IMLebanon

سوريا: إستثمارات سياحية روسية.. لا تعامل بالمثل

syria-and-russia-flag
رولا عطار

يبدو واضحاً خلال مسار التفاوض الروسي السوري في شؤون الإستثمارات السياحية، والذي اكتسب زخماً إضافياً منذ بداية شهر كانون الثاني الماضي، أن روسيا لن تدخل كداعم للاقتصاد السوري وكمستثمر في مشاريعه إلا بشروط مسبقة، أي لن تقدم شيئاً مجانياً. وفي المقابل، يُلاحظ من خلال اجتماع مسؤولي البلدين بأن رجال الأعمال السوريين يريدون أن يقتطعوا حصة لهم في السوق الروسية للترويج لبضائعهم، لكن الحكومة الروسية لن تتيح لهم المجال لذلك، سوى بما يتلاءم مع سياساتها وشروطها. ويُستدل على هذا التوجه من خلال تعاطي روسيا مع رغبة هؤلاء المذكورة، وإصرارها على تمرير مشاريعها في سوريا مهما كانت الأثمان. ويعتبر الإستثمار الروسي في السياحة في سوريا، دليلاً على سياستها الإقتصادية في البلاد.

في العام 2006 أبدت شركة “سينارا- انت” الروسية، وهي واحدة من شركات الاستثمار السياحي في روسيا، رغبتها بإستثمار أجزاء من موقع “جول جمال السياحي” في محافظة اللاذقية، وقدرت تكلفة المشروع بـ 22 مليون يورو. والمشروع عبارة عن مجمع سياحي من الدرجة الممتازة بمستوى أربعة نجوم، مؤلف من جزأين، الأول يقع غرب الطريق العام للمحافظة والثاني يقع شرقها. وكانت روسيا تهدف من هذا المشروع إلى استقدام مجموعة من السياح الروس. وحصلت الشركة على الموافقة من وزارة السياحة السورية للبدء بتشييد الجزء الأول من المشروع خلال الأعوام السابقة.
أما الجزء الثاني من المشروع، فلم تحصل الشركة على الموافقة للبدء بتفيذه بعد، لأن وزارة السياحة تقوم بدراسة بعض الطلبات الإضافية التي تقدمت بها الشركة الروسية، ولم تكشف الوزارة عن تفاصيلها لكن وصفتها بأنها “طلبات ذات حساسية”. وبرغم حساسية الطلبات، الا ان “العمل جارٍ لتفعيل المشروع من جديد من خلال دراسة التسهيلات التي طلبها المستثمر الروسي وهي تتعلق بالجانب التنظيمي والاستثماري، وبعض الجوانب الأخرى المتعلقة بالجدوى الاقتصادية لهذا المشروع، سواء بالنسبة للحكومة السورية أو الروسية، وبالتالي إما أن تتم الموافقة على ما طلبه المستثمر الروسي أو يطرح المشروع لمستثمر آخر، لأنه لن يجري تنفيذ أي مشروع إلا بما يحقق مصلحة سكان محافظة اللاذقية”، على حد تعبير وزير السياحة السوري بشر يازجي، الذي لفت النظر خلال حديثه لـ”المدن”، الى ان “خسائر القطاع السياحي وصلت لحدود 300 مليار ليرة سورية (حوالي مليار دولار) سنوياً وتوقفت عن العمل 1200 منشأة سياحية”.
ومن جهته، أكد مدير شركة “سينارا- انت”، دميتري ابرين، على رغبة الشركة في الإسراع بإعادة العمل في المشروع، لاسيما في ظل ما وصفه بـ”التحسن الملحوظ للنشاط السياحي في محافظة اللاذقية”.

على ما يبدو، فإن وزارة السياحة السورية ترى أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة الاستثمارات السياحية الروسية بإمتياز، بغض النظر عما يتطلبه قيام هذه المشاريع. لكن ما يدعو للاستغراب، هو ذهاب الحكومة السورية بعيداً في تسهيل الإستثمارات الروسية، حتى وصل الأمر الى حد طلب وزير السياحة من المعاهد والمدارس الفندقية ومراكز التدريب، إقامة دورات في اللغة الروسية للطلاب، وإدراج هذه اللغة ضمن الخطة الدراسية، بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي. وأمام هذه التقديمات، يمكن السؤال حول المعاملة بالمثل، وهو ما لن يكون أبداً، بل على العكس، فإن الجانب الروسي ما زال يضيق الخناق على البضائع والخدمات السورية، حيث مازال الصناعيون السوريون ينتظرون إتفاق الحكومتين السورية والروسية على قرارات تدعم التصدير السوري الى روسيا، ومنها الإعفاءات الجمركية، وتقديم الجانب السوري لأسعار تفاضلية للسلع السورية داخل البلاد، فضلا عن تفعيل الاسطول البحري لشحن البضائع السورية الى روسيا. لكن هناك فارقاً بين ما يُخطط له على الورق، وبين ما ينفذ على ارض الواقع، ففي الواقع، لن يحصل السوريون سوى على المزيد من الشروط الروسية، وأهمها طلب رئيس الملحقية التجارية والاقتصادية في السفارة الروسية في دمشق إيغور ماتفيف، بأن يحضّر الجانب السوري قائمة بأسماء شركات متخصصة بالتعاون مع الجانب الروسي، فضلا عن اختيار بضائع ذات مواصفات جيدة. ناهيك عن ضرورة إيجاد آلية مالية ثابتة للتعامل بين الشركات من الطرفين، وهنا يأتي دور المصرف المركزي. غير ان تطبيق ما تقدّم، لم يحصل بعد من الجانب السوري، وفي الوقت نفسه، يتقدم الجانب الروسي بسرعة في مجال الإستثمارات، مدعّماً بالدعم العسكري الروسي لقوات النظام والذي لن يكون دون مقابل، حتى في السنوات المقبلة.