قالت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان السفيرة كريستينا لاسّن لـ”السفير” إنه يبدو أن تركيز مؤتمر لندن على محورين أساسيين للتمويل هما: التعليم وخلق فرص عمل للنازحين في لبنان والأردن وتركيا، سيكونان أولويتين أوروبيتين في المدى المنظور.
وتقول لاسن إن”مؤتمر لندن للمانحين له أهمية خاصة لأنه مختلف تماما عن بقيّة المؤتمرات، وخصوصا تلك التي انعقدت في العامين الأخيرين في الكويت، والتركيز هذه المرّة لا ينصبّ على النازحين فحسب بل على البلدان المضيفة، وقد أعدّت الحكومة اللبنانية ورقة مهمة ركزت فيها على التربية والتعليم وخلق فرص عمل جديدة، ونحن نتعاون كاتحاد أوروبي من أجل استجابة أكبر لمشكلة النازحين”.
وردّا على سؤال عن أن مشكلة النازحين في لبنان لها بعد ديموغرافي وبالتالي سياسي، وتمويل مؤسسات لتشغيل السوريين لأمد طويل يفسّر أنه توطين مقنّع تقول لاسّن: “ما نريده في النهاية هو حل للأزمة، وجميع السوريين عليهم أن يعودوا الى ديارهم. لكن، حتى لو حلّ السلام غدا في سوريا فإنّ هؤلاء لن يعودوا فوراً، وبالتالي كان على المجتمع الدولي التأكد من أن هؤلاء يعيشون في ظروف جيدة وغير متروكين بلا علم ولا عمل وفي ظروف سيئة”.
تضيف: “لقد اقترحت الحكومة اللبنانية بعض البرامج المهمة، وخصوصا لعمل هؤلاء في قطاعات معينة منها البناء والزراعة”.
تتحدث لاسّن بحماسة عن زيارتها منذ يومين الى نازحين يعيشون في الكواشرة في عكار وتقول: “كان هؤلاء ممتنّين كيف يعاملهم الشعب اللبناني، وكانوا يرددون أنهم يريدون العودة فورا الى سوريا”.
لكن، هذا الكلام يقوله أيضا اللاجئون الفلسطينيون الى لبنان منذ العام 1948 في حين أن الأونروا أغلقت مكاتبها أخيرا؟
تجيب لاسّن: “أفهم جيّدا شعور الشعب اللبناني نظرا الى خبرته الطويلة مع النزوح، لكن يؤسفني القول إن الفلسطينيين لديهم وضع صعب جدّا لأنه ليس واضحاً أين يذهبون، وبالتالي من الصعب عودتهم حاليا الى بلدهم بعد مرور كل هذا الوقت بسبب عدم وضوح الوضع، أما السوريين فلديهم وطنهم”.
ولم لا تفتح مؤسسات مماثلة لتشغيل النازحين السوريين في أوروبا؟
تقول لاسّن: “إنّ الفكرة مثيرة للاهتمام في لبنان، لا سيما في مشاريع تتعلّق بالزراعة والبناء قدّمتها الحكومة اللبنانية عبر الورقة في مؤتمر لندن، وليس نحن من قدمناها، وبالتالي فإنّنا كاتحاد أوروبي نعطي الحوافز، وهذا ما يصبّ إيجابيا في صالح النموّ الإقتصادي في لبنان، وبالتالي إنها مكسب للجميع”.
وعمّن سيدير هذه المؤسسات، تقول لاسّن “إنه برنامج للحكومة اللبنانية، وهي التي ستحدد هذه التفاصيل ولا علم لي بها”.
وتشرح: “الوضع في أوروبا مختلف، فما إن يحصل اللاجئ على بطاقة اللجوء فإنه يحصل على كلّ شيء ويتمّ دفع مصاريفه كلّها، رواتب وسكن ومدارس وجامعات وتدريب. القواعد مختلفة بين بلداننا في هذا المجال”.
وعن كيفية إسهام الاتحاد الأوروبي بمساعدة لبنان والجيش اللبناني، تقول لاسّن: “نحن نواجه العدو ذاته في أوروبا ولبنان، وبالتالي يجب تحسين تعاوننا، ونحن نحتاج الى تبادل الخبرات. أجرينا حوارا أول منذ فترة وثان في الأسبوع الماضي بحضور ممثلين عن معظم الوكالات الأمنية الأوروبية واللبنانية المتخصصة، وبعض الأمور التي ناقشناها تتعلق بإدارة الحدود وضبطها وأمن مطار بيروت الى إصلاحات في النظام القضائي حيث ثمة إصلاحات عدة يمكن إدخالها مما يصبّ في صالح الجهود المبذولة من أجل مكافحة الإرهاب، ونحن نتعاون في المجال الأمني مع جميع الأجهزة اللبنانية، من قوى أمن داخلي وجيش والأمن العام وخصوصا في إدارة الحدود، ولدينا تعاون في التدريب والتجهيز وبناء القدرات، والدعم يختلف من مؤسسة أمنية الى أخرى”.
وعن المقاتلين الأجانب في سوريّا والمطلوب من لبنان بشأنهم، تقول: “مشكلة المقاتلين الأجانب تطاول الجميع، ومن التدابير التي نتخذها قطع التمويل وتحسين إدارة الحدود، وخصوصا عبر المطارات وغيرها مما نتعاون به مع لبنان”.
تضيف: “يبقى الحفاظ على استقرار لبنان أولوية أوروبية قصوى. أما التركيز الأوروبي المقبل فينصبّ على النمو الاقتصادي والتربية والتعليم وكل ما من شأنه مساعدة البلد على الاستقرار وبالطبع محاربة الإرهاب والتعاون بالنسبة الى مشكلة الهجرة الى أوروبا”.
وعن العلاقة الأوروبية مع إيران حالياً وتأثير ذلك على علاقة الاتحاد الأوروبي بـ “حزب الله”؟
تشير لاسّن الى أن “الاتفاق النووي مع إيران شكّل انتصاراً كبيراً للديبلوماسيّة، والممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية الأوروبية فيديريكا موغيريني بذلت جهودا قيّمة في المفاوضات التي جرت مع إيران، ولقد وفى الإيرانيون بالكثير مما وعدوا به، وبالتالي رفع الاتحاد الأوروبي العقوبات المتعلقة بالملف النووي ونحن نطبّع العلاقات تدريجيا. بالنسبة الى حزب الله، لم أسمع أنه ستكون انعكاسات للتطبيع مع إيران على الحزب. هذان موضوعان مختلفان تماما”.
وردّا على سؤال حول لقائها بمسؤولين في “حزب الله” وكيف يمكن التفريق بين جناحين في “حزب الله” من قبل أوروبّا، تقول لاسّن: “نحن نجتمع بكل ممثلي الأحزاب اللبنانية، وهذا القرار الذي اتخذه رؤساء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في تموز 2013 بإدراج الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب لا يزال ساري المفعول، ولا أعتقد أن أحداً يفكر به الآن، وهذا أمر يتخذ على مستوى الاتحاد الأوروبي ولا علاقة لنا به في لبنان”.
وعما إذا كان الفراغ الرئاسي يضع عوائق أمام المشاريع التي ينجزها الاتحاد؟
تقول لاسّن: “بالطبع الفراغ الرئاسي يؤثر على كلّ شيء هنا، فالبلد يحتاج الى رئيس للجمهوريّة، ونحن طالما دعونا الى الإسراع في انتخاب رئيس، سواء في الاتحاد الأوروبي أو ضمن مجموعة الدعم الدولية للبنان، أو مع سفراء الدول الكبرى الذين أصدروا بيانا في هذا الشأن بعد دعوة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي منذ يومين. إن وجود رئيس مهمّ لسير عمل المؤسسات. صحيح أن البلد يعمل الآن الى حدّ ما، لكن ثمة شعوراً بأنّ بعض المؤسسات لا تعمل جيّدا بسبب تداعيات هذا الفراغ، وبالطبع ثمة تأثير لهذا الفراغ على المشاريع الأوروبية. صحيح أنها لم تتوقف، لكنّ من الصعب الاستمرار فيها بسبب بعض التفاصيل التي تحتاج مثلا الى انعقاد مجلس النواب للموافقة على إصلاحات نعمل عليها”.