عدنان الحاج
لا شك في أن تراجع الخدمات والقاعات المعنية كان ينقصها الطقس الماطر لتزداد تردياً وتراجعاً لاسيما موضوع الأعطال الكهربائية التي تنمو في ظل العواصف والطقسين البارد والحار؛ وهو أمر اعتاد عليه الكثير من سكان المناطق من الشمال إلى الجنوب مروراً بمعامل الكهرباء من الزهراني إلى البداوي والزوق والجية، يُضاف إلى ذلك المعامل المائية في البارد ونهر ابراهيم وغيرهما. أما إنتاج البواخر المؤقت في معملَي الجية والذوق فقد ارتفع من 280 ميغاوات إلى حوالي 380 ميغاوات نظراً لتأخّر إنجاز تأهيل المعامل وزيادة الطاقة الإنتاجية. هذا من دون الأعطال التي تطاول الشبكات وتطيل فترات القطع والتقنين.
التراجع على مختلف القطاعات والمؤشرات هي ميزة المرحلة مع استثناءات بسيطة في النشاط المصرفي الذي يحافظ على حدود مقبولة من النمو على الرغم من الظروف التشغيلية الصعبة، حيث تنمو الودائع بأكثر من دول المنطقة نتيجة حرفية المصارف اللبنانية بالخروج والانتشار في الدول العربية وحتى الأوروبية والأفريقية سعياً لتعزيز النمو الداخلي والتوسّع في الخارج.
وكأنه لا تكفي المواطن أزمات القطاعات وتراجعها، حيث يجري البحث في زيادة الضريبة على البنزين بمعدل خمسة آلاف ليرة على الصفيحة، بهدف تعزيز الإيرادات التي يأكلها التراجع في النشاط الاقتصادي المتراجع على مختلف المجالات. يُشار إلى أن لبنان يستهلك أكثر من 80 إلى 85 مليون صفيحة بنزين سنوياً وهي زادت بعض الشيء نتيجة النزوح وإن فاتورة لبنان بالمستوردات النفطية تصل إلى أكثر من 7 مليارات دولار بين القطاعين العام والخاص وحاجة الكهرباء.
ـ نقطة أساسية تؤشر على النشاط التجاري تتعلق بتراجع عدد الشيكات المتقاصة أو المتبادلة والتي تراجعت في العام 2015 حوالي 6.5 في المئة مقارنة مع العام الذي سبقه، وهذا مؤشر على نمو الشيكات المرتجعة والذين يطلبون تمديد الاستحقاقات إلى أكثر من 8 إلى 10 في المئة. وهذه أمور تؤكدها بعض المصارف مع العديد من مسؤولي التجار في بيروت الكبرى والمحافظات إلى أكثر والمناطق الأقل في النشاط التجاري. فقد بلغ عدد الشيكات المتبادلة خلال العام 2015 حوالي 69.5 الف شيك مقابل حوالي 74.5 الف شيك للعام 2014 أي بتراجع حوالي 6.6 في المئة خلال السنة، وعلى الرغم من تراجع عدد الشيكات المتبادلة. وهذا مؤشر على تراجع النشاط التجاري، فإن عدد الشيكات المرتجعة ازداد بنسب ولو محدودة؛ وهذا مؤشر آخر على قدرة القطاع والافراد على السداد من جهة، ومؤشر على تأثر الحركة الاقتصادية. وقد بلغت نسبة الشيكات المرتجعة أكثر من 5.5 إلى 5.2 في المئة بزيادة حوالي 1.3 في المئة عن السنوات القليلة الماضية.
ـ مقابل ذلك يتجه المسؤولون في الدولة إلى زيادة الضريبة على البنزين بخمسة آلاف ليرة. وهنا لابد من الإشارة إلى أن فرض الضريبة في ظل تراجع النشاط الاقتصادي وتراجع فرص العمل ونمو البطالة بين 8 و10 في المئة وتراجع عائدات العائلات بفعل عمليات الصرف من الخدمة في العديد من القطاعات؛ ما يعني معاقبة المواطن والقطاعات في ظل ظروف اقتصادية صعبة تتحول ظروفاً اجتماعية أصعب نتيجة تراجع فرص العمل وانتشار البطالة مع أزمة النزوح. في التفصيل فإن الضريبة المرهقة تشكل لا ضريبة نتيجة عدم قدرة المكلف والمستهلك وحتى المؤسسات التي تستخدم المحروقات.
ـ لا شك في أن لبنان يتأثر بتطورات المنطقة إلا ان التراجع والعجز الكبيرين في ميزان المدفوعات الذي بلغ حوالي 3354 مليون دولار مقابل عجز بحوالي 1400 مليون دولار للعام 2014 أي بزيادة قدرها حوالي 1900 مليون دولار، وهذا ما نسبته 138 في المئة. فإن هذا يعني أن الاموال الخارجة من لبنان أكثر من الأموال التي دخلته بحجم كبير مقارنة بالسنوات الماضية، وهي لم تكن سنوات جيدة، من حيث النتائج الاقتصادية.
واللافت في الموضوع الاقتصادي الخاص بنمو عجز ميزان المدفوعات إلى معدلات قياسية خلال العام 2015 أنه جاء ليتخطى 3354 مليون دولار بزيادة كبيرة عن العام الذي سبقه والذي بلغ العجز فيه حوالي 1408 ملايين دولار؛ بمعنى آخر، إن عجز ميزان المدفوعات زاد خلال العام الماضي أكثر من 138 في المئة. هذا على الرغم من تراجع فاتورة الاستيراد، بمعنى فاتورة السلع المستوردة إلى لبنان حوالي 11.7 في المئة بما يوازي الملياري دولار. كذلك تراجعت الصادرات اللبنانية حوالي 11.2 في المئة من 3100 مليون دولار في العام 2014 إلى حوالي 2700 مليون دولار في العام 2015. وهذا الأمر سيستمر خلال العام 2016 ما لم تتحسن الظروف السياسية والاقتصادية في دول المنطقة. وهو أمر يعتبر من الصعوبات الكبرى في ظل الظروف القائمة وتراجع اسعار النفط.
الموضوع الهام في القطاعات هو عدم بروز إيجابيات على النشاط والقطاع السياحي المساهم بتعزيز النمو الاقتصادي نتيجة غياب الحركة السياحية العربية؛ وهي الأكثر تأثيراً في نشاط القطاع الفندقي والقطاع الخاص بالمطاعم وحركة النقل لاسيما وأن النشاط السياحي يدخل عنصر تأثير في كل القطاعات الإنتاجية وتسويق السلع الصناعية المحلية والحركة التجارية. وهذا الموضوع يرجّح له أن يشهد صعوبات في التحسّن خلال العام الحالي 2016 لعدم وجود مؤشرات جديدة.
1ـ بالنسبة للعجز التجاري خلال العام 2015 فقد تراجع من حوالي 17.1 مليار دولار إلى حوالي 15.1 مليار دولار. وهذا التراجع لم يحسّن عجز ميزان المدفوعات، حيث بقيت الأموال المغادرة أو الخارجة من لبنان أكثر من الأموال التي دخلت بفعل العجوزات المذكورة في المجالات المساهمة بتعزيز ميزان المدفوعات. ولولا النمو المقبول لنشاط القطاع المصرفي خلال العام لكانت المؤشرات أكثر انعكاساً على القطاعات المختلفة لاسيما الانتاجية منها على حركة التسليف للقطاعين العام والخاص، حيث تحوّل القطاع المصرفي المموّل شبه الوحيد للاقتصاد اللبناني ولمالية القطاع العام حيث تبلغ التسليفات للقطاع الخاص ما يقارب 56 مليار دولار مقابل تسليفات للقطاع العام بأكثر من 37 مليار دولار. وهذه معدلات تشير إلى تسليفات تصل إلى ما يقارب ثلثي الودائع إلى القطاعات الإنتاجية والدولة اللبنانية مع القروض التشجيعية المدعومة التي قدّمها مصرف لبنان والمصارف إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بهدف تحريك القطاعات، خلال الفترات الصعبة على هذه القطاعات.
2 ـ بالنسبة لموضوع الدين العام فقد بلغ هذا الدين نهاية العام 2015 حوالي 70.5 مليار دولار، بنمو قدره حوالي 6 في المئة خلال سنة، حيث كان حوالي 66.5 مليار دولار في نهاية العام 2014؛ بمعنى أن الدين العام زاد في سنة حوالي 4 مليارات دولار خلال سنة تقريباً، وذلك نتيجة استمرار عجز الخزينة والموازنة، على الرغم من تراجع الفوائد على الدين العام بالليرة والدولار مقارنة بالسنوات القليلة الماضية.
3 ـ تبقى القضية الاجتماعية والمعيشية المتعلقة بتراجع إمكانية خلق فرص العمل خلال العام الحالي، بفعل تراكم عمليات الصرف في القطاعات وعدم بروز توظيفات ومشاريع جدية، وهذا يظهر من حركة ونشاط الرساميل الوافدة التي تحسّن فرص العمل وتخلق مجالات للنشاط. هذا في ظل تراجع الفرص بالداخل وفي دول الخليج، حيث يحتاج لبنان ليخلق ما بين 30 إلى 32 الف فرصة عمل سنوياً لخريجي الجامعات والمهنيات في لبنان. هذا من دون منافسة النزوح السوري للقوى العاملة في لبنان والذي ينحصر بقطاعات محدودة.