وصف مصدر عسكري لصحيفة “النهار” العملية الاستباقية النوعية التي نفذها الجيش في محيط عرسال بأنها العملية الكبرى للجيش ضد “داعش” في منطقة جرود عرسال من حيث الحجم وعدد الموقوفين والقتلى منذ خاض اشتباكات هناك صيف عام 2014.
وذكرت “النهار” ان العملية العسكرية الاستباقية نفذت فجر أمس في أحد مخيمات اللاجئين السوريين في محلة وادي الارانب جنوب غرب عرسال بعد توافر معلومات للجيش عن تحضير مجموعات تابعة لـ”داعش” في هذا المخيم لعمل أمني يرجح انه عملية تفخيخ او تفجير يستهدف الجيش والمنطقة.
وبعد تطويق المخيم والمنطقة حصلت العملية وتخللتها اشتباكات بين القوة العسكرية ومجموعات من المسلحين تمكن الجيش بنتيجتها من تسديد ضربته إلى التنظيم الذي تكبد ستة قتلى وأوقت منه 16 ارهابياً وصودرت كميات من الأسلحة والقنابل اليدوية والذخائر والأحزمة الناسفة وآليتان، كما دهم الجيش مستشفى ميدانياً. وتبين ان بين قتلى التنظيم قادة بارزين في “داعش” من الجنسية السورية أحدهم الارهابي أنس خالد زعرور، كما ان بين الموقوفين الارهابي احمد امون.
وأعلنت قيادة الجيش ليلا انه بعد التدقيق في هويات الموقوفين، تبين ان أسماءهم هي كالآتي: فريد حسين المنصور، مدين فريد المنصور، مسعود محمد بكير، حسن حسين عمر، محمد خالد الساعود، محمد سهيل نجم، محمد جمعة الشافي، محمد أحمد الجبي، فراس نواف زيدان، محمود علي جمعة، فراس عمر عمر وهؤلاء الموقوفون جميعهم سوريون ينتمون إلى مجموعة الإرهابي أحمد محمد أمون.
واذ فسرت العملية الاستباقية بانها رسالة حازمة الى “داعش” بأن الجيش لن يتهاون اطلاقا مع أي محاولات يقوم بها للتسلل الى عرسال “لاقامة إمارة فيها” أو قلب الواقع الميداني في المنطقة، علم ان الاجراءات التي يتخذها الجيش توحي بأنه مستعد لأقصى الاحتمالات، علما ان الوضع الميداني هو تحت سيطرته الكاملة. وكشفت “النهار” أن الجهات الرسمية تراقب التطورات الميدانية في عرسال وسط حذر من دفع الامور هناك الى مواجهة واسعة مع الجيش في سياق المواجهة القائمة حاليا بين “جبهة النصرة” وتنظيم “الدولة الاسلامية”.
من جهتها، ذكرت صحيفة “الأخبار” انه في الأيام الماضية علمت استخبارات الجيش اللبناني أن خليّة لـ”داعش” يقودها أحمد أمّون تضمّ القياديين أبو بكر الرقاوي (أبو هاجر) وأبو الفوز وخالد محمد السالم، تجتمع دورياً في “مخيّم الخير” داخل وادي الأرانب، وتصدر قرارات بأعمال اغتيال وخطف وسرقة وتفخيخ واعتداء على الجيش، ليجري تنفيذها في اليوم التالي.
وليل الثلاثاء ــ الأربعاء، رصدت استخبارات الجيش تحركات مشبوهة لمجموعة أحمد أمّون مع عدد من العناصر الإرهابية، بهدف القيام بعمل أمني، رجّحت مصادر معنية لصحيفة ”الأخبار” أن يكون استهدافاً لأحد مراكز الجيش. وعلى الفور، اتخذ القرار بعملية عسكرية استباقية، فتحركت وحدات الجيش مع أولى ساعات الصبّاح ونفّذت انتشاراً كبيراً داخل البلدة وقطعت الطرقات ومعبر وادي حميد، بمشاركة من مختلف صنوف الأسلحة والمروحيات، وفرضت طوقاً أمنياً على “مخيّم الخير”، وبدأت بعمليات الدهم بالتزامن مع استهداف مدفعي لمواقع “داعش” و”النصرة” في وادي ميرا والزمراني والعجرم وخربة داوود ومرطبيا في جرود عرسال وجرود راس بعلبك لتشتيت الإرهابيين.
وبعد اشتباكات دامت لأكثر من ثلاث ساعات، تمكّن الجيش من قتل الإرهابي أنس خالد زعرور وإصابة خالد السالم مسؤول التموين في “داعش”، الذي نُقل إلى أحد مستشفيات بعلبك وحالته حرجة، وإصابة “أبو هاجر” وعدد آخر من الإرهابيين، وتوزّع قتلى وجرحى التنظيم لاحقاً على مستشفى “دار السلام” التابع للشيخ مصطفى الحجيري (المعروف بأبو طاقية) ومستشفيات ميدانية أخرى في المخيمات.
كذلك أوقف الجيش 11 مطلوباً، بينهم مشاركون في الاعتداء على مراكز الجيش في 2 آب 2014، وصادر كميات من الأسلحة والأحزمة الناسفة وكواتم الصوت التي كانت تستعمل في عمليات اغتيال الأهالي. كذلك دهم الجيش عدّة منازل في محلة الجمارك وصادر عدداً من الآليات الرباعية الدفع بداخلها أسلحة، وأوقف 7 مطلوبين، وعثرت على جثّة مواطن سوري في إحدى السيارات.
مصادر أهلية من داخل البلدة أكّدت لـ”الأخبار” أن “ما قام به الجيش أعاد إلينا الأمل بعودة الدولة والأمان”، مصيفةً أن “غالبية الأهالي والنازحين السوريين يخافون من سطوة السلاح التي يفرضها الإرهابيون، وبقاء السطوة داخل البلدة تسمح للإرهابيين بتجنيد الشبّان الصغار في صفوفهم وسط حالة البطالة الموجودة والوضع الاقتصادية المزرية”.
وقالت المصادر إن “عدداً كبيراً من الأهالي مستعدّون لدعم الجيش وحمل السلاح إلى جانبه إذا اضطر الأمر”.
مصادر معنية أكّدت لـ”الأخبار” أنه “في السابق جرى البحث في إمكانية تسليح الأهالي وتشكيل نوع من اللجان الشعبية لدعم الجيش من داخل البلدة، إلّا أن المؤسسة العسكرية تفضّل هي تولّي زمام المبادرة ورفع هذا العبء عن الأهالي لأن الجيش قادر على طرد الإرهابيين، ولكن إن ظهر أنه هناك حاجة ميدانية في المستقبل لدعم الأهالي، فلن يكون هناك أي عائق في تسليحهم”.
كذلك عزّز الجيش مواقعه في كل المراكز المواجهة لراس بعلبك والقاع، وذكرت المصادر أنه استقدم أكثر من 40 راجمة صواريخ وقطع مدفعية تحسّباً لأي ردّ فعل أو هجوم محتمل باتجاه منطقة القاع ردّاً على العملية التي نفّذها.
بدورها، اعلنت مصادر عسكرية لصحيفة ”المستقبل”، إن “عملية الجيش اللبناني في عرسال كانت خاطفة وسريعة وأُنجزت في اقل من ساعة”.
وتقول المصادر نفسها، “ان العملية نُفّذت فجراً في وادي الأرانب (جنوب غرب عرسال)، حيث قطع الجيش الطرقات وطوّق المنطقة من 3 جهات (عَقْبة الجرد وعَقْبة المَبيضة ووادي حميد)، ودهم مقر المجموعة الإرهابية وقتل 6 إرهابيين واعتقل اكثر من 20 عنصراً وقيادياً في التنظيم وصادر كميات الاسلحة”.
مصادر متقاطعة اكّدت لـ”المستقبل”، ان “عملية الجيش حملت رسائل متعددة الاتجاه”: اولاً، هي رسالة واضحة إلى تنظيم داعش الإرهابي، ومفادها ان الجيش لن يسمح للإرهابيين باختراق عرسال، وبأن الخلايا الإرهابية ستكون ملاحقة أمنياً حتى يتم القضاء عليها. وثانياً، هي رسالة إلى الداخل اللبناني، ومفادها أنّ الجيش هو الوحيد المخوّل الدفاع عن عرسال وأهلها”.