كتبت مرلين وهبة في صحيفة “الجمهورية”:
في خطوةٍ منتظَرة وجريئة، دعَت الأمانة العامة لتيار»المستقبل» رئيسَ تيار»المردة» النائب المرشّح سليمان فرنجية إلى حضور الاحتفال بذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري والتي تصادف في 14 شباط الجاري. والسؤال المطروح: هل سيَحضر فرنجية شخصياً هذا الاحتفال؟توقّعَت أوساط قريبة من تيار «المردة» أن يَحضر فرنجية احتفالية «14 شباط « للأسباب الآتية:
– ورود معلومات عن «حضور مفاجئ» للرئيس سعد الحريري شخصيّاً للمشاركة في الاحتفال. وإذا صحّت هذه المعلومات، فسيَحضر فرنجية حتماً، أمّا إذا لم يَحضر فسيوفِد تيار «المردة» من يمثّله.
– التصريحات التي أدلى بها فرنجيّة وأكّد فيها أنّه سيلاقي الجميعَ في منتصف الطريق. فانطلاقاً ممّا أعلنه، وعلى أساس المبدأ الذي أعلن، فهو سيَحضر احتفالية 14 شباط ليُلاقي فريقَ «14 آذار» عموماً، وتيار «المستقبل» خصوصاً في منتصف الطريق.
– يَحضر فرنجية في حال تأكّدَ من القطيعة النهائية بين حزب «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل»، أي عندما يتأكّد من عدم حضور رئيس حزب «القوات» سمير جعجع شخصياً. وفي حال العكس، فقد يُرسل ممثّلاً عنه، فيما تَستبعد الأوساط المتابعة أن يحضر فرنجية وجعجع الاحتفال معاً.
تتوقّع الأوساط نفسُها أنّ ممثّل فرنجية سيكون وزيرَ الثقافة روني عريجي الذي رافقَه وكان مِن عرّابي لقاءَي باريس. وتتوقّع أوساط «المردة» حضورَ الحريري وبقاءَه في لبنان إلى ما بعد جلسة 8 شباط، أي إنّه سيبقى لحضور الجلسة الانتخابية الرقم 36.
أمّا في المقلب الآخر، فتتساءل الأوساط عمّا إذا كان جعجع سيَحضر الاحتفال كونه أحدَ أبرز أركان «14 آذار»، في وقتٍ أحدثَ حضورُه العامَ الماضي صدىً مدوّياً شكلاً ومضموناً، أم أنّه سيتغيّب؟
مِن جهة أخرى، تَستبعد أوساط متابِعة حضورَ فرنجية، وتَعزو الأمرَ للأسباب الآتية:
ـ أوّلاً، لا يستطيع فرنجية القيامَ بأكثر ممّا قام به، إذ إنّ الخطوة التي خطاها تُعتبر كبيرةً وكافية حتى الساعة، كذلك لا يمكنه الخروج كلّياً من محور «المقاومة والممانعة» المتمثّل بالنظام السوري و»حزب الله»، خصوصاً أنّ هذا المحور اليوم يتقدّم ميدانياً على الأر ض، وإذا حضَر فرنجية احتفالَ 14 شباط فسيكون حضوره بمثابة انتحار سياسي كامل، لأنّه يكون قد انتقلَ من غطاء حزب الله إلى الغطاء النقيض للأيديولجيا التي آمنَ بها وعملَ معها منذ عشرات السنين.
ـ ثانياً، لن يحضر فرنجية الاحتفال، لأنه يَعلم بأنّ الانتقال السريع والراديكالي يضرّ به، وحرقَ المراحل لا يساعده.
ـ ثالثاً، عَدَّ حلفاء فرنجية ذهابَه إلى باريس «تنازلاً كبيراً» قُدّم إلى الحريري، لذا فإنّ حضوره احتفالية 14 شباط قد يؤثّر سَلباً على صورته داخل فريق 8 آذار بَعد الخطوة الأولى التي تفرّدَ بها وما زال يَدفع ثمنَ تبِعاتها مع حلفائه، وكسرُ الجرّةِ بينه وبين حليفه الوزير السابق وئام وهاب يُعتبر أحد أهمّ تداعيات هذا الانتقال الراديكالي المباغِت، وهو بذلك لن يخطوَ مزيداً من الخطوات التي تهدّد صورتَه أمام قياديّي فريق 8 آذار وجمهوره.
– رابعاً، لقد أخذ فرنجية ما يريد من الحريري، فلماذا المخاطرة؟ بمعنى آخر، ما الذي يستطيع أخذَه بعد من حضوره الاحتفال؟
وفي سياق متّصل تُذكّر الأوساط المتابعة أنّ الدعوة وُجّهت في العام الفائت إلى رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون في مِثل هذه الأيام، وقد مثّلَه الوزير جبران باسيل إثرَ اللقاء الذي جَمع الأخير والحريري في باريس، إلّا أنّ الاتّفاق بين الفريقين على الاستحقاق الرئاسي لم يُثمِر.
وقد حضَر باسيل الاحتفال واضطرّ مرغَماً للاستماع إلى خطابات عالية السقوف، ومِثله سيَفعل فرنجية أو ممثّلوه إذا حضَروا احتفالية 14 شباط بعد أيام، إذ إنّهم سيكونون بالتأكيد مستعدّين للاستماع إلى خطابات ذات سقوفٍ عالية لكنّها لن تكون بالحدّية نفسِها التي كانت عليها في السَنة الفائتة، لأنّ الظروف والاصطفافات تبدّلت، وكذلك الأولويات، خصوصاً بين «المستقبل» و»حزب الله» اللذين لم يكونا بَعد قد باشَرا جلسات الحوار الثنائية في ما بينهما.
تداعيات الحضورَين
وفي ظلّ التساؤلات عن تداعيات حضورَي الحريري وفرنجية لاحتفالية 14 شباط، تسأل الأوساط في هذا السياق: إلى أيّ حدّ سيُحدِث حضور فرنجية مشكلةً له مع أركان فريق 8 آذار وجمهورِه؟ وهل ستَقبل الذهنية الزغرتاوية التنازلَ لسَعد الحريري بهذا المقدار؟
أمّا بالنسبة إلى الحريري، فتَلفتُ الأوساط نفسُها إلى أنّه وبدلاً من أن يجعل ذكرى استشهاد والده محطةً لمعالجة الخلاف الناشئ داخل فريق 14 آذار، فإنّ مجيئه إلى بيروت قد يكرّس هذا الخلاف، خصوصاً إذا أعلنَ ترشيحَ فرنجية لرئاسة الجمهورية رسمياً خلال الاحتفال، فيما يقول مراقبون أنْ لا مصلحة للحريري في هذه المشهدية، وبالتالي، وحتى في حال مجيئه إلى لبنان فإنّ حضور فرنجية سيكون مستبعَداً، إلّا أنه حتماً سيوفِد من يمثّله.
إلى ذلك تَلفت أوساط قريبة من فريق 14 آذار إلى أنّه في حال غياب جعجع عن ذكرى 14 شباط ستبدو المشهدية ناقصةً شكلاً ومضموناً، إذ إنّ جعجع تَغنّى دوماً بثباتِه عليها، وشكّلَ حضورُه دعماً أساسياً لها ورقماً صعباً فيها، خصوصاً في ظلّ غياب الحريري عن لبنان.
لكنْ على رغم كلّ التكهّنات والتوقّعات والترجيحات تبقى المفاجآت سيّدة الساحة وملكةَ المنبر في 14 شباط، فيما يَتوقّع المراقبون «صدمةً شعبية عارمة» لدى جمهور فريقَي 8 و14 آذار.
فرنجية أخذ ما يريد من الحريري فلماذا المخاطرة في حضور ذكرى 14 شباط؟