غسان ريفي
عاد مشروع «الإرث الثقافي في طرابلس القديمة» إلى الواجهة مجدّداً. 12 عاماً هي المدّة التي استغرقها إنجاز المرحلة الأولى منه. جاء ذلك نتيجة التوترات الأمنية التي شهدتها المدينة، إضافةً إلى تقصير الشركة المتعهّدة وانعدام الرقابة الرسمية، إضافةً إلى اجتياح المخالفات لسطح نهر أبوعلي. كان يُفترض أن ينتهي المشروع، بمراحله كافّة، خلال خمس سنوات. وما زاد في الطين بلة، التعاطي الفوقي لـ «مجلس الإنماء والإعمار» مع البلدية، حيث لم يقم بتبرير هذا التأخير، أو معاقبة الشركة المقصّرة، أو حتّى تقديم كشوفات بالأموال التي تمّ صرفها من المبالغ المرصودة للمشروع.
عندما طُرح المشروع، كان يشمل خمس مدن تاريخية هي: طرابلس، بعلبك، صور، جبيل وصيدا. يومها، خُصّص لطرابلس وحدها 22 مليون دولار. بعد سنواتٍ على المضيّ في المشروع، المموَّل من «البنك الدولي» و «وكالة التنمية الفرنسية» والحكومات الإيطالية والفرنسية واللبنانية، تبيّن أن المبلغ لا يكفي. فالمدينة تخترن معالم أثرية واسعة. بناءً عليه، تمّت إضافة مبلغ 23 مليون دولار، لتصبح كلفة المشروع 45 مليون دولار.
اللاّفت للانتباه أنّ المشروع نُفّذ في كلّ المدن التي شملتها الخطّة باستثناء طرابلس. عطّلت الظّروف الأمنية المشروع. ولم تسمح الظّروف للجهات المعنيّة ممارسة الضغط على الشركة المتعهّدة لتنفيذ المطلوب منها. لذلك، فسخت العقد وسحبت معدّاتها.
اقتصرت أعمال المشروع على تنفيذ المرحلة الأولى منه. خطّة الـ12 عاماً. تمّ خلالها سقف نهر أبو علي، وتنفيذ البنى التحتية والأرصفة في السراي العتيقة وشارع الكنائس وصولاً الى جامع «التوبة». إضافةً إلى سوق النحاسين وتبليطه بـ «البازالت»، وهو يحتاج الى إعادة تبليط نظراً لسوء الأعمال فيه. وكذلك ترميم واجهات سوق البازركان ومتفرعاته، وسوق بركة الملاحة، وترميم مداخل القلعة وإنشاء متحفين للشمال وطرابلس لم يتم استخدامهما بعد، وتأهيل حمام عز الدين، وترميم وتأهيل «خان العسل»، بعد إخلائه من سكانه، وبناء ثلاثة مبانٍ سكنية لنقلهم إليها، وتأهيل واجهات ضهر المغر.
مع تسلّم المهندس عامر الرافعي رئاسة البلدية في نيسان الماضي، شكّل المشروع عامل ضغط كبير على المجلس البلدي بسبب الاعتراضات الشعبية عليه. حينها بوشرت الاتّصالات مع «مجلس الإنماء والإعمار» من أجل إعادة تلزيم الأعمال الى شركة جديدة. كما تمّ البحث مع كلّ القيادات السياسية والأمنية من أجل إزالة المخالفات على سطح النهر. وأثمرت الجهود في إزالة كل البسطات الموجودة. وأعطت البلديّة إذن مباشرة العمل للشّركة المتعهّدة الّتي ستستكمل أعمال المرحلة الأولى من المشروع هي: استكمال الأعمال على سقف النهر وإعادة تأهيله ووضع أكشاك مجهّزة على جزء منه وتنفيذ الأعمال اللازمة لتضفي عليه رونقاً ومساحات خضراء، تنفيذ حديقة جامع البرطاسي، تنفيذ أوتوستراد الضفة الشرقية لنهر أبو علي بالاتجاهين، إعادة تأهيل الطريق الغربية للنهر وتأمين مواقف للسيارات.
المرحلة الثانية، التي بات تمويلها جاهزاً، فستتضمّن: ترميم واجهات سوق القمح، تأهيل البنى التحتية وترميم واجهات الأبنية من سوق السمك الى طلعة الرفاعية، تأهيل البنى التحتية مع الأرصفة من طلعة الرفاعية الى مقهى «موسى» في الحدادين، تأهيل منطقة المولوية وإنشاء منتزه وحدائق ومدرجات ومواقف سيارات، تأهيل درج الأويسية ودرج المهاترة، ترميم وتأهيل طاحونة الريفي، استحداث طريق جديد من منطقة الدباغة الى مصبنة عدرة.
وسيشمل الموضوع أيضاً تأهيل وترميم واجهات الضفة الشرقية والغربية لنهر أبو علي، وتأهيل وترميم «خان الصابون»، وقصر «شاهين» في باب الحديد واستملاكه، لكن ذلك يحتاج الى تمويل.
وأعلن الرّافعي انطلاق العمل الفعلي على طريق استكمال تنفيذ المشروع في طرابلس. خلال مؤتمرٍ صحافيّ عقده أمس، عرض الرّافعي مراحل المشروع كلّها، مؤكّداً أنّه «لا يمكن أن ينجح ويحقق أهدافه من دون تأسيس إدارة خاصّة له».
ولفت الرافعي الانتباه إلى أنّ «سطح النهر سيخصّص لـ 280 بسطة فقط جرى تسجيل أسماء أصحابها منذ البداية»، مؤكّداً أنّ «مشروع تثبيت عناصر الشرطة يسير على قدمٍ وساقٍ ومن المفترَض أن يُبصر النور خلال الأشهر المقبلة».