كتبت نايلة تويني في صحيفة “النهار”:
تطرح تساؤلات عن إعطاء “حزب الله” أكثر من حجمه الحقيقي في الاستحقاقات الداخلية. ولعل في الامر خطأ من شركائه في الوطن، وتحديداً من الفريق المناوئ لسياساته. أما الفريق الموالي للحزب فيدرك جيداً انه في حاجة أولاً الى “أمن” الحزب بعدما كان يعيش في ظل أمن الوصاية السورية، وفي حاجة ثانياً الى “مال” الحزب للعيش، وثالثاً الى أصوات الحزب في كل استحقاق انتخابي، إذ يعترف الجميع له بقيمته العددية وقدرته على ضبط جمهوره وتحريكه.
لكن الحزب، بما له من قوة عدد ومال، لا يختلف عن غيره في المعادلة السياسية الداخلية، لانه أسير النظام القائم على مشاركة الطوائف والمذاهب والاحزاب والزعامات التقليدية، وتسقط قضاياه الكبرى في زواريب الوزارات والمؤسسات والدوائر وتناتش الحصص، وهي خطوات يقاربها الحزب بحذر وتعثر. لم يحقق وزراؤه نقلة في الحقائب التي تسلموها، ولم تتميز مواقف نوابه بالمبدئية التي ينادون بها، بل حامت حول كثيرين من المقربين منهم روائح الفساد.
أما عن الملف الرئاسي، فحدّث ولا حرج. عطّل الحزب الاستحقاق، وتالياً الحياة الديموقراطية، وخالف الدستور بمقاطعته الانتخاب مع حلفائه، وخصوصا بعدم حضورهم إلا بشروط. وهذه الأمور ليست مصدر فخر. أما تحقيق إرادته في إيصال مرشحه العماد ميشال عون الى قصر بعبدا فلم تتحقق حتى الساعة، ولم يتمكن من فرض خياره على حلفائه الأقربين. وهذا ليس تبسيطاً للامور أو تقليلاً من قدرة الحزب، لكن الحقيقة أن عكس ذلك، يجعله يضطلع بدور الوصي السوري في فرض انتخاب الرئيس بالقوة، إلا إذا ارتضى أن يصير العصا الايرانية التي تريد أن تفرض إرادتها في لبنان وفي عدد من دول المنطقة. وهذا إن حصل، لن يشكل انتصاراً للحزب، بل سيكون سقوطاً مريعاً وسحقاً لتاريخه في مقاومة اسرائيل.
وتكرار القول إن الاستحقاق في يد الحزب، فيه مبالغة، لأن الحزب أقرّ بنفسه السبت من الرابية بأنه، كغيره من الأفرقاء، ينتظر إشارة من الخارج، والاتفاقات الاقليمية والدولية، وخصوصا نتائج الحوار الاميركي – الايراني، وما إعلانه المتكرر أن الاستحقاق لبناني مئة في المئة، إلا ذرّ للرماد في العيون.
ليعد كل طرف الى رشده، وليقرأ الواقع، وليعلم أننا بتنا كلنا أسرى الملفات الاقليمية، وكلنا ننتظر إشارة من الخارج. وفي الانتظار، هل يمكن المحافظة على الحد الادنى من الاستقرار الامني والاقتصادي والاجتماعي، والاهم عدم الاساءة الى علاقاتنا بمحيطنا العربي وبالدول الشقيقة التي وقفت الى جانب لبنان على الدوام، لئلا تفوق خسائرنا طاقتنا على التحمّل؟