ابراهيم عواضة
يتلقى الوسط السياسي، كما الاقتصادي في لبنان بقلق شديد ما يتم تداوله في بعض وسائل الإعلام العربية عن إمكان إقدام دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، على خطوة سلبية إزاء لبنان تتمثل بالاستغناء عن آلاف اللبنانيين العاملين في هذه الدول، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من أزمات لبنان السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
مصادر سياسية لبنانية، وإن كان تقرأ في ما يُكتب بلغة «العتب» السياسي على مواقف بعض الأطراف السياسية إزاء دول مجلس التعاون الخليجي، وليس أكثر من ذلك، إلا أنها في الوقت عينه ترى أن التمادي في الحملات الإعلامية ضد المملكة العربية السعودية وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي قد يؤدي في المحصلة إلى خلق «بيئة» حاضنة لدعم العقوبات بحق لبنان، وذلك من خلال اللبنانيين العاملين في الخليج.
وإذ تؤكد المصادر السياسية حرص السعودية وبقية دول الخليج على لبنان وعلى مصالحه، لا سيما وأن هذه الدول لا تتعامل بأسلوب «الكيدية» أو ردّ الفعل، إلا أنها ترى أن ارتفاع منسوب الحملات السياسية غير المسؤولة ضد السعودية بالتأكيد هو أمر لا يصبّ في مصلحة لبنان.
وكما هو الموقف في الجانب السياسي فإن موقف مجتمع رجال الأعمال في لبنان يتخوّف بدوره من تداعيات بعض المواقف الصادرة عن جهات سياسية لبنانية ضد المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي على مصالح اللبنانيين العاملين في هذه الدول، وتالياً على مصالح لبنان العديدة لا سيما وأن المملكة كانت ولا زالت الداعم الأكبر للاقتصاد اللبناني.
وبحسب متابعين فإن اتصالات مكثفة ومستدامة بدأت قبل فترة بين مسؤولين لبنانيين وسعوديين، للتأكيد على موقف لبنان الرسمي الداعم للمملكة العربية السعودية وللمواقف العربية عموماً، وذلك بهدف تلافي أي ردّات فعل خليجية سلبية بحق لبنان.
وفي هذا السياق، يُجمع كل من أجرى اتصالاً بالمملكة أن الأخيرة حريصة على لبنان وعلى الاستمرار في توفير كل سبل الدعم له، وتالياً فإن أي حديث عن إمكان إقدام المملكة على اتخاذ تدابير سلبية ضد اللبنانيين العاملين لديها هو أمر غير وارد على الإطلاق.
وكان خبراء، إضافة إلى مؤسسات دولية في مقدمها البنك الدولي توقعوا تراجع حجم تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج، لا سيما في دول مجلس التعاون الخليجي بسبب استمرار انخفاض أسعار النفط الذي تسبّب في عجوزات مالية في موازنات دول مجلس التعاون الخليجي، وإلى تجميد الكثير من المشاريع الجديدة.
وكان البنك الدولي قدّر تحويلات المغتربين إلى لبنان بـ7.5 مليارات دولار في نهاية العام 2015 الماضي (70 في المئة منها من دول مجلس التعاون الخليجي)، بما يُشكّل ارتفاعاً بنسبة 0.7 في المئة من 7.45 مليارات دولار في 2014، مقارنة بتحويلات مقدارها 7.86 مليارات في 2013 و6.73 مليارات في 2012. وخفّض البنك تقديراته لتحويلات المغتربين إلى لبنان في 2016.
وسجّل لبنان أبطأ نسبة نمو للتحويلات بين اقتصادات الدول النامية الـ15 الأكثر تلقياً لتحويلات المغتربين العام الماضي. وحلّ لبنان في المرتبة 16 عالمياً و11 بين الاقتصادات النامية من حيث تحويلات المغتربين في 2015. كذلك صنّف لبنان كثاني أكبر متلقٍ لتحويلات المغتربين بين 16 دولة عربية وكثالث أكبر متلق لها بين 49 دولة ذات دخل متوسط إلى مرتفع.
وتمثل تحويلات المغتربين اللبنانيين إلى لبنان نحو 18 في المئة من الناتج المحلي، وما يوازي 1700 دولار للفرد المقيم في لبنان.
هذا وكان وفد من مجلس العمل والاستثمار اللبناني في المملكة العربية السعودية برئاسة محمّد شاهين قد باشر اتصالاته بكبار المسؤولين اللبنانيين للفت نظرهم إلى مخاطر المواقف السياسية التي تستهدف المملكة العربية السعودية على ديمومة عمل الآلاف من العاملين في دول مجلس التعاون الخليجي.
كما سبق لرئيس لجنة تنمية العلاقات اللبنانية – السعودية إيلي رزق أن قام بجولة اتصالات مماثلة إلى جانب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمّد شقير.