من يتابع مناقشات «القمة العالمية للحكومات» في دبي، يسارع الى اجراء مقارنة سريعة ما بين هذه النقاشات التي تطمح لـ»سعادة الانسان» ومواكبة «سرعة» الثورة الصناعية الرابعة وبين احوال الحكومة اللبنانية التي لم تتأخر بفعل التعطيل عن مواكبة سرعة العصر أو توفير الخدمات للمواطنين بأقصى سرعة وحسب، وإنما لم تفلح في معالجة بديهيات كأزمات السير والفساد.. والنفايات.
القمة العالمية الرابعة التي افتتحت اعمالها امس برعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تحت شعار «استشراف حكومات المستقبل»، أثارت عناوين وتحديات كبرى تنتظر الحكومات في العالم، في إمارة اصبحت اختباراً نموذجياً مع تجاوز حكومتها مرحلة «الحكومات الالكترونية» لتنتمي الى نادي «الحكومات الذكية» في العالم.
كلمة الافتتاح القاها وزير شؤون مجلس الوزراء، رئيس القمة، محمد عبدالله القرقاوي فقال إن استشراف المستقبل والاستعداد للمتغيرات المحتملة في السنوات القادمة ليست أعمالاً تكميلية للحكومات بل هي من اهم الأساسيات، لأن الحكومات غير المستعدة للمستقبل ستهدر بلا شك سنوات وثروات ومستقبل». ونوّه بالتطوّر الأبرز الذي يتمثل بتحويل القمة من حدث سنوي الى مؤسسة دولية.
وأول المتكلمين من ضيوف القمة التي استضافت اكثر من 125 دولة و3000 مشارك بينهم قادة وخبراء وصنّاع قرار ووزراء وقادة ابتكار، كان رئيس مؤسسة المنتدى الاقتصادي العالمي البروفسور كلاوس شواب الذي قال إن المستقبل «يتطّلب من الحكومات تطوير رأس المال البشري والمهارات وتوفير امكانات التعلّم المستمر وإشراك جميع فئات المجتمع وعلى رأسها النساء في عملية التغيير».
أضاف إن الثورة الصناعية الرابعة «لن تكشف الهوة بين الدول المتطوّرة والأقل تطوراً بل بين تلك التي سارت في طريق التطوير والابتكار وحققت السعادة لشعوبها وتلك التي بقيت خارج هذا المسار». وقال إن الثورة الرابعة تختلف عن سابقاتها «بسرعتها الهائلة والتغييرات التي ستأتينا بها لن تصلنا كالأمواج الهادئة بل كالتسونامي. كما انها لا تقدم انجازاً واحداً فقط بل عدة انجازات متلاحقة في وقت قياسي، فالاختراعات والابتكارات تدعم بعضها بعضاً وتترابط مثل انترنيت الأشياء والذكاء الاصطناعي والروبوتات».
من ناحيته، دعا رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم في القمة قادة الدول إلى «تشكيل حكومات تمثل الجميع»، مشدداً على أنّ «الحوكمة الجيدة هي أساس التقدم»، وأشار إلى أنّ «العديد من دول العالم تصبح أكثر هشاشة ما يجعل القيادة المستندة إلى المساواة والحوكمة الجيدة أكثر أهمية».
كما تحدث في القمة البروفسور جيم الخليلي استاذ الفيزياء في جامعة «دبي» عن الإرث المنسي للحضارة العالمية الاسلامية، فسلّط الضوء على العصر الذهبي للعلوم في العالم الاسلامي، وأثر ازدهار هذه العلوم على تطور الحضارة الغربية ونهضتها الحالية.
الإمارات لتخصيص خدمات الحكومة
وبالتزامن مع انطلاق أعمال القمة، كشف رئيس مجلس الوزراء الإماراتي أنّ بلاده تعتزم إسناد معظم خدمات الحكومة للقطاع الخاص وخفض عدد الوزارات، وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عبر حسابه الرسمي على موقع «تويتر«: «سيكون لدينا خارطة طريق لتعهيد أغلب خدمات الحكومة للقطاع الخاص«، موضحاً أنّ «الحكومة الجديدة ستضم عدداً أقل من الوزارات وعدداً أكبر من الوزراء للتعامل مع ملفات وطنية واستراتيجية«، وأعلن عن تشكيل وزارة واحدة للتعليم تُدمج فيها وزارة التعليم العالي بالإضافة إلى دمج كيانات حكومية أخرى في الوزارات ذات الصلة.
أوباما
وكان الرئيس الاميركي باراك أوباما قد دعا، في كلمة مصوّرة بُثت خلال اليوم الافتتاحي للقمة، الدول العربية إلى تشكيل حكومات جامعة يتمثل فيها جميع الأطراف لضمان الأمن في المنطقة. وقال: «عندما تستثمر الحكومات فعلاً في مواطنيها وتعليمهم ومهاراتهم وصحتهم، وعندما تحترم حقوق الانسان، فإن الدول تصبح أكثر سلاماً وازدهاراً ونجاحاً»، مضيفاً: «كما شاهدنا في الاضطرابات التي تجتاح الشرق الاوسط وشمال افريقيا، فإنه عندما لا ترتقي الحكومات بمواطنيها يكون ذلك وصفة لعدم الاستقرار والنزاع (…) لاحظوا أنه في أنحاء المنطقة والعالم فإن الذين تبنوا الاصلاحات من بينكم واستثمروا بحق في حياة شعوبهم سيبقون شركاء واصدقاء للولايات المتحدة». كما لفت أوباما إلى أنه ناقش مع زعماء الدول الخليجية الست العام الماضي في كامب ديفيد كيف أنّ «الأمن الحقيقي والدائم يتطلب تشكيل حكومات جامعة تخدم جميع المواطنين».