كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:
بات مؤكداً أنّ جلسة انتخاب رئيس الجمهورية غداً ستكون مثل سابقاتها، ولن يحضر إلاّ النوّاب الذين يمثّلون 14 آذار. وقد فشلت كل السيناريوات التي كان يعمل عليها البعض وفي مقدّمهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، وفقاً لمصادر سياسية بارزة، من أجل حصول اختراق في الجلسة وانتخاب رئيس. أي أن لا يحضر نوّاب “حزب الله”، وأن يغضّ الحزب النظر عن حضور نوّاب يمثّلون أطرافاً في 8 آذار لتأمين النصاب.
ويتّضح من كلام النائب المرشّح سليمان فرنجية أنّه لن يحضر إذا لم يحضر نواب الحزب. وبات واضحاً أن لا قرار لدى الحزب بحصول انتخابات رئاسية. ولذلك فإنّ لبنان يدخل مرحلة من الافق المقفل والخطر.
وأوضحت المصادر أنّ التيّار العوني كان دائماً مشاكساً في مجلس الوزراء، لكن بقرار من الحزب وُضع سقف لذلك من أجل أن تستمر جلسات الحكومة بحد معقول من التوافق. ويحاول رئيس مجلس الوزراء تمام سلام تفعيل عمل الحكومة، لكن هناك مشكلة كبيرة بالنسبة إلى المجلس العدلي، وهناك سباق بين مجلس الوزراء والمحكمة العسكرية حول هذا الموضوع.
وتفيد المصادر انّ الحزب لم يعد يتصرّف كطرف سياسي مهيمن، بل كأنّه الحزب الحاكم. وهذا يستند إلى الأجواء الإيرانية التي تعتقد بأنّ طهران ستحقّق انتصارات في ملفات المنطقة، ولن تعمل في الوقت الحاضر لتسهيل حلحلة أي منها بما فيها الملف اللبناني.
وتؤكد مصادر وزارية أنّ إعادة تفعيل عمل الحكومة مؤشّر إلى أنّ أمد الانتخابات الرئاسية طويل، وأن لا انتخابات في المدى المنظور. فكان هناك شبه توافق على إعادة تفعيل عملها. في الفترة السابقة لم تكن الأمور في مجلس الوزراء تسير بهذا الشكل السريع في معالجة البنود وإقرارها. وهناك توقع بأن يستمر عملها فاعلاً، ما لم تحدث مفاجآت، بحيث إنّ المفاجآت تبقى واردة.
إنّما ستُعقد جلسات متتالية، وأهم ما حصل حتى الآن إقرار تمويل الانتخابات البلدية في مواعيدها القانونية وهناك تشجيع على إجرائها من كافة الأطراف. كل الأطراف تتقبّل الوضع الرئاسي على مضض، إنّما تفعيل عمل الحكومة يبقى أفضل من الوضع التعطيلي لها وإقرار تمويل هذه الانتخابات يعتبر إنجازاً، كَسَرَ المراوحة الديموقراطية.
وتقول مصادر ديبلوماسية انّ الحزب ليس مستعجلاً لإجراء الانتخابات الرئاسية. وهو يريد أولاً قانون انتخابات نيابية لضمان أكثرية نيابية في مجلس النواب لتحقيق ما يريد، واستكمال السيطرة على البلد من خلال اختيار رئيسي جمهورية وحكومة، لا سيما وأن لا توافق على تغيير “اتفاق الطائف” فيحصل تغيير من داخل الطائف.
اختيار فريقين كبيرين من أفرقاء 14 آذار، لمرشحين للرئاسة من 8 آذار، من أجل إنقاذ موقع الرئاسة، أظهر بوضوح أنّ الحزب لا يريد الانتخابات وكذلك إيران. ولو كان هذان الترشيحان وفقاً للمصادر، خلطا كل الأوراق وأديا إلى حد ما إلى خلافات داخل كل صف. ولن يغيّر الحزب موقفه بالإفراج عن الانتخابات، إلاّ إذا حصل حدث كبير أو خضّة أمنية أو شيء ما يجعل الحزب يشعر بأنّه يحتاج إلى حماية داخلية وتضامن داخلي إلى جانبه.
الآن لا يمكن توفير نصاب للانتخاب، ومبدأ الرئيس الوسطي بات غير وارد، أو على الأقل لم يعد أحد مستعداً للبحث به. إذ بعد قبول أفرقاء 14 آذار بكل من فرنجية أو عون، فلماذا ستقبل إيران بمرشح وسطي؟ وبالتالي، لن يحصل اختراق ما في ملف الرئاسة إلاّ إذا استجدّ حدث كبير.
كان ثمّة أمل قبيل توقيع الاتفاق النووي بين الغرب وإيران، أنّه قد يكون هناك توافق دولي خليجي إيراني على تمرير ملف الرئاسة اللبناني. وكان الملف اللبناني يعتبر الملف الأسهل مقارنة بملفات المنطقة البالغة التعقيد. وعلى الرغم من ذلك، لم تكن هناك رغبة إيرانية بالتجاوب مع الغرب. الوضع في لبنان لا يزال مربوطاً، بالنسبة إلى إيران بالوضع السوري، وبالوضع في المنطقة، وأوّل مسألة ارتبطت بذلك هي الرئاسة اللبنانية. وفي اعتقاد إيران أنّ الوقت يسير لمصلحتها وهي ليست مضطرة للقيام بأي تسهيل، حتى في الملف الأقل تعقيداً، أي اللبناني.
الدول، وفقاً للمصادر، تشجّع على انتخاب رئيس في أسرع وقت، وهي تنقسم في الرأي إلى أربع: دول داعمة لانتخاب أي مرشح من المرشحين، ودول تقول لما لا؟ ودول تسأل عن البديل، وأخرى تقول إنّ التوافق الوطني ضرورة لإجرائها ولا يمكن إنجازها من دون ذلك، على الرغم من أنّ التوافق المسيحي مهم. أي أنّ الدول منها ما يوافق على أي مرشح يتفق حوله اللبنانيون، وأخرى تلتزم الصمت، وأخرى تسأل عن البديل. إلاّ أنّ التوافق الخارجي كان دائماً ولا يزال جزءاً من الحل، لكنه ليس كافياً. يبقى الداخل، وبالتالي، لا تزال الأمور تدور في حلقة النقاش، والنصاب يحتاج إلى 86 نائباً، وليس من استعدادات لدى بعض الأفرقاء للمشاركة في تأمينه.