موريس متى
من المتوقع ان يشهد هذا الاسبوع حركة نشطة على خط بيروت – واشنطن، في ظل المساعي المستمرة من الجانب اللبناني للتأكيد مرة جديدة للسلطات في الولايات المتحدة التزام لبنان القوانين والتشريعات الاميركية، وتحديداً الاجراءات المتعلقة بمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب.
أقر مجلس النواب في نهاية العام المنصرم عدداً من القوانين المالية المهمة التي جاءت لتعكس التزام الدولة اللبنانية والمصارف، قواعد العمل والمعايير المصرفية والمالية العالمية المرعية الاجراء وخصوصاً الأميركية منها. خفف إقرار هذه القوانين الى حد كبير من تداعيات قرار الكونغرس الأخير القاضي فرض عقوبات على المصارف والمؤسسات المالية المتعاملة مع “حزب الله”، اضافة الى مساهمتها في تأكيد موقع لبنان المتقدم في ما يتعلق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب. وضمن المساعي الرامية الى تأكيد التواصل المستمر مع الدول الغربية لشرح موقف لبنان الملتزم هذه القوانين، تغادر الى الولايات المتحدة في نهاية الاسبوع الجاري اللجنة النيابية التي شُكِّلَت بمبادرة من الرئيس نبيه بري في زيارة رسمية بهدف نقل الصورة الايجابية والقوية عن مدى التزام لبنان الاجراءات المطلوبة وشرح موقفه من قوانين العقوبات التي أصدرها الكونغرس، على ان تضم هذه اللجنة النواب: ياسين جابر، آلان عون، روبير فاضل، باسم الشاب ومحمد قباني، ومستشار رئيس مجلس النواب علي حمدان، لينضم اليهم السفير اللبناني في واشنطن انطوان شديد.
في هذا السياق، أكد جابر لـ”النهار” ان هذه الزيارة ترمي الى تأكيد أهمية العلاقات الاميركية – اللبنانية على كل الصعد، بالاضافة الى العمل على إلغاء الانطباع السائد لدى بعض الدوائر الاميركية وأعضاء في الكونغرس عن تلكؤ لبنان في تطبيق القوانين الدولية وتحديداً الاميركية منها في ما يتعلق بالعقوبات وملف تبييض الاموال ومكافحة الارهاب. واعتبر ان هذه الزيارة لا تهدف وبأي شكل من الاشكال الى الدفاع عن الاطراف التي تطاولها العقوبات ولا حتى البحث في القوانين الصادرة عن الكونغرس. واشار الى ان “الرئيس بري شكل هذه اللجنة بعدما استمع الى آراء العديد من السفراء العرب والغربيين ومسؤولين مصرفيين لبنانيين ودوليين. وستشدد هذه اللجنة في لقاءاتها مع المسؤولين الاميركيين على أهمية تحصين مواقف جمعية المصارف وحاكم مصرف لبنان المؤكدة التزام لبنان والمصارف كل القوانين المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب”. واعتبر جابر انه من المهم جداً إعادة تسليط الضوء على العلاقة الثنائية بين لبنان والولايات المتحدة بالإضافة الى محاولة إقناع الجانب الأميركي بأن لبنان هو في عين العاصفة بالنسبة الى مكافحة الارهاب الذي يبعد أمتاراً قليلة عن حدوده. وتابع: “ضمن مساعينا ايضاً، التأكيد ان لبنان حصّن بتشريعاته معظم مصارفه، والمهم هو حماية هذا القطاع بأي شكل من الأشكال، مع الاصرار على الجانب الاميركي عدم اتخاذ أي اجراءات قد تؤدي الى إرباك القطاع ما ينعكس مباشرة على المواطن”. كذلك شدد جابر على أهمية التحاور والتباحث بشكل أكبر مع البرلمانات النيابية الدولية لتوضيح كل الازمات التي يعانيها لبنان، وليس فقط ما يتعلق بمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب، والتطرق ايضاً الى موضوع اللاجئين غداة اقرار الدول المانحة المساعدات لمواجهة هذه الازمة.
وتؤكد أوساط متابعة لهذه الزيارة الذي ستستكمل بزيارات أخرى لعدد من العواصم العالمية، أهمية عدم رفع نسب التوقعات الخاصة بنتائجها، وانما المهم هو الابقاء على هذه القنوات مفتوحة لجبه أي قوانين أو اجراءات قد تصدر في المستقبل. وفي ما يتعلق ببرنامج الزيارة لم يكتمل جدول اللقاءات بعد، ولكنها اللجنة التي حرص الرئيس بري على أن تضم نواباً من جميع الطوائف والمذاهب ومن أحزاب مختلفة، ستلتقي لجنتي العلاقات الخارجية والمال في الكونغرس وعدداً من أعضائه وأعضاء في مجلس الشيوخ، بالاضافة الى شخصيات مصرفية ومالية مؤثرة في القرارات الاميركية.
وفي سياق متصل، يغادر وزير المال علي حسن خليل بدوره هذا الاسبوع الى الولايات المتحدة في زيارة رسمية برفقة إداريين من الوزارة لشرح موقف لبنان الملتزم القوانين المالية الدولية. وسيحمل معه كل التشريعات والقوانين التي أقرها لبنان في ما يتعلق بمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب. ووفق جدول الزيارة، من المنتظر ان يلتقي وزير المال عدداً من المسؤولين في الادارة الاميركية وتحديداً في وزارة الخزانة الاميركية، وسيعقد سلسلة اجتماعات مع مسؤولين في البنك وصندوق النقد الدوليين لشرح الوضع المتأزم الذي يعانيه لبنان على الصعيد المالي من جراء تكلفة اللجوء، بالاضافة الى البحث في ملفات القروض والهبات التي يُتوقع ان يحصل عليها لبنان من هاتين المؤسستين في الاشهر المقبلة مع إمكان تعديل بعض الشروط حيال تسهيلها وخفض التكاليف عن لبنان.
وفي خطوة غير بعيدة، استأنفت جمعية مصارف لبنان إعادة طلب مواعيد مع المسؤولين في البيت الابيض ووزارتي الخزانة والخارجية والمعنيّين بالشأن المصرفي والمالي، اضافة الى إعادة طلب مواعيد مع أعضاء بارزين من لجنتي الخدمات المالية والمصارف في الكونغرس، بعدما منعت الظروف المناخية وفد الجمعية من زيارة الولايات المتحدة في الشهر الماضي وبهدف تفعيل العلاقات مع المصارف المراسلة للمصارف اللبنانية، والتواصل مع السلطات الرسمية والمراجع المالية والنقدية الاجنبية مع تأكيد التزام لبنان جميع الاجراءات والقوانين الاميركية وكل ما يتعلق بمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب.
من المتوقع ان تستمر زيارات الوفود اللبنانية الى واشنطن في الاشهر المقبلة لتأكيد التعاون المستمر في كل المجالات، اذ من المنتظر ايضاً ان يغادر وفد مصرفي مالي رفيع المستوى في نيسان المقبل للمشاركة في اجتماعات البنك وصندوق النقد الدوليين.