IMLebanon

عن بكركي.. وابتعادها عن “احتفالية معراب”

 

bkerki

 

 

كتب نبيل هيثم في صحيفة “السفير”:

الأفق الرئاسي مقفل، والمفتاح ضائع في متاهات الداخل العاجز عن فتح القفل وحده، والخارج الذي اعتاد على لبنان بلا رئيس للجمهورية.

الباحثون عن الرئاسة في عواصم القرار، لا يجدونها. لبنان خارج أجندة دول القرار. لا أحد يعتبرها أزمة ملحّة تستدعي إيجاد مكان للبنان في دائرة الاهتمامات والأولويات.

وإذا كان اللبنانيون منقسمين على أنفسهم سياسياً ورئاسياً، فقد باتت تلك الحقيقة تشكل جامعاً مشتركاً لهم، باقتناعهم أن هناك استحالة في انتخاب رئيس في المدى المنظور، أو بعد أشهر. مع ذلك، الداخل مشغول بنفسه، الكل ينتظر الكل، ولعبة المفاضلة مستمرّة.

المرشَّحون ثابتون في مواقعهم وعلى مواقفهم، وأما بكركي فليس في يدها حيلة. أرادت أن تطمئن. نظمت تظاهرة ديبلوماسية دولية، لعلها تحمل «دولاً إقليمية ودولية معينة»، على الإفراج عن الاستحقاق الرئاسي. فسمعت تمنيات وعواطف لفظية لم تبدّد قلقها.

برغم هذا الانسداد، ما زالت بكركي ترى أملا في مبادرة السياسيين الى حزم أمرهم، وفي اتفاق القادة الموارنة على مرشح، فهو السبيل الوحيد لملء الموقع الرئاسي، وهناك فرصة متاحة الآن. هناك مرشحون، وما على النواب سوى النزول الى البرلمان وليفُز من يفوز.

قالت بكركي رأيها في الغرف المفتوحة أو المغلقة «وضع المسيحيين مقلق، ذابوا في الشرق ولم يبق أمامهم سوى لبنان، وأي تراجع لهم فيه معناه على المسيحيين السلام. لا بد من إنهاء الحالة الشاذة. فكلما ارتفع رصيد الفراغ الرئاسي يوماً، تضاعف الخوف من التدرّج من الفراغ الرئاسي الى الضياع المسيحي الشامل والذوبان الكامل».

من هنا، وبحسب المنطق الكنسي، لا بدّ من توفر عناصر القوة، وأولها مصالحة مسيحية ـ مسيحية وتحت عباءة بكركي، مرتكزة الى «وثيقة تاريخية» يتوافق عليها المسيحيون ومن ثم تعرض على الشريك المسلم، عمادها الشراكة الكاملة في الوطن. وبالتالي ليس هناك ما يمنع اتفاق القادة، لأن اختلافهم، سيبقي الانتخابات الرئاسية بعيدة، ويخلق أمراً واقعاً جديداً يعوّد البلد على أن يمشي بلا رئيس للجمهورية. وهناك اطراف في الداخل تسعى الى ترسيخ هذا الأمر الواقع الجديد.

على أن المصالحة التي تريدها بكركي شاملة وجامعة، لا يبدو أنها انطبقت على احتفالية معراب بين ميشال عون وسمير جعجع، إذ إنها جاءت كلقاء مسيحي ـ مسيحي جزئي. صحيح أنه يضمّ قوتين مسيحيتين كبيرتين، إلا أنه ليس جامعاً لكل المسيحيين، ولم تظهر بكركي وكأنها تفاعلت أو تجاوبت معها، أو أن لها مكاناً فيها.

جاء ردّ فعلها بعدم تحبيذ مرشح التحدّي، وبتكرار دعوة النواب للنزول الى البرلمان وليُنتخب مَن يُنتخب من المرشحين، ومع ذلك هناك من سعى الى نيل مباركتها ترشيح جعجع لعون، وعقدت لقاءات بين منظرين لوصول عون الى الرئاسة وعدد المطارنة واركان السفارة البابوية، وكان للوزير السابق عبدالله فرحات الدور البارز في الإعداد لها.

في تلك اللقاءات، كانت لنائب رئيس المجلس النيابي الأسبق ايلي الفرزلي محاولات لجذب بكركي الى تبني ترشيح عون، مؤكداً على ما مفاده:

– الضرورات المسيحية باتت توجب إعادة المكون المسيحي الى موقعه الحقيقي على مستوى الدولة والنظام في لبنان: شراكة وحضوراً ودوراً.

– الحزبان المسيحيان الأكبران والأكثرا تمثيلاً (التيار الحر والقوات)، اتفقا على ترشيح عون، ومن الطبيعي أن تبارك بكركي هذا الترشيح.

– انتخاب عون فرصة تاريخية لإنتاج حالة مسيحية مستقلة قادرة على فرض إعادة انخراط المسيحيين في الحياة السياسية والإدارية بشكل كامل في لبنان. وإعادة الشراكة بمعناها الميثاقي، حسب الدستور، بالاضافة الى ان شخصية الرئيس تلعب الدور الأساس لإعادة التوازن في ظل ضعف الصلاحيات.

وأما الإجابات من جانب المطارنة فقد حملت ما يلي:

– وحدة المسيحيين هي الأساس، ويجب أن تكون عاملاً للتعجيل بإجراء الانتخابات الرئاسية. والمسؤولية تقع على القوى المسيحية الفاعلة. وكذلك على سائر القوى المسيحية التي لها تمثيلها.

– الظلم الذي لحق بالمسيحيين في سوريا والعراق وفلسطين وكل الشرق، يجب ألا يتكرر في لبنان، بل يجب تعويضه بإعادة إنتاج الدور المسيحي في لبنان، كدور راعٍ وحاضنٍ لكل مسيحيي المشرق العربي، وكدور مصلح بين السنة والشيعة في لبنان خصوصاً، وليس كدور منخرط في الصراع السني الشيعي، أو مؤجج له لأن أي صراع بين هذين المكوّنين سيكون المسيحيون أولى ضحاياه.

– إن على الحزبين الكبيرين (التيار الحر والقوات) أن يبادرا الى دعم مرشح رئاسي ثالث، فإن انتُخب يأتي بزخم كبير، وإن لم يُنتخب فلا يشكل ذلك خسارة او انكساراً او هزيمة لأي منهما.