كتب علي حماده في صحيفة “النهار”: الرد على “تدلل” الامين العام لـ”حزب الله” في ما يتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية، و”التسلي” بمرشحيه الجنرال ميشال عون والنائب سليمان فرنجيه ومن خلالهما بقوى ١٤ آذار الاساسية التي تتنافس بهما، يكون باتفاق ١٤ آذار بقواها كافة على سحب تأييدها لأي مرشح من ٨ آذار لأن نصرالله غير مستعجل، كما أن مرشحيه عون وفرنجيه ليسا في عجلة من أمرهما، فالاول الذي نال تأييد أحد كبار معارضي التعطيل، وتهريب النصاب لانتخاب الرئيس، لن ينزل الى مجلس النواب الاسبوع المقبل، وسيبقي مع “حزب الله” على موقف التعطيل كما هو، رغم نيله تأييد قوة مسيحية كبرى كـ”القوات اللبنانية”. أما الثاني الذي يحظى بدعم شبه معلن من أكبر كتلة في ١٤ آذار تضم 35 نائباً، فلا يرى حرجا في مقاطعة الجلسة التي سيقاطعها “حزب الله”، ويعلن أنه لا يزال مرشحا للرئاسة! إذاً هؤلاء يستثمرون في التعطيل، فيما قوى ١٤ آذار تعود الى نقطة البداية، اي الى الشغور الذي كانت تقول إنها تحاربه!
ما تقدم هو لسان حال فئات واسعة من قواعد ١٤ آذار تعتبر أن الدرك الذي بلغته مواقف القوى الاساسية فيها يمثل في السياسة استسلاما كاملا لـ”حزب الله” ومشروعه، والتسليم له بأن يكون “الضابط” الامني والسياسي للبلد على النحو الذي كانته الوصاية الاحتلالية السورية لثلاثة عقود متتالية. وقد أتى خطاب نصرالله الأخير الذي رد فيه على “التسليم ” برئيس من ٨ آذار باستهزاء وفوقية، ليذكر الجميع من سعد الحريري الى سمير جعجع وصحبهما في ١٤ آذار بأننا نقف أمام حالة احتلالية لا تختلف كثيرا عن الحالة السورية السابقة. فأين الفارق بين منطق نصرالله المستقوي بالسلاح، وموقف بشار الاسد الذي كان يستقوي بالجيش السوري وأجهزته الامنية في لبنان لفرض خياراته وسياساته ومصالحه على اللبنانيين؟
ثمة من يرى انه حان الاوان لكي يعيد قادة ١٤ آذار النظر في خياراتهم، فالتنافس بمرشحين يتبعان عملياً “حزب الله” هو بمثابة تنافس على الخضوع للحزب ولإيران من خلفه. فهل هذا هو الثمن الذي ينبغي للبنانيين أن يدفعوه لمواجهة الشغور الرئاسي؟ هل مطلوب أن نسلم لبنان الى “حزب الله” ونخضع للسيد حسن نصرالله “ولياً” على لبنان للخروج من الشغور الرئاسي؟ هذا سؤال مطروح بجدية في الشارع الاستقلالي، وهو موجه الى قادة “ثورة الارز” الذين ينبغي أن يدركوا أن المعركة على الخيارات الكبرى في البلد لم تنته بعد، وان الحوار والمصالحات، على أهميتها، لا يجوز أن تحرف الأنظار عن القضية الكبرى، أي عن النضال لتحرير لبنان من كل الوصايات الخارجية والداخلية على حد سواء، بتحقيق انتصار الدولة على الدويلة، ولو بعد حين.
إننا في ١٤ آذار أمام مفترق طرق تاريخي: إما أن نعود الى القضية والى خياراتنا التاريخية ونواصل المقاومة، وإما أن نواصل مسارنا الانحداري المتواصل لينتهي بنا الامر الى الاستسلام والخضوع العملي أمام الدويلة! وعندها ربما لن يعود “المنتصر” قابلا بالمستسلمين. أليس “دلع” السيد نصرالله الرئاسي الاخير عينة أولية مما ينتظر الجميع بلا استثناء؟