جون بليندر
خطوة بنك اليابان الأسبوع الماضي إدخال أسعار الفائدة السلبية لا تعتبر، للوهلة الأولى، بمثابة قذيفة صاعقة. فرض رسوم بنسبة 0.1 في المائة على جزء فقط من حيازات المصارف التجارية من الأصول السائلة في البنك المركزي لن يكون له تأثير أكثر من تأثير سلاح الأطفال.
لكن المظاهر خادعة، ليس فقط لأن بنك اليابان أطلق تلميحات قوية لمزيد من التسهيل هذا العام في الوقت الذي يكافح فيه من أجل التغلّب على العقلية الانكماشية اليابانية، وإنما لأن النقطة المهمة هي أن هذا سيكون أحدث تطوّر في ملحمة حرب العملات العالمية. وضعف الين نهاية الأسبوع الماضي لخَّص الحكاية.
الخلفية هي استمرار الفائض المُزمن في الادّخار على الطلب الاستثماري في كثير من جوانب الاقتصاد العالمي. والاستجابة الطبيعية هي أن تحاول البلدان تأمين حصة أكبر من الطلب الذي يتسم بالندرة، من خلال التخفيض التنافسي لقيمة العملة. وهناك نقطة مهمة بشأن تحرك اليابان نحو أسعار الفائدة السلبية هي أن الين يعد جزءا من مجموعة من العملات تدير الصين عملة الرنمينبي مقابلها. لذلك الصين تنجذب بشكل غير مباشر إلى حرب العملات عندما يضعف الين.
إلى أي مدى ينبغي أن نشعر بالقلق من وجود ديناميكية لا يُمكن وقفها خلف نهج تخفيض قيمة العملة التنافسي الذي بدأه في الأصل بنك اليابان في عام 2013؟ الرأي الشائع يقول إن حرب العملات التي من هذا القبيل هي لعبة محصلتها صفر، يتم فيها الفوز بصادرات إضافية للبلد الذي خفّض عملته على حساب انخفاض الإنتاج المحلي في البلد الذي ترتفع قيمة عملته. والنتيجة الصافية هي إعادة تنظيم الناتج العالمي بدون أي مكاسب إجمالية للاقتصاد العالمي.
هناك سؤال مُثير للاهتمام يبرز في حال سعت جميع البلدان إلى اللجوء إلى التخفيض التنافسي للعملة. فبحسب مختص الاقتصاد، بريان ريدينجز، إذا انضم الجميع إلى اللعبة فستتحوّل إلى لعبة تسهيل تنافسي. ولا أحد يفوز عن طريق الاستيلاء على حصة أكبر من التجارة، لكن الجميع يكسب من تسهيل السياسة.
العقبة في سياق اليوم هي أن الاحتياطي الفيدرالي استبعد، في الواقع، التسهيل التنافسي من خلال رفع سعر فائدته في كانون الأول (ديسمبر). بالتالي، أكبر اقتصاد في العالم محكوم عليه أن يكون على الجانب السلبي من تخفيض قيمة العملة في بقية العالم. ومن خلال الشروع في التطبيع قبل عودة الاقتصاد الأمريكي إلى الحالة الطبيعية، اختار الاحتياطي الفيدرالي اتّخاذ مخاطرة كبيرة مع الانكماش الذي يُعتبر واحدا من عدة أسباب لتقلّبات السوق في كانون الثاني (يناير).
وثمة سبب آخر هو الخوف من الانخفاض الحاد للاقتصاد الصيني في الوقت الذي تحاول فيه بكين إدارة تحول إلى أنموذج النمو القائم أكثر نحو الاستهلاك. لكنها كانت تفعل العكس، على الرغم من المخاوف واسعة الانتشار من أنها قد تشرع في التخفيض التنافسي لقيمة العملة بعد واقعة سوء إدارة العملة في آب (أغسطس) والتحوّل إلى استهداف مجموعة عملات في كانون الأول (ديسمبر). بعد رفع القيود عن تدفقات رأس المال الخارجة، كانت السلطات تواجه تحوّلا كبيرا في المحفظة الاستثمارية في الخارج بسبب سعي المستثمرين إلى التنويع. وهذا زاد بسبب هرب مذعور لرؤوس الأموال من جانب رجال الأعمال الذين يشعرون بالقلق بشأن حملة مكافحة الفساد في الصين. ولمنع انهيار العملة، تم تسييل أكثر من 300 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي في النصف الثاني من العام. بعبارة أخرى، بكين كانت مستعدة لتكبّد تكاليف كبيرة حتى لا يبدو الأمر وكأنه تخفيض تنافسي لقيمة العملة. أما نواياها طويلة الأجل تجاه العملة فهذه تبقى موضع نقاش.
أحد الجوانب الإيجابية هو أن الوضع يُشير إلى انقلاب في التراكمات الضخمة من الاحتياطيات في الأسواق الناشئة منذ الأزمة الآسيوية عام 1997-1998. كثير من البلدان النامية لجأ إلى التخفيض التنافسي لقيمة العملة استجابة لانخفاض النمو العالمي، خاصة البلدان المُنتجة للسلع الأساسية التي تُعاني بسبب تحرك الصين لرفع محتوى الخدمات في اقتصادها. مع ذلك، الانخفاض في أسعار السلع الأساسية والنفط أديا إلى تسييل الاحتياطيات لتمويل عجز ميزانية الحكومة المُتصاعد. بشكل عام، هذا من شأنه أن يُساعد على الحد من تخمة الادّخار التي أدت إلى مشكلة نقص الطلب الأساسية. هناك جانب أكثر قسوة هو تشديد الأوضاع النقدية في الولايات المتحدة، الذي جلبه ارتفاع قيمة الدولار. من الواضح أن الاحتياطي الفيدرالي سيكون مُتحمّساً بشأن رفع أسعار الفائدة بشكل أقل مما كان متوقعاً في كانون الأول (ديسمبر). والسؤال الأهم هو ما إذا كان التهديد هو أن خطوته التالية ينبغي أن تكون عكس الرفع الذي طبقه في كانون الأول (ديسمبر).