Site icon IMLebanon

السندات الحكومية تطلق إشارات سلبية عن حال الاقتصاد العالمي

stocks-bonds-s
إلين مور، روبن ويجلزويرث، و ليو لويس

إذا كانت أسواق السندات الحكومية الرئيسة على حق، فإن الاقتصاد العالمي يتجه نحو حالة من الركود، وسياسات البنوك المركزية للتخفيف سوف تسحب أسعار الفائدة أعمق من قبل داخل المنطقة السلبية.

في ألمانيا متوسط العائد على جميع السندات الحكومية سلبي الآن، في حين أن اليابان في طريقها لتصبح أول سوق متقدمة لديها سندات لأجل عشر سنوات لا تحقق أي عوائد. في أوروبا واليابان، يتم الآن تداول سندات حكومية قيمتها نحو ستة تريليونات دولار عند مستويات عالية تماما، إلى درجة أن المشترين سوف يخسرون إذا احتفظوا بهذه الأوراق المالية إلى مرحلة الاستحقاق.

عبر المحيط الأطلسي أخذ صوت الحديث عن خطر الركود يصبح عاليا في الأسابيع الأخيرة بين المستثمرين، مع وصول العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات إلى أدنى مستوى له منذ تسعة أشهر؛ عند 1.80 في المائة هذا الأسبوع.

يقول ماركوس بروكس، وهو مدير صندوق في شركة شرودرز: “عند هذه المستويات سوق السندات تتوقع الركود. إن طريقة كتب الأطفال في تفسير ذلك هي أنه على مدى السنوات العشر المقبلة عليك أن تفكر بأن التضخم سيكون أدنى بكثير من 2 في المائة حتى ترغب في شراء هذه السندات. وعدا ذلك قد تكون عالقا في الخسارة”.

وبدأ كثير من المستثمرين عام 2016 بتوقع نمو أكثر ثباتا، بقيادة الولايات المتحدة، مدفوع بالإنفاق الاستهلاكي المدفوع بالطاقة الرخيصة. لكن التوقعات تراجعت سريعا وشهدت أسواق الأسهم العالمية وسندات الشركات المستثمرين وهم يتوجهون للخروج، منزعجين من تباطؤ الصين الذي يجرجر التجارة العالمية.

في مثل هذه اللحظات، يتسارع الطلب على السندات الحكومية التي تدفع الدخل الثابت، لكن هل الارتفاع الحالي في أسعار السندات السيادية تجاوز الحد المعقول؟

يواجه المستثمرون ظرفا صعبا يتمثل في تقييم ما إذا كان انخفاض التضخم قد أصبح راسخا بفضل الانهيار في أسعار السلع الأساسية. والقلق الأكبر هو هل كان تدخل البنوك المركزية في الأسواق المالية سببا في جعل التسعير مبهما إلى درجة أن المستثمرين يخاطرون بهذا النوع من الخسائر التي تكبدوها في نيسان (أبريل) الماضي، حين انتهى فجأة صعود في أسواق السندات كان مدفوعا من البنك المركزي الأوروبي؟

السندات ذات العوائد السلبية، أو المنخفضة للغاية تبدو غير جذابة، لكنها تبدو منطقية مع أسعار الفائدة السلبية قيد الاستخدام أصلا من قبل البنوك المركزية في اليابان والدنمارك والسويد وسويسرا ومنطقة اليورو، بينما البنوك المركزية الكبرى تشير إلى أنها على استعداد لبذل مزيد من الجهد لمعالجة انخفاض معدلات التضخم.

مايك آمي، مدير أول المحافظ في شركة بيمكو، إحدى كبريات شركات الاستثمار في العالم، يلاحظ أن السندات لأجل خمس سنوات وعشر سنوات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا أكثر جاذبية من السندات ذات الآجال الأقصر.

ويقول: “على الرغم من أن العوائد المطلقة منخفضة، إلا أننا نعتقد أن التضخم وأسعار الفائدة من المرجح أن يظلا منخفضين في المتوسط، أو على المدى المتوسط، ما يجعل السندات المستحقة في غضون خمس إلى عشر سنوات لا تزال جذابة نسبيا”.

وكانت الأسواق قد شعرت باستثارة مفاجئة بعد اتخاذ بنك اليابان قرارا مفاجئا باعتماد أسعار الفائدة السلبية في نهاية كانون الثاني (يناير). ويرى مستثمرون الآن أن اليابان لا تستبعد استخدام أي أداة لتحقيق رغبتها في تضخم بنسبة 2 في المائة.

وعلى الرغم من أن العوائد السلبية التي أدخلها البنك المركزي ستؤثر فقط في جزء صغير من احتياطياته، إلا أن أسعار السندات الحكومية في جميع أنحاء العالم قفزت، ما أدى إلى إرسال تريليونات الدولارات من السندات إلى المنطقة السلبية. ويراهن مستثمرون على أن البنوك المركزية الأخرى ستوجه أنظارها أيضا إلى سياسة أسهل، وهو رأي تم تأكيده خلال الأسبوع الماضي، حين قال ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، يوم الخميس إن التضخم الضعيف على المستوى العالمي ليس عائقا أمام البنك المركزي الأوروبي، إذا قرر إضافة التحفيز ـ إذا لزم الأمر. في الوقت نفسه، استشهد مارك كارني، محافظ بنك إنجلترا، بأن الاقتصاد العالمي هو سبب انخفاض توقعات التضخم في المملكة المتحدة.

بيل دادلي، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، ثبط أيضا توقعات المستثمرين بشأن زيادة أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، من خلال التصدي للأوضاع المالية العالمية المشددة الأسبوع الماضي.

هبوط عوائد سندات الخزانة الأمريكية عمل مرة أخرى على إحراج محللي المصرفية الاستثمارية الذين توقعوا ارتفاع تكاليف الاقتراض في الولايات المتحدة. ففي كانون الأول (ديسمبر) الماضي توقع اثنان فقط من بين 73 محللا استطلعتهم “بلومبيرج”، أن العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات سينخفض إلى ما دون 2 في المائة مرة أخرى.

يقول مايكل ماتيراسو، من شركة فرانكلين تمبلتون: “اعتقد الجميع أن هبوط العوائد قد انتهى، لكن يأتي بنك اليابان بعد ذلك ويدخل أسعار الفائدة السلبية”.

شركات الوساطة على الإنترنت، وبيوت الأوراق المالية، ومشغلو منصات تداول العملات الأجنبية في طوكيو، يتحدثون عن احتمال عودة المستثمرين اليابانيين إلى السوق على شكل مشترين لسندات الخزانة الأمريكية بمجرد أن تتراجع التقلبات.

ويعتمد العمر الافتراضي للارتفاع في السندات الحكومية على طول المدة التي يحافظ فيها المستثمرون على الثقة بالبنوك المركزية. ويعتقد بعض المستثمرين أن الثقة تتلاشى منذ الآن. تاد ريفيل، كبير مسؤولي الاستثمار في الدخل الثابت في إدارة شركة TCW الأصول، يلاحظ أن كل دورة اقتصادية لديها حكاية كبيرة يكون مصيرها التفكك في نهاية المطاف. في أواخر التسعينيات كانت ثورة المعلومات، وفي العقد الأول من القرن الحالي كانت أسعار المنازل.

ويقول: “في هذه الدورة كانت الحكاية أن البنوك المركزية هي التي تمسك بمقاليد الأمور، وتعرف ما تفعله، وتستطيع مواصلة اللعبة إلى أي مدى تشاء. لكن البشر لم يجدوا وسيلة لإلغاء الدورات”.