دخل مشروع مقدمي الخدمات، منذ ليل الأربعاء، طريق “اللاعودة”، بعد إنتشار خبر محاولة بعض الجهات السياسية التأثير على اللجنة المكلفة من قِبل إدارة المؤسسة بمراقبة وتقييم أعمال مقدمي الخدمات (اللجنة المعروفة بلجنة الـ SP)، والتي تعمل بموازاة عمل شركة “نييدز” الإستشارية NEEDS . وكانت اللجنة المؤلفة من 5 أعضاء، قد أصدرت توصياتها بعدم تمديد عقد مقدمي الخدمات “وإن ليوم واحد”، وفق ما تقوله مصادر “المدن” في مؤسسة الكهرباء.
عضوان من أصل 5 أعضاء في لجنة الـ SP صوتوا لصالح التمديد، في حين ان 3 أعضاء رفضوا ذلك، لتنطلق عملية الضغط السياسي عن طريق عقد إجتماع في مؤسسة الكهرباء، علّ الضغوط تقلب الموازين، وترجّح كفة قبول التمديد. ومع غموض النتائج حتى الساعة، الا ان أجواء عدم التمديد تطغى على المشهد، خاصة وان نقابة عمال ومستخدمي مؤسسة كهرباء لبنان، كانت قد أوضحت عبر بياناتها المتعاقبة، ماهية مشروع مقدمي الخدمات والتجاوزات الحاصلة عبره، خاصة في موضوع هدر الأموال العامة على مدى أكثر من 3 سنوات، بحجة إصلاح قطاع الكهرباء.
وفي حال إستمرار الرفض والخلوص الى عدم تمديد العقد، فإن مؤسسة الكهرباء ستنتقل الى تنفيذ الخطة البديلة، والتي تقوم على إكمال العمل عبر المياومين، أي عودة الوضع كما كان عليه قبل مقدمي الخدمات، حيث كان المياومون تحت إشراف المؤسسة مباشرة. لكن تعديلات بسيطة يُنتظر ان تتم في النسبة التي يتقاضاها المياومون على كل فاتورة مجباة. حيث سيتقاضى المياومون 2.5% من قيمة كل فاتورة، في حين كانت النسبة قبل مقدمي الخدمات 1%. ويعود إرتفاع النسبة بحسب المصادر، الى الرغبة في “تحفيز الجباة من أجل تحصيل أكبر قدر من الفواتير”. وتجدر الإشارة الى انه وبرغم رفع هذه النسبة، الاّ ان كلفة الجباية على مؤسسة الكهرباء، تبقى “أقل بكثير” من كلفتها في عهد مقدمي الخدمات. وعن المياومين الذين نجحوا في إمتحانات التثبيت، تقول المصادر ان من نجح سيدخل الى ملاك المؤسسة حكماً، والباقي سيكون في عداد المياومين، كما في السابق.
هذه المعلومات التي تؤكدها المصادر، لم تجد من يؤكدها أو ينفيها من مقدمي الخدمات، حتى ان مستشار مشروع تنظيم التوزيع الكهربائي (NEEDS) منير يحيى، رفض التصريح لـ “المدن” معتبراً انه “ليس لديه ما يفيد به”. ويمكن القول بأن إرتفاع مستوى التوتّر في هذا الملف، يدفع المعنيين به الى عدم التصريح بأي شيء، ريثما تتّضح الأمور على ضوء الإتصالات السياسية.
غير ان مصادر “المدن” في شركة دبّاس (إحدى شركات مقدمي الخدمات) تؤكد ان الوضع “محتدم” وان هناك “شد حبال”، لكن لا شيء نهائياً حتى الآن. وتشير الى ان الشركات ستستمر بالعمل حتى شهر آب، حتى وإن أعلنت مؤسسة الكهرباء قرارها بعدم تمديد العقود، لأنه جرى تمديد العقود في وقت سابق، لمدة أربعة أشهر إضافية، كتعويض من المؤسسة لمقدمي الخدمات عن فترة إضراب المياومين وعدم قيامهم بأعمالهم خلال فترة الإعتصامات المطالبة بإقرار قانون التثبيت. وقد تذرعت الشركات حينها، بأن الاعتصامات أضرت بمصالحها وأخّرت أعمالها لأربعة أشهر. لذلك، وافقت مؤسسة الكهرباء على التعويض عن فترة التظاهرات، بتمديد العقود 4 أشهر، حيث كان من المفترض ان تنتهي العقود رسمياً في شهر نيسان القادم. وتضيف المصادر، ان مؤسسة الكهرباء خالفت العقد الموقع مع الشركات لناحية عدم تبليغها قرار التمديد او عدم التمديد قبل 6 أشهر. أي ان على المؤسسة ان تبلغ الشركات قرارها في شهر تشرين الأول المنصرم إذا اعتمدنا شهر نيسان كمهلة إنتهاء العقد. اما اذا اضفنا الأشهر الأربعة، فيصبح على المؤسسة ان تبلغ الشركات قرارها في شهر شباط الحالي. وهذا ما يعقّد الامور أكثر، إذ ان المؤسسة وصلت الى حائط مسدود قانونياً، إلا إذا كانت التسويات السياسية كالعادة أقوى من القانون، وتمكنت الأطراف المعنية من التوصل الى اتفاق يمدد أو ينهي العقد بناءً على معطيات جديدة.
ماراثون التفاوض والضغوط، إستمر حتى صباح الخميس، حيث إنتهى بشكل “شبه رسمي، لكن لم يُعلن بعد”، وقضت النهاية بموافقة “كامل أعضاء لجنة الـ SP، بعد تقديم نييدز لتوصياتها بعدم التمديد”، وهذا التوافق السلبي دفع بـ “مستشاري وزير الطاقة أرتور نظريان الى سؤال نييدز والمعنيين في المؤسسة عن سبب التوصيات الإيجابية السابقة بحق مقدمي الخدمات وبحق مشروع العدادات الذكية، في حين ان الجميع اليوم إتفق على عدم التمديد وعدم فعالية المشروع”، وعليه، تقرر “عقد إجتماع في وزارة الطاقة يوم غد الجمعة لبحث ما وصلت إليه الأمور، وإطلاع نظريان على الملف”.
إستناداً الى ما يدور في الأروقة وفي العلن، يتجه مشروع مقدمي الخدمات الى نهايته. لكن هذه النهاية يفترض ان تكون بداية لفتح كل الملفات المتعلقة بالمشروع، من نقطة البداية حيث كانت الأصوات متوافقة جميعها على ضرورة تنفيذ المشروع، وصولاً الى الهدر وعدم إتمام المهام بالشكل المطلوب. وهذا الأمر يستدعي تحقيقات نزيهة، تقوم بها الأجهزة الرقابية، وتتعاون فيها وزارتا الطاقة والمالية. ودون هذه الخطوة، يكون المشروع قد مرّ، ومرّت معه الشوائب، وقيل لأصحاب المشاريع القادمة: تصرّفوا كما يحلو لكم، فليس هناك من يحاسب.