IMLebanon

زيادة سعر البنزين .. هدر يغطّيه غياب الموازنة

GasolineStation2
عند الحديث عن مسؤوليات الحكومة ومجلس النواب تجاه المواطن، تختفي أصوات أعضاء المجلسين، ويتقاذفون المسؤوليات في حال أرادوا الكلام. لكن عملياً، الصمت او التقاذف لا يخفي حقيقة فشل الطبقة السياسية بكل أطيافها. فمن لم ينتفع منها بقسم من الكعكة، يسكت لإنتفاعه من “التشبيح” السياسي والأمني الذي يصبح حقاً مكتسباً لمن يدخل الى كنف إحدى السلطتين التشريعية والتنفيذية. أما الأصوات، فتنطلق مغرّدة في حال طرح أي ضريبة إضافية على السلع الأساسية، ومنها المحروقات.

من المسؤول عن طرح الزيادة على سعر صفيحة البنزين؟. لا يمكن حصر المسؤولية بالرئيس فؤاد السنيورة أو برئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يؤيّد الزيادة “لكن ليس بحدود 5000 ليرة”، فالمسؤولية مشتركة وتقع على كل القوى السياسية التي لا شك ستلجأ الى لعبة رفض الزيادة من منطلق فردي، وقبولها من منطلق جمعي تحقيقاً لـ “الصالح العام”، تماماً كما حصل مع التمديد لمجلس النواب، فالموافق والمعترض بقي داخل المجلس. هذه القوى المسؤولة عن “غياب الموازنة العامة وعن عدم إجراء قطع الحساب السنوي” هي التي أوصلت الوضع الى ما هو عليه، برأي نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض، الذي يؤكد لـ “المدن” على ان “ما يحصل هو نتيجة فشل السلطة السياسية بكل أحزابها في إنهاء ملف رئاسة الجمهورية وحل أزمة النفايات وإنهيار الوضع في مؤسسة الكهرباء… وغير ذلك”، ويستغرب محفوض “سكوت غالبية الناس”، لكنه يؤكد ان الدعوة التي وجهتها هيئة التنسيق النقابية أمس الإثنين، الى الإضراب العام يوم الخميس في حال إقرار الزيادة، ستقول لمن يسكت وللقوى السياسية ان “هناك من لا يزال يرفض هذه الممارسات، ولن يسكت عنها”.

الزيادة “حاصلة حتماً”، بحسب ما تفيد به مصادر “المدن”، لكن ما بين 3000 و5000 ليرة. سيكون هناك تفاوض يسمح للقوى السياسية من خلاله بخفض المبلغ الى 3000 ليرة، وهو ما كان مطروحاً في الأصل. لكن عملية الأخذ والرد حول القيمة، ستكون إمتصاصاً لأي تحرك شعبي رافض، مع علم أحزاب السلطة المسبق بأنه لن تكون هناك تحركات شعبية واسعة، لأنها تمسك بغالبية الشارع.

ذريعة تمويل الدولة التي تقدمها السلطة، تعني بأن هناك عجزاً في الخزينة. لكن كيف للسلطة إكتشاف العجز من دون وجود موازنة منذ العام 2005؟. وغياب الموازنة التي توضح مسار الأموال التي يفترض تحصيلها من زيادة سعر البنزين، هو السند القانوني الأساس لرفض الزيادة. حيث ان الأموال المحصّلة لن تكون مراقَبة، وبالتالي ليس هناك من يضمن ذهابها الى الخزينة، خاصة وان الفساد هو السمة الأبرز للحياة السياسية اللبنانية. فضلاً عن ان توظيف المبالغ المحصّلة لن يُلحظ في ظل غياب الموازنة التي تسجّل أبواب الإنفاق، وعليه، فإن مبلغ 249 مليار ليرة، المحصّل من زيادة 3000 ليرة بالحد الأدنى على “83 مليون صفيحة بنزين تباع سنوياً”، سيكون عرضة للإختفاء تماماً كما اختفى الوفر المحقق جرّاء إنخفاض أسعار النفط.

الإتفاق على الزيادة يستمد “روحيّته” من إقتراح سابق لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بزيادة سعر المحروقات لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، فالإقتراح أعطى ضوءاً أخضر لفتح شهية السياسيين على فرض الضرائب التي لا تؤذي الهيئات الإقتصادية، وبالتالي لا تؤذي السياسيين. وعليه، فإن الروح موجودة، وتنتظر “نفخها” في الجسد الضريبي، حتى تخرج الضريبة الى الحياة. على ان الخطوات التنفيذية تنطلق من وزارة الطاقة التي يعود لها إقتراح الضريبة على البنزين، فالوزارة بحسب ما تقوله ريتا شاهين مسؤولة المكتب الإعلامي لوزير الطاقة ارتور نظريان، “لديها الصلاحية لذلك، لكن القرار سياسي ليس بيد الوزارة”. وتؤكد شاهين لـ “المدن” على ان “الوزير ليس بوارد فرض أي ضريبة، لكن المسألة ليست متعلقة فقط بصلاحياته”.

إذن، نقطة بداية مشروع فرض الضريبة، غير متوافرة، فهل يقول نظريان “لا” رسمياً، في وجه باقي مكونات السلطة؟ أم ان “المصلحة العامة” أو التوافق السياسي سيكونان غطاءً لتمرير الصفقة؟. وللمفارقة، فإن أحداً من الطبقة السياسية لم يطرح جدياً إمكانية إفادة الشعب اللبناني من وفر إنخفاض أسعار النفط، أو يطرح تمويل سلسلة الرتب والرواتب أو تثبيت المتطوعين في الدفاع المدني، أو حتى البحث في خفض أسعار السلع الأساسية ومراقبة الإنخفاض.