمير جعجع. وقالت المصادر إن الحريري يعتبر أن جعجع خانه ووجّه إليه طعنة عبر ترشيحه عون إلى الرئاسة، رغم أن الاتفاق بين رئيسَي المستقبل والقوات قضى سابقاً بألا يلجأ الأخير إلى ترشيح عون، مقابل عدم إعلان الأول ترشيح فرنجية. وأضافت أن جعجع حاول، عبر موفده الى الرياض بيار أبو عاصي، إقناع أركان النظام السعودي بأن تفاهمه مع العماد عون يصب في مصلحة خصوم حزب الله، وأن البنود العشرة لهذا التفاهم تنص على ثوابت لطالما طالبت بها قوى 14 آذار. وسمع مسؤولون سعوديون من أبو عاصي كلاماً مفاده أن التفاهم يساهم في إبعاد عون عن حزب الله، ويخلق مشكلة داخل صفوف فريق 8 آذار. كما أنه يرفع نسبة التأييد المسيحي للقوات، كرأس حربة قوى 14 آذار بين المسيحيين. ولفتت المصادر إلى أن مسؤولين سعوديين عبّروا عن ملاحظتهم بأن بنود التفاهم العوني ــــ القواتي لا تتعارض مع شعارات حلفاء الرياض في لبنان. لكن الرئيس الحريري، بحسب المصادر نفسها، تولى “تشريح التفاهم العوني ــــ القواتي” لدى أصحاب القرار في الرياض.
وهو أكّد أن البنود العشرة تشبه النصوص العامة التي يجري إقرارها في البيانات الوزارية للحكومات التي يشارك فيها حزب الله. وبالتالي، لن تكون لدى الحزب مشكلة في تقبّل هذا التفاهم، طالما أنه يصب في مصلحته، ويوصل مرشحه إلى قصر بعبدا، ويساهم في شرذمة فريق 14 آذار. وتشير المصادر إلى أن موقف حكام الرياض بات، بعد هذا “التشريح”، سلبياً للغاية من جعجع. لكن مصادر قريبة من الحريري تقول: “لم يكن أحد في الرياض في حاجة إلى من يحرّضه على سمير جعجع. موقفهم سلبي منه منذ لحظة إعلانه ترشيح عون، رغم تدخل مسؤولين سعوديين مباشرة لديه، ومحاولتهم ثنيه عن هذه الخطوة”.
ولفتت المصادر إلى أن مقربين من الحريري باتوا يستخدمون كلاماً قاسياً بحق جعجع، علماً بأن رئيس الحكومة السابق منع نوابه ووزراءه ومسؤولي تياره من زيارة معراب. وأشارت إلى أن الحريري بات مقتنعاً بأن ما قام به جعجع، لناحية ترشيحه عون للرئاسة، له أهداف تتخطى الشأن الرئاسي لتصل إلى الخيار السياسي، في ظل التغيرات الإقليمية والدولية، وخاصة لناحية عدم سقوط النظام السوري والتدخل الروسي المباشر في سوريا، والاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية الكبرى. ويتّهم رئيس التيار الأزرق حليفه بالسعي إلى مراضاة حزب الله، ومحاولة إقامة علاقات معه، على حساب تحالفه مع قوى 14 آذار. لكن تيار المستقبل عمّم على جميع مسؤوليه أيضاً عدم تناول جعجع بسلبية في وسائل الإعلام، وعدم افتعال أي سجال مع القوات. ويلجأ نواب الكتلة الزرقاء إلى الهجوم المعتاد على حزب الله، والتحريض عليه، واتهامه بالانقلاب على الطائف، لإبقاء بوصلة التوتير الإعلامي موجهة نحو الخصوم.
لكن الذين يتحدّثون عن أجواء سلبية في الرياض لم يتمكنوا بعد من شرح أداء الإعلام السعودي مع جعجع، الذي أجرى بعد ترشيحه عون ثلاث مقابلات مع مؤسسات إعلامية سعودية، اثنتان منها يملكهما أبناء الملك سلمان (قناة “العربية” وجريدة “الشرق الأوسط”)، والثالثة (جريدة “الرياض”) تُعد الصحيفة الرسمية للنظام.
في هذا الوقت، تؤكد مصادر الحريري أن الرياض ليست في وارد بحث الاستحقاق الرئاسي اللبناني حالياً، وأنها وضعته على الرف لحساب ملفات إقليمية أخرى، كسوريا واليمن والعراق.