رأى خبراء ومحللون في مجال الضرائب الدولية أن الولايات المتحدة الأمريكية تتحول إلى «جنة للضرائب المتهربة في العالم»، من خلال إخفاء استثمارات الأجانب في أراضيها عن حكوماتهم، بينما تراقب هي عن كثب استثمارات مواطنيها خارج البلاد.
وأشار الخبراء إلى أن الولايات المتحدة، التي تمتنع عن توقيع «اتفاقية المساعدة الإدارية المتبادلة في المسائل الضريبية»، المُعدّة من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمي، والمجلس الأوروبي، باتت الوجهة المفضّلة لأغنياء العالم، الباحثين عن ملجأ جديد لثرواتهم.
واعتبر روبرت غولد، الباحث الأول في مركز تحليل الضرائب في ولاية فرجينيا الأمريكية، وأخصائي السياسات الضريبية، إرغام الولايات المتحدة المؤسسات المالية الأمريكية في الخارج على تقديم معلومات عن أنشطتها، وعدم تطبيق القاعدة نفسها على الشركات العاملة داخل أراضيها، بأنه «نفاق»، لافتًا أنها «لا تمتثل للقيم التي تروّج لها».
وقال غولد إن «قانون الامتثال الضريبي على الحسابات الأمريكية الخارجية (FATCA)، لا يُطبّق بشكل متبادل، حيث أن البنوك الأمريكية غير مُلزمة بمشاركة المعلومات المتعلقة بالمستثمرين الأجانب، على عكس البنوك الموجودة في البلدان الأخرى، والسبب في ذلك واضح جدًا، وهو أن اقتصادنا يستفيد من هؤلاء المستثمرين».
وفي معرض ردّه على سؤال حول عدم تمكن الضغوط الدولية من إقناع الولايات المتحدة الأمريكية للانضمام إلى «معايير التقارير المشتركة»، شأنها شأن سويسرا، أوضح غولد أن «المكسيك تقدمت بعدة مبادرات في هذا الشأن، حيث كشفت أن العديد من الأشخاص ذوي الدخل المتوسط والمرتفع في البلاد، يستثمرون أموالهم في البنوك الأمريكية للتهرب من دفع الضرائب».
من جانبه قال أندرياس كنوبل، مستشار الضرائب في شبكة العدالة الضريبية في انكلترا «الولايات المتحدة الأمريكية تُسهّل أعمال المتهربين من الضرائب»، مضيفًا أنها «تساهم في تسهيل عمليات تهريب الضرائب وغسيل الأموال، بسبب عدم وجود سجلات رسمية للشركات المساهمة، ونظام مركزي لجمع المعلومات».
ولفت إلى أن معارضة الولايات المتحدة الأمريكية بشدّة لمعايير التبادل التلقائي للمعلومات لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في الميدان الاقتصادي، يزيد الوضع سوءًا، مبينًا « أن ما تقوم به الولايات المتحدة ومثيلاتها في هذا المجال دليل على أنها تريد منع التهرب الضريبي لمواطنيها فقط، فهم لا يقومون بأي إجراء تجاه التهرب الضريبي للاجانب المقيمين لديها، حتى أنهم يريدون جذب أموالهم دون النظر إلى مصادرها».