IMLebanon

تسوية للمنطقة لبنان خارجها!

lebanon-flag

أشارت الوكالة “المركزية” إلى أنّه في الوقت الذي يكثر الحديث عن تسوية شاملة مقبلة على المنطقة تحاك خطوطها اليوم بتروٍّ على يد الاميركيين والروس بعيدا من الاضواء، على أن تظهر مفاعيلها تباعا اثر وضع التسوية السورية على السكة، تنفي أوساط دبلوماسية غربية ما يشاع عن صفقة أميركية ـ روسية حول المنطقة، كما تستبعد أوساط سياسية عربية مقيمة في واشنطن حصول اتفاق كهذا نظرا الى انهماك الادارة الاميركية بالانتخابات الرئاسية التي انطلقت فصولها التمهيدية في عدد من الولايات، وانصراف وزير الخارجية جون كيري الى مواكبتها تماما كما الرئيس باراك اوباما الذي يحاذر حاليا القيام بأي خطوة قد تنعكس سلبا على المعركة وحزبه ومرشحه الديموقراطي وتصب في صالح الجمهوريين.

الا انّ مراقباً دبلوماسياً مقيماً في باريس لا يسقط من حساباته امكانية قيام صفقة دولية واقليمية حول المنطقة انطلاقا من التسوية السورية، لكنه يعتبر ان احدا لا يملك معطيات حولها وقد ازداد أفقها ضبابية اثر تعثر المفاوضات التي انعقدت منذ ايام في جنيف في شأن سوريا في مراحلها التمهيدية ما اضطر المبعوث الاممي ستيفان دي مستورا الى تأجيلها حتى الخامس والعشرين من الجاري لتذليل العقد التي برزت منعا لافشال المفاوضات. غير ان الاخفاق حتى اليوم في إقناع الجانبين السوريين بالجلوس مجددا الى الطاولة سيما بفعل رفع موسكو سقف الاعمال العسكرية في سوريا مسهّلة استرجاع النظام مناطق كانت تحت سيطرة المعارضة، اعتبرته واشنطن والرياض كما المعارضة السورية عملا تصعيديا لا يساعد في الحل المنشود بل يدفع الى مزيد من التعقيد. ففي حين ناشدت الولايات المتحدة روسيا وقف اطلاق النار فورا، اعلنت السعودية ودول اسلامية سنية تأليف قوة عسكرية للتدخل في سوريا لمحاربة داعش ومنظمات متطرفة أخرى، الامر الذي اعتبره وزير الخارجية السورية وليد المعلم عملا عدوانيا ضد الدولة السورية، في حين حذرت روسيا وايران من خطورة الخطوة وتداعياتها على الوضع في سوريا والمنطقة التي قد تدفع في اتجاه الحرب.

ويعتبر المراقب الدبلوماسي لـ”المركزية”، انّ المعلومات حول صفقة اميركية روسية اذا كانت صحيحة، فهذا لا يعني انها ستحصل غدا او في المدى المنظور، فحل الازمة السورية ليس سهلا ويرجح أن يأخذ وقتا وقد يمر بمطبات كثيرة. ويشير الى معلومات تفيد بانّ الجانب الاميركي اتفق مع السعودية وتركيا على قيام حكومة انتقالية في سوريا تحال اليها كامل صلاحيات الرئيس وتعمل على تعديل الدستور ووضع قانون جديد للانتخاب وعلى اجراء انتخابات نيابية وقيام نظام برلماني ينتخب على اساسه النواب رئيس الجمهورية، على أن توزع السلطة على المكونات السياسية كما هي الحال في لبنان، وتُعطى كل طائفة ومذهب مناصب وفق حجمه من دون تضخم وبعيدا من تسلط فئة على اخرى. ويلفت الى ان “هذه الصيغة التي تبحث اليوم خلف الابواب المغلقة قد تنسحب على الازمة في العراق واليمن وغيرها من الدول التي تشهد صراعات ذات خلفية مذهبية، بحيث لا يطغى مكون على الاخر وتحفظ حقوق الأطراف الداخلية كلها وفق احجامها، مع التشديد على ضرورة وضع حدّ لأي نفوذ اقليمي طاغ لاي دولة على ساحة دولة اخرى وفرض احترام سيادة واستقلال دول المنطقة.

في المقابل، يلفت الدبلوماسي الى ان “لبنان ليس في صلب الصفقة العتيدة، اذ ثمة محاولات حثيثة لتحييد ساحته نظرا للخصوصية التي يتمتع بها لانه البلد الوحيد في المنطقة الذي يرأسه مسيحي. وفي اطار هذه الجهود، يتم السعي الى تحرير الاستحقاق الرئاسي العالق في عنق الزجاجة من شباك الصراع الاقليمي المستعر”. ويوضح انّ “ما يعمل عليه اكثر من طرف دولي هو انتخاب رئيس من خارج الاصطفافات السياسية، لا يعدّ انتخابه انتصارا لفريق على الاخر”، مشيرا الى انّ “الحل الافضل يكون بالاتيان برئيس لا يعادي لا السعودية ولا ايران، رئيس يحظى بدعم سياسي وشعبي يرضى به الجميع ويكون على تواصل مع الجميع وليس رئيسا من طرف واحد”. ويكشف ان هذه المعايير تم بحثها مع الرئيس الايراني حسن روحاني عندما زار الفاتيكان وفرنسا، حيث اثار المسؤولون في الدولتين مخاوف من تداعيات محاربة الارهاب في ظل الفراغ الرئاسي وتفكك وتحلل مؤسسات الدولة، واعربوا عن خشيتهم من انتقال الارهابيين في ظل هذه الوضعية الشاذة، الى لبنان”.

انطلاقا من ذلك، يفيد الدبلوماسي انّ “المسؤولين الغربيين يكثفون اتصالاتهم مع القوى الاقليمية المؤثرة في لبنان ولا سيما ايران، ويناشدونها لعب دور ايجابي يساعد على انجاز الاستحقاق سيما بعدما تبيّن اثر الجلسة الانتخابية رقم 35 انّ حزب الله لا يريد انتخاب رئيس”.

ويؤكد الدبلوماسي اخيراً انّ فرنسا تستعجل انتخاب رئيس صنع في لبنان والرئيس فرنسوا هولاند يحاول ان يكون هذا الملف حاضرا ضمن حملته الانتخابية، انطلاقا من العلاقات المميزة بين لبنان وفرنسا وقد يوفد قريبا جيروم بونافون الى ايران بعد الانتخابات الايرانية لاستئناف البحث في موضوع الرئاسة انطلاقا من ابداء ايران رغبة في تحييد الملف عن الصراعات، وتوقع أن يلجأ حزب الله المحشور بين مبادرتي الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب القوات سمير جعجع، الى حوار مع “المستقبل” لعرض الملف توصلا الى اتفاق على الشراكة الحقيقية في السلطة.