تكشف مصادر سياسية عربية في باريس اطلعت على معظم جوانب لقاءات الرئيس الايراني حسن روحاني مع المسؤولين الفرنسيين للوكالة “المركزية”، أنّ الملف اللبناني يكاد يكون الوحيد من بين الملفات السياسية المأزومة في منطقة الشرق الاوسط الذي لمس حوله الفرنسيون انفتاحا ايرانيا لجهة ابداء الرغبة في التعاون واستمرار التشاور في كيفية ارساء حلول لتعقيداته لا سيما الاستحقاق الرئاسي العالق في عنق زجاجة الخلافات الاقليمية منذ ما يناهز العامين.
وتقول ان المسؤولين الفرنسيين وفي مقدمهم الرئيس فرنسوا هولاند فاتحوا روحاني والوفد المرافق بمدى خطورة الاوضاع في لبنان وتنامي احتمالات اهتزاز ساحته الامنية بفعل عدم الاستقرار السياسي والتدهور الذي يصيب المؤسسات الدستورية كافة، بما يوجب اجراءات سريعة تمنع “الانفجار” لانه ان حصل فان شراراته لن تقتصر على لبنان وحده بل ستصيب دول المنطقة بمعظمها بفعل اللهيب الطائفي والمذهبي الذي لن يوفر أحدا. وهم في معرض شرحهم الدقيق لهذا الواقع، شعروا بالانفتاح الايراني على البحث في المخارج وتم الاتفاق على المتابعة والتواصل بين ايران وفرنسا لتحقيق الهدف عبر موفدين يتنقلون بين الدول المعنية ويتحاورون في سبيل الوصول الى اتفاق يفرج عن الرئاسة اللبنانية المأسورة اقليميا.
وتشير الى ان فرنسا أوكلت المهمة الى مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جيروم بونافون الذي تتوقع المصادر ان يزور ايران للغاية في وقت غير بعيد.
وفي سؤاله عن التسوية الباريسية التي قدمت رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية مرشحا “مستقبليا” غير رسمي حتى الساعة ، قال الوفد الايراني ، على ما تنقل المصادر، إنها خطوة ” سعودية” متسرّعة مسجلا سلسلة ملاحظات ومآخذ عليها منها انها وضعت في سوق التداول السياسي من دون تحضير ارضيتها سياسيا بحيث لم يتم التشاور حولها ومدى قابليتها للنجاح وتمريرها من دون مشاورات سواء مع الحلفاء او الخصوم في لبنان والدول المعنية بالاستحقاق في الاقليم. واوضح ان عنصر “المباغتة” خلق نقزة داخل فريق 8 آذار أفقدها وهجها وأحدث ارتباكا شديدا في الداخل، معتبرا انها لو طرحت على طاولة الحوار لكان مصيرها ربما أفضل مما هو عليه. كما اشار وفد ايران الى ان موقف المسيحيين في هذا الصدد أساسي لا يمكن تجاوزه او تجاهل تداعيات “تسوية باريس” على الشارع المسيحي المنقسم لا سيما بعد ترشيح معراب لزعيم الرابية.
أما الجانب الفرنسي، فتشدد المصادر على انه اعتبر مبادرة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع التي رشحت رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون أسهما نارية اضاءت في سماء الاستحقاق وانطفأت من دون تداعيات على المشهد الرئاسي.
والى أجواء الارتياح الفرنسي للقاءات الايرانية، تفيد المصادر ان حركة الموفدين بين طهران وباريس ستتكثف في المرحلة المقبلة، توازيا مع حراك على الخط الفرنسي ـ السعودي من اجل العمل على معالجة العلاقات السعودية ـ الايرانية التي تشكل معبرا الزاميا ومفتاح الحل الاساسي للاستحقاق اللبناني المعلّق على حبال التجاذبات بين الدولتين الجارتين.