أشارت الوكالة “المركزية” إلى أنّ من يتسنى لهم عقد جلسات مع الدبلوماسيين العرب والغربيين في بيروت أخيراً يُلاحظ انّ بعض هؤلاء يتحدث عن حكومتين، حتى انّهم في معرض استفسارهم عن شأن معين، يزورون رئيس حكومة المصلحة الوطنية تمام سلام، ثم يتوجهون الى وزارة الخارجية لاستطلاع رأي “الحكومة الثانية” على ما يسمونها ويقصدون بها حزب الله والتيار الوطني الحر الذي يعبّر عن مواقفه ويعتبرونه الناطق غير الرسمي باسمه.
وتقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية” انّ ما يجري على مستوى السلطة التنفيذية يذكّر السفراء في بيروت بمرحلة السلطتين والحكومتين، حكومة العماد ميشال عون الانتقالية حينما كان قائدا للجيش وحكومة الرئيس سليم الحص، حتى انّ الشعور نفسه ينتاب المسؤولين السياسيين الذين يزورون لبنان ويجدون أنفسهم مضطرين لزيارة السراي والخارجية، اذا ما ارادوا تكوين صورة حقيقية عن الوضع والموقف اللبناني في اي مسألة او قضية.
وتضيف انّ مجمل السفراء يتعاطون مع الدولة من منطق المواقع ووجود حكومتين، الاولى شرعية برئاسة الرئيس تمام سلام مدعومة من رئيس مجلس النواب نبيه بري والمكونات السياسية، والثانية رديفة من اطراف في 8 آذار يديرها وزير الخارجية جبران باسيل ووزراء حزب الله والتيار الوطني الحر، بما يحمل السفراء على التعاطي مع سلام وباسيل كل على حدة، اذ لكل منهما اعتباراته ورؤيته للملفات والقضايا، ولا قرارات مركزية، حتى ان الاداء يأتي من خارج سياق البيان الوزاري، بدليل المواقف التي سجلت على هامش سلسلة الاجتماعات العربية التي عقدت حول الاعتداء الايراني على القنصلية السعودية في طهران و”غرد فيها لبنان خارج السرب العربي” الموحّد.
وتعتبر المصادر انّ الحال هذه ترخي بثقلها على مجمل المؤسسات في الدولة، حيث يشعر اللبنانيون بغياب الرقابة والمحاسبة وهذا الواقع الذي تصل أصداؤه الى الدبلوماسيين يشكل خطرا وجوديا على لبنان الدولة والمؤسسات المتجهة انحداريا نحو الانحلال التام اذا لم يوضع حد للانهيار، مشيرة الى ان السفراء يلمسون خلال لقاءاتهم مع المسؤولين السياسيين انّ بعض الفئات تستغل الفوضى والتسيّب لتحقيق مآرب سياسية تفرض “امرا واقعا” تصعب بعد ذلك ازالته من خلال التعيينات والتشكيلات في المؤسسات التي تتسم بواقع حساس له بالغ التأثير على المجريات العامة والقرار.
وليست “الصحوة” المسيحية الاخيرة تجاه بعض المواقع المسيحية في ادارات الدولة سوى الدليل الحسي الى ما يجري في هذه الادارات، اذ يشير الدبلوماسيون باستغراب الى عدم التنبه الى الواقع المستجد بعد سلسلة اجراءات في هذا الاتجاه وصمت بعضهم عن هيمنة طائفية كاملة في بعض المواقع التي يعتبرها بعض المسؤولين مثابة املاك خاصة يتصرفون بها على هواهم ويجرون مناقلات وتشكيلات لا تراعي الا مصالح طائفية او سياسية لفئات دون اخرى، حتى انّ البعض يسأل عن اسباب عدم نشر لوائح بأسماء المسؤولين في هذا الموقع او تلك الوزارة لا سيما بعد المؤتمرات الصحافية الاخيرة. ويختمون بالدعوة الى التنبه لخطورة الوضع الذي لن يضع حدا له الا رئيس جمهورية ينتخب في أسرع وقت ويبدأ “مشوار” اعادة الامور الى نصابها والدولة الى انتظام عملها والا فلا مفر من الإنهيار المحتّم.