Site icon IMLebanon

هل تكفي الـ1% من القروض لسد حاجات الطلاب؟

studentloan
حنان حمدان

يعاني غالبية الطلاب في لبنان، أزمة تسديد أقساط الجامعات الخاصة، وتحديداً ذوي الدخل المحدود، لاسيما إن تعذر قبولهم في كليات الجامعة اللبنانية، عندها تصبح القروض التعليمية التي تمنحها بعض البنوك، أمراً ضرورياً كمخرج للأزمة. ولكن حتى تلك القروض، تكون ضماناتها تعجيزية أحياناً فيصعب على الطالب الحصول عليها، فيما تمنح أحياناً كثيرة بنسبٍ متدنية لا تفي بالحاجة المطلوبة لتسديد كامل الأقساط. وفي الحالتين يبقى أمام الطالب خياران، إما خسارة العام الدراسي بإنتظار التسجيل في العام المقبل، وإما تأمين كفيل والحصول على قرض تعليمي. فيما يتجاوز عدد المقترضين في لبنان عتبة الـ 800 ألف مقترض مقارنة بـ 60 ألفاً في العام 1993.
“ناتالي”، طالبة ماجستير علوم إدارية في الجامعة “اليسوعية”، حصلت على قرض تعليم من بنك “عودة” يغطي نسبة 40% من الأقساط المترتبة عليها حتى تحصيل شهادة الماجستير، فيما يقوم والدها بدفع نسبة 60% المتبقية، ومن دون أية فوائد، ذلك لأن الجامعة اليسوعية أخذت على عاتقها دفع جميع الفوائد المترتبة على طلابها، كإجراء تشجيعي.
حال ناتالي كحال كثير من الطلاب الذين لم يتمكنوا من دفع تكاليف دراستهم. ومع ذلك، لا تزال نسبة القروض التعليمية الممنوحة من المصارف، منخفضة جداً. فهي تشكل نسبة 1% من مجمل القروض الممنوحة للأفراد، بينما بلغت نسبة قروض الإسكان 61% في العام 2015، وقروض السيارات 8%، وفق ما أكده رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية، جوزيف طربيه، الخميس، خلال إفتتاح “الملتقى الأول لرؤساء الصيرفة بالتجزئة” في المصارف العربية، والذي عقد في أوتيل الكورال بيتش في بيروت.
هذه الأرقام تدل على ان المصارف تفضل منح القروض بضمانات أكبر وفوائد أعلى، حيث أن فوائد قروض التعليم لا تتعدى 3% في حين تتعدى الفوائد نسبة الـ 10% في القروض الأخرى، والتي تسعى معظم البنوك إلى منحها لقاعدة عريضة من العملاء، لتقليل أو توزيع المخاطر بدل من تمركزها لدى كبار العملاء، وفق ما أكدته مدير عام وزارة الإقتصاد عليا عباس خلال المؤتمر. إذ إن “التجزئة المصرفية” باتت عصب أي مصرف في وقتنا الحالي، ومن أهم منتجاتها، القروض النقدية والسكنية والتعليمية والتأمين البنكي. فيما تشير دراسات البنك الدولي، إلى أن نحو 38% من البالغين في العالم أي ما يقارب الملياري نسمة لا يزالون خارج الأنظمة المصرفية، وغالبيتهم موجودون في دول جنوب آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يعني أن نسبة كبيرة من دول هذه المناطق، لا تزال خارج قاعدة العملاء الخاصة بالمصارف.
من ناحيته، يعتبر الأستاذ في الجامعة الأميركية في بيروت، جاد شعبان، في حديث لـ”المدن” أن “منح قروض ميسرة للطلاب بهدف مساعدتهم على إكمال تعليمهم في الجامعات الخاصة، يسهم في حل المشاكل المالية التي يعاني منها العديد من الطلاب”، ومع ذلك يجد شعبان أن “هذا الأمر له تداعياته المكلفة على الطالب والذي سيكون مضطراً ولفترة ثلاث أو أربع سنوات، إلى دفع قيمة الفوائد المترتبة على القرض، إضافة إلى قيمة القرض نفسه”. أما عن النسبة المطروحة، فيرى شعبان أن “المسألة ترتبط أصلاً بأعداد الطلاب الحاصلين على هذه القروض وليس بنسبة القروض نفسها من مجمل القروض الممنوحة للأفراد”. إذ تختلف تكاليف الجامعات في لبنان، بين جامعة وأخرى، فلا وجه للمقارنة بين تكاليف الدراسة في الجامعة اللبنانية الأميركية LAU، وتكاليفها في الجامعة اللبنانية الدولية LIU.
ومع ذلك، تبقى لدى بعض الخبراء الإقتصاديين نظرتهم الخاصة بسلوك المصارف اللبنانية الحذرة بعض الشيء في التعاطي مع الأفراد وحتى مع بعض الشركات الخاصة، رغم أن عائدات القطاع المصرفي من منح القروض للعملاء مرتفعة جداً نتيجة لتقاضيها أعلى الفوائد عالمياً، ولذلك يتساءل الخبير الإقتصادي إيلي يشوعي في حديث لـ “المدن” عن سبب التمييز الحاصل “ليس فقط في اختيار نوع القروض التي يمنحونها، وإنما في التعاطي مع القطاعين العام والخاص، حيث يكثر الحذر في التعاطي مع الشركات الخاصة والأفراد، والسبب دائماً يعود إلى ان المصارف تعمل بشكل وسيط بين أصحاب الحاجات وأصحاب الإدخار، وهذا ما يعد طبيعياً إلى حد ما. إلا أن القطاع المصرفي نفسه يتعامل بسلاسة مطلقة مع القطاع العام نظراً للفوائد السهلة التي يحصلها من دون توجيه، أي ملاحظات الى المؤسسات العامة” من هنا ينطلق يشوعي ليؤكد على إستنسابية التعاطي المصرفي في هذا الشأن، ولذلك من غير المستغرب تفضيل المصارف تشغيل أموال المدخرين في بعض منتجات الصيرفة بالتجزئة دون سواها.