يحذو القطاع الخاص اللبناني حذو نظيره العام في طريقة معالجة ديونه المتراكمة سنوياً، فيمدّد أمد بعض الديون، ويستبدل أخرى بديون جديدة، حتى بات استبدال الدين بالدين نهجاً تتبعه القطاعات بصورة دورية خلال السنوات الأخيرة، لاسيما مع اقتراب الاستحقاقات المالية.
مؤسسات القطاع الخاص لاسيما السياحية والصناعية منها، وإن كانت لا تُجاري القطاع العام بسياسته المالية غير ذات الجدوى، إلا أنها تبحث راهناً عن مخارج للعجز المتراكم الناجم عن هبوط مستوى نموها وتلوّث بيئة أعمالها بتوترات سياسية محلية وإقليمية. وتقتصر تلك المخارج على جدولة الديون بتمديد أمد تسديدها أو بإستبدالها بديون جديدة ومحاولة إقناع المصارف برفع مستوى القروض المدعومة للشركات، وتوسيعها الى قروض تشغيلية.
وتدور في الأيام الأخيرة، وفق مصادر “المدن”، مروحة اتصالات بين أركان القطاع الخاص، الإنتاجي من جهة والمصرفي من جهة أخرى، في إطار السعي إلى جدولة بعض ديون المؤسسات، وسط توجه لانتقاء نوعية الديون وتصنيفها على غرار سنوات سابقة. أي أن تقتصر إعادة الجدولة على الديون التي تندرج ضمن فئة “للمتابعة والتسوية” و”ديون قابلة لإعادة الهيكلة”، ولا تشمل الديون التي تندرج تحت فئة “دون العادي، ومشكوك في تحصيلها، والديون الرديئة”. وتكشف المصادر عن تردّد مصرف لبنان والقطاع المصرفي عموماً في شأن توسيع دائرة القروض المدعومة.
ديون القطاع الخاص اللبناني للمصارف والمؤسسات المالية لم يعد ممكناً الإستهانة بها بعد بلوغها نحو 55 مليار دولار في نهاية العام 2015، وهي تمثل نحو 110% بالمقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي، أي أنها وصلت الى مستوى يصفه رئيس تجمع رجال الأعمال في لبنان فؤاد زمكحل في حديثه لـ”المدن” بـ”الصعب” ما لم يتم تدارك الأمور، ليس بجدولة الديون فحسب، وإنما بمنح الشركات المزيد من القروض المدعومة ليس فقط للقطاعات الإنتاجية وإنما كذلك للأمور التشغيلية (كالإيجارات ورواتب الموظفين ومستحقات الموردين ونفقات أخرى…).
والأهم من كل ذلك، وفق زمكحل، هو تحسين بيئة الأعمال وتشجيع الإستثمار عبر فتح رأسمال الشركات الخاصة واستقطاب استثمارات اليها لاسيما الى الشركات العائلية، أي ان يتم جذب مستثمرين الى الشركات العائلية ليتقاسموا معها تسديد جزء من ديونها ويستحصلون في المقابل على حصص في رأسمالها، وهذه المقترحات تنطبق على الشركات التي تعتمد نظام شفافية عالياً وحوكمة وإدارة رشيدة.
وعن مدى تجاوب مصرف لبنان والمصارف الخاصة مع مطالب القطاع الخاص يرى زمكحل أن المخاوف لدى القطاع المصرفي من أن تُستخدم القروض المدعومة والأموال في غير مكانها، هو أمر طبيعي، من هنا لا بد من تشديد الرقابة قبل الشروع بتوسيع دائرة القروض بهدف الإستفادة منها بشكل فعال من قبل الشركات التي تستحقها دون غيرها.
ديون القطاع الخاص الـ 55 مليار دولار تتوزع على مؤسسات القطاعات الإنتاجية جميعاً، ولكن الأرقام تشير الى أن للقطاع السياحي منها حصة الأسد ويليه القطاع الصناعي، فالأول تراجعت فيه الأعمال خلال العام 2015 بما يفوق نسبة الـ50 في المئة، أما الثاني فبلغت نسبة تراجع الأعمال فيه نحو 20 في المئة على صعيد الاستهلاك المحلي، و15 في المئة على صعيد التصدير.