حنان حمدان
لم تستلم البلديات في بيروت وجبل لبنان أموالها من عائدات الخلوي بعد، رغم تأكيد وزير المال علي حسن خليل تحويلها إلى حسابات هذه البلديات لدى مصرف لبنان مطلع الأسبوع الحالي، تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء القاضي بتوزيع أموال البلديات من عائدات الخلوي والصادر منذ نحو شهرين. علماً أن بعض البلديات الأخرى قد حصَلت على أموالها من هذه العائدات منذ أكثر من شهر، فلماذا التأخير في دفع مستحقات بلديات بيروت وجبل لبنان إذاً؟ وهل هناك قطب مخفية تحول دون دفعها؟
تؤكد مصادر “المدن” في مصرف لبنان أن أموال بلديات جبل لبنان وبيروت من عائدات الخلوي قد تم تحويلها إليه، لكنّها تحتاج إلى يومين إضافيين كي تُصرف، نظراً للإجراءات الروتينية التي تعتمد في مثل هذه الحالات. ما يعني أن الأموال قد رُصدت حقيقة لدفع المستحقات، لكنّ تأخير صرفها يثير الشك حول مسبباته، لاسيما أن هذه البلديات مرتبطة بملف النفايات و”سوكلين” على خلاف البلديات الأخرى، وتوجد إشكالية في احتساب أموالها.
وعليه فإن الإشكالية في إحتساب الأموال، لا تنفي تأكيدات مصرف لبنان في شأن الأموال الموجودة لديه، لكنّها تثير أولاً مخاوف معظم هذه البلديات لجهة عدم تحويل الأموال الى حساباتها، وفق ما يؤكده لـ “المدن” رئيس بلدية الغبيري في الضاحية الجنوبية، محمد الخنسا، مشيراً إلى أن “الحديث عن صرف المستحقات لن يصبح حقيقة إلا حين تودع الأموال في حسابات البلديات”. فيما يُخشى ثانياً، تحويل هذه الأموال على مراحل متقطعة.
من جهة ثانية، لم تُعرف بعد حجم الأموال المقتطعة، إذ إن قرار مجلس الوزراء القاضي بتوزيع عائدات الخلوي قد تضمن إقتطاع نسبة من أموال بلديات بيروت وجبل لبنان، تتراوح بين 10 و30 في المئة بحسب عائدات كل بلدية. وذلك، لدفع مستحقات شركة “سوكلين” عن السنوات الماضية والتي لم تتقاضَ خلالها “سوكلين” سوى جزء من مستحقاتها، أما الجزء المتبقي فقد تراكم بشكل ديون على الدولة اللبنانية، سيجري سدادها من النسب المقتطعة من العائدات الخاصة ببلديات بيروت وجبل لبنان، ما عدا البلديات المجاورة لمطمر الناعمة والتي أعفيت من دفع رسوم “سوكلين”، وتقاضت تعويضاً عن الضرر الذي لحق بها، وفق ما أكده الناشط البيئي زياد المهتار، في حديث لـ “المدن”.
يتفق رئيس إتحاد بلديات الغرب الأعلى والشحار وليد العريضي مع الخنسا في شأن صرف الأموال، والنسب التي ستقتطع لصالح “سوكلين”، ويعتبر أن البلديات “لم تُسأل حين تم التعاقد مع سوكلين، ولم يتم إستشارتها في هذا الشأن، ولم يتم إخبارها بتلك الديون سوى في العام 2012″، إذ تبين مؤخراً، وفق ما يقوله لـ “المدن”، “أننا كبلديات تراكمت علينا ديون لصالح سوكلين منذ العام 1996، في حين لا يثق معظمنا بدقة حسابات سوكلين وكمية الأطنان التي احتسبتها من دون إجراء أي تدقيق”.
أما عن جدولة المستحقات من عائدات الخلوي والتي تتراكم منذ 20 عاماً، يعتبر الخنسا أن إحتساب عائدات الخلوي عن السنوات الست الأخيرة وإلغاء السنوات السابقة من دون زيادتها على المستحقات، ليس سوى “إثبات على اسلوب سرقة ممنهجة لأموال البلديات من قبل القيّمين على الحكومة”.
إحتساب هذه العائدات عن فترة ست سنوات فقط، لم يحصر بالبلديات التي ارتبطت بملف “سوكلين”، إذ إن البلديات التي حصلت على مستحقاتها كبلدية صيدا لم تحصل سوى على 9 مليارات ليرة، وفق ما أكده لـ”المدن” رئيس بلدية صيدا محمد السعودي، من دون أن يعلم إن كانت البلدية ستحصل على دفعات أخرى. فيما “بلغت حصة بلدية بعلبك من عائدات الخلوي 5 مليارات فقط، في حين بلغ مجموع مستحقاتها 20 مليار ليرة، وبذلك تكون البلدية قد حصَلت على نسبة 25 في المئة من مستحقاتها، بحسب ما يقوله لـ “المدن” رئيس بلدية بعلبك حمد حسن، مشيراً إلى أهمية دفع كامل المستحقات للبلديات كي تتولى تنفيذ المشاريع التنموية لاسيما المشاريع المتعلقة بالنفايات، إذ إن التحويلات التي حصّلتها البلدية من الصندوق البلدي المستقل سابقاً، لم تكن تكفي إلا لدفع قيمة الخدمات التشغيلية”.
في المحصلة، لا يسع بلديات بيروت وجبل لبنان سوى الإنتظار إلى حين تحويل الأموال إلى حساباتها لدى مصرف لبنان، لمعرفة قيمة النسبة المقتطعة من الأموال، وتسجيل إعتراضات في هذا الشأن. وإلى ذلك الحين تترقب البلديات المعنية بملف النفايات البت في موضوع الترحيل، إذ يرجّح فرض جزء من التكاليف على هذه البلديات، ولذلك، فهي قلقة من أن تكون وزارة المال تقصّدت تأخير توزيع عائدات الخلوي بإنتظار البت في خيار الترحيل، كي يتسنى لها إقتطاع نسبة إضافية من الأموال، ما سيزيد الأمر سوءاً وتعقيداً.