سلوى بعلبكي
ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر انخفاض أسعار المواد الاستهلاكية والنقل على نحو مواز لانخفاض أسعار النفط العالمية. ولكن يبدو أن الترجمة العملية لهذا الامر ستقتصر على ربطة الخبز التي زاد وزنها 50 غراماً، فيما لا تزال تعرفة النقل (السرفيس) تجول في أروقة وزارة الاشغال والنقل للخروج بتعرفة ترضي السائق والمواطن على حد سواء. ويتزامن هذا الامر مع بالون اختبار أطلقه السائقون عبر تلويحهم بزيادة التعرفة الى 2500 ليرة.
ترجم انخفاض سعر برميل النفط بنسبة 70% عن مستوياته في 2014، انخفاضاً محلياً بأسعار سعر صفيحة البنزين الى ما دون الـ 20 ألف ليرة، وسعر المازوت الى 9700 ليرة. ولكن في المقابل، لم تكن الترجمة على مستوى اسعار السلع والخدمات موازية، فيما لا تزال تعرفة النقل تنتظر قرار وزير الاشغال العامة والنقل غازي زعيتر الذي ينتظر بدوره التقرير الذي تعده مديرية النقل في الوزارة عن مكوّنات تعرفة النقل ليبني على الشيء مقتضاه وفق ما قال لـ “النهار”. ولكن يبدو أن النقاش في أروقة السائقين يدور حول انعكاس خفض التعرفة على معيشتهم، لذا تتكثف الاجتماعات للخروج بموقف موحد خصوصاً ان بعضهم يرفض الخفض، لا بل يذهب أبعد من ذلك ملوحاً بالمطالبة بزيادة التعرفة الى 2500 ليرة. وينطلق هؤلاء مما يعانيه قطاع النقل من فلتان، معوّلين على الاجتماع المقرّر أن تعقده اللجنة – التي انبثقت من الاجتماع الاخير مع الوزير زعيتر، مع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق للبحث في موضوع المخالفات وحماية القطاع من التزوير والتعديات، وتطبيق القانون المتعلق بالسيارات غير اللبنانية التي تنافس اللبنانيين في عقر دارهم، اضافة الى تطبيق خطة النقل عبر القرارات التي تصدر عن وزير الأشغال العامة والنقل، والتي لا تحتاج إلى مجلس الوزراء، وكذلك عبر المراسيم التي تُعدّ مع الوزير المختص.
ويظهر الحديث مع نقيبي سائقي السيارات العمومية في لبنان بسام طليس وعبد الأمير نجدة مدى التفاوت في آراء السائقين في ما يتعلق بمصير التعرفة، وإن كانت آراؤهم موحدة حيال ما يعانيه السائقون من مشكلات تنظيمية تتعلق بالقطاع، ومعيشية باتت أسبابها معروفة لدى الجميع. فالاخير يرفض البحث في خفض التعرفة، لا بل يؤكد أن النقابة تنتظر لقاءها مع الوزير زعيتر، لكي تطالب بزيادتها الى 2500 ليرة، فيما يؤكد طليس أن السائقين جاهزون لأي حوار أو نقاش على ضوء التقرير الذي تعده الوزارة، مشيراً الى أن النقابة ستبدي رأيها في الموضوع سلباً أم ايجاباً بعد دراسة التقرير بتأن لمعرفة مدى الانخفاضات او الارتفاعات التي طرأت على الاسعار عموماً. وفيما يرفض الوزير زعيتر الدخول في مناقشات مع السائقين عبر وسائل الاعلام، يؤكد أن دراسة تقرير المديرية سيحدد موقف الوزارة على نحو عادل بالنسبة الى المواطنين والسائقين على حد سواء. أما نجدة فيورد الاسباب التي تدفع السائقين الى المطالبة بالزيادة، ومنها ان المردود الذي يحقّقونه من عملهم لا يكفيهم لتوفير قوت يومهم. فكل سائق يُقِلّ نحو 50 راكبًا يوميًّا، اي ان مردوده 100 الف ليرة يومياً، يذهب منها نحو 30 ألفاً (صفيحة ونصف صفيحة بنزين)، ونفقات تصليح السيارة التي تبلغ نحو 10 الآف ليرة يومياً، علماً أن سعر صفيحة البنزين لا يشكل سوى 17% من التعرفة، ويسأل كيف سيعيش السائق مع عائلته بما تبقى من هذا المردود؟. وإذ يؤكد أن السائقين يعانون كما غيرهم من المواطنين غلاء المعيشة، يلفت في الوقت عينه الى أنهم لطالما كانوا مرنين مع تطورات الأسواق النفطية. وأشار الى انه في عام 1996 كانت التعرفة بـ 1000 ليرة وفي عام 2000 ارتفعت الى ألفي ليرة، بعدما أوقفوا السيارات التي تعمل على المازوت، وبعد أشهر عدة عادت وانخفضت الى 1500 ليرة مع انخفاض اسعار البنزين في 2008، ثم عادت الى الارتفاع في 2009 الى ألفي ليرة، علماً اننا لم نعمد الى رفع التعرفة مع وصول سعر صفيحة البنزين الى 36 الفاً في تموز 2014.
ولكن هل المطالبة برفع سعر التعرفة الى 2500 ليرة جدية؟ يؤكّد نجدة نيّة السائقين المطالبة بهذه الزيادة، إلا في حال العودة الى الدعم الذي كان مقررا في عهد الوزيرة السابقة ريا الحسن، والذي يقدر بـ 400 ألف ليرة شهرياً، إذ تم تسديد مليون و200 الف ليرة فقط بسبب عدم التجديد لهذا القرار في مجلس النواب. واستند نجدة الى احصاءات وزارة الاقتصاد ليؤكد أن مؤشر غلاء المعيشة ارتفعت نسبته منذ عام 1996 حتى 2015 نحو 131%، وسأل “لماذا لا يفرضون على المدارس خفض كلفة نقل التلامذة؟. وكذلك الأمر بالنسبة إلى أصحاب المولدات الكهربائية وتجار المواد الغذائية الذين زادوا أسعارهم بحجة ارتفاع كلفة نقلها”؟.