يُشرع السفير الإيراني محمد فتحعلي بشرح سياسة بلاده في المنطقة.
والذكرى الـ37 للثورة الإيرانية شكلت مناسبة حديث فتحعلي مع بعض الإعلاميين اللبنانيين، والذي انطلق من سؤال “السفير” حول جدية التهديدات السعودية والخليجية بالتدخل البري في سوريا، لكي يقارب واقع المنطقة ككل حيث تشكل المعركة مع «الكيان الصهيوني» والتيارات التكفيرية الأولوية.
يشدّد الديبلوماسي الإيراني على أهمية علاقات الجيرة في المنطقة، ذلك أن إسرائيل هي المستفيد الأول مما يحصل من شقاق أو قتال في المنطقة، ويعتبر أن “أي طرف يستخدم الخطاب الطائفي يخدم أعداء الأمة ويُضر بمصالح المنطقة”.
لا يرغب فتحعلي في استخدام لغة صدامية في حديثه، لكن اللبيب من الإشارة يفهم: أية تحركات سعودية في سوريا لن تزيد سوى المشاكل في المنطقة وستعقد الأمور فيها أكثر فأكثر.
هو تحذير ضمني للسعودية من التدخل في الرمال السورية. لكن الأولوية بالنسبة الى فتحعلي هي لمقاتلة الجماعات الإرهابية والتكفيرية التي تريد إيجاد الشرخ في الأمة. وهو يربط بين هؤلاء الجماعات وإسرائيل، “إذ لدينا قناعة راسخة أن التكفير هو من إفرازات الكيان الصهيوني”.
انطلاقاً من ذلك، تبدو المعركة واحدة بالنسبة الى إيران، ويطالب فتحعلي دول المنطقة بالتحرك جدياً ضد تلك الجماعات التي تشكل خطراً داهماً، “وبصدق”، كما فعلت إيران في سوريا والعراق “حيث قدمنا دعماً لا يستهان به لمواجهة هذا الخطر الإرهابي”. وهو يطالب دول المنطقة بالتحرك “كرجل واحد بوجه تلك الجماعات التي لا تهدد تلك الدول وحدها، بل هي تهدد دول العالم. اذ ان الرؤية الموحدة تجاه هذا الخطر تسمح بتوجيه البوصلة نحو المعركة الأساس بوجه الكيان الصهيوني”.
يقارب الديبلوماسي الإيراني حال المنطقة على ضوء واقع جديد رسم خريطته الاتفاق النووي. يشرح بإسهاب ما حصل بعد مفاوضات شاقة، والإنجاز الذي تحقق في الوقت الذي كانت فيه أطراف عديدة تحاول التشويش على ما يحدث. هي الـ “إيرانوفوبيا”، يقول فتحعلي، التي تريد إخافة الشعوب مما يُسمى بالخطر الإيراني. لكن إيران تمكنت من تجاوز عقبات كبيرة قبل التوصل الى الاتفاق “تمكنا من الحفاظ على كل ثرواتنا ومكاسبنا”، يقول فتحعلي. على ان هذا «الانتصار» السياسي يجب وضعه برسم المنطقة كلها، كما يؤكد فتحعلي.
يأتي السياسي الإيراني الى الموضوع اللبناني.
يُسهب في شرح إعجابه بهذا البلد وبحريته. ويرى ضرورة استغلال الفرصة التي حقتتها بلاده لتعزيز التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين بلدين يتمتعان بمجموعة من المزايا ويجب عليهما تعزيز تعاونهما الثنائي.
تقدر طهران مكانة لبنان، أما مقاومته البطولية، فقد حققت الإنجاز في ظل معادلتها الثلاثية الذهبية “الجيش والشعب والمقاومة”. لكن السياسي الإيراني لم يرغب الالتزام، رداً على سؤال لـ “السفير”، بأي تعهد إيراني في ما يتعلق بمرشح ما للرئاسة اللبنانية، على ضوء ترشيح “حزب الله” للعماد ميشال عون للرئاسة.
يوضح الديبلوماسي الإيراني أنه باشر مهمته في لبنان في ظل الفراغ الرئاسي. “مقاربتنا في الموضوع اللبناني بالغة الشفافية ويشهد لها الأعداء قبل الأصدقاء”. بهذه العبارات يعبر فتحعلي عن رؤيته اللبنانية. “نحن ندعم جبهة المقاومة في كل المجالات، لكن لا نتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية”. ويضيف: المسؤولون اللبنانيون يملكون ما يكفي من الحكمة في هذا الموضوع الذي لا يجب ان يخضع للتدخلات الخارجية.
أما على صعيد الهبة الإيرانية، فإن “الكرة في الملعب اللبناني وطهران تنتظر رداً على عرضها الذي يشكل فرصة للبنان لكونه يأتي من دون شروط مسبقة، ويقدم باحترام كما أنه يأتي لمصلحة الشعب اللبناني، وينبغي الابتعاد عن أية حسابات خارجية على هذا الصعيد”، يشدد فتحعلي.
يتمنى الضيف الإيراني تطبيق البروتوكولات الثنائية مع لبنان الذي في إمكانه الاستفادة من سوق استهلاكية تصل الى 80 مليون نسمة، مذكراً أن إيران تقع في منطقة يقطنها 400 مليون نسمة وتجاور 15 دولة “لذا فإنها فرصة ينبغي أن تُغتنم”.
بالنسبة الى الأزمة السورية، يتخذها فتحعلي دليلا على اقترفته التدخلات الخارجية. لقد طالت تلك الأزمة بسبب ذلك، كما يرى، وهو يشير الى موجات المقاتلين الأجانب التي قدمت الى الأراضي السورية، في ظل حركة تسليح يومية تتضمن أحدث التجهيزات التي توفر لهم.
بالنسبة الى الديبلوماسي الإيراني، لا شك لديه في دور إسرائيل الرئيسي في التسبب بالأزمة السورية التي يقع حلها على عاتق الشعب السوري، سياسيا. الأمر سيان بالنسبة الى مشاكل المنطقة كافة التي يجب ان لا تخضع للتدخل الخارجي ويقع حلها على عاتق دول المنطقة.