كتبت صحيفة “الراي” الكويتية أنّه رغم القرار السياسي الواضح بتفعيل العمل الحكومي الذي ظهرتْ مفاعيله في تكثيف جلسات مجلس الوزراء اللبناني في الأسابيع الثلاثة الأخيرة ومنها جلستان متتاليتان أول من امس وامس، فإنّ ذلك لم يقلّل القلق المتصاعد من تداعيات الأزمة السياسية والرئاسية على مختلف أوجه المعالجات الحكومية والتي تبدو أشبه بتصريف أعمال منها الى معالجات جدية.
وشكّلت الجلسات الأخيرة لمجلس الوزراء الإثبات القاطع على مدى تفكك الحكومة في ظل التشرذم السياسي الواسع الذي أحدثته أزمة الفراغ الرئاسي، كما في ظل انعدام وجود رؤية حكومية موحدة للتعامل مع الأزمات والملفات الشائكة المتزاحمة التي تشهدها البلاد، رغم تمويل الحكومة امس، قرار ترحيل النفايات المتكدسة في العاصمة وجبل لبنان الى روسيا.
واذ بدأت محاولةٌ يصعب توقُّع نجاحها للاتفاق على إقرار الموازنة للسنة الحالية بعدما تعذّر على الحكومة ان تقرّ زيادة ضريبية على سعر البنزين خشية اندلاع احتجاجات شعبية واسعة، فإنّ مصادر وزارية رسمت عبر صحيفة “الراي” الكويتية صورة قاتمة لما يمكن ان يتطوّر اليه مجمل الوضع الداخلي في ظل التفكك الذي يضرب مَفاصل الحكومة فيما تتصاعد الأزمات المالية والاجتماعية في سائر الاتجاهات.
وتقول المصادر إنّ سنتين من عمر الحكومة واقتراب أزمة الفراغ الرئاسي من طي سنتين أيضاً، جعلا هذه الحكومة أشبه برجلٍ أَثْقله الهرم ولم تعد غالبية وظائفه الطبيعية تعمل بانتظام، ولذا من الطبيعي توقُّع كل يوم مشكلة في وضعه.
وتشير المصادر الى أنّ الأسوأ من حال التفكك التي تعكسها جلسات مجلس الوزراء هو ان ينقل الوزراء حالات التشنج المتصلة بالأزمة السياسية والرئاسية الى المداولات المتعلقة بالملفات والقضايا ذات الصلة بشؤون الناس الامر الذي يُفقِد قرار تفعيل العمل الحكومي جدواه. وتستشهد على ذلك بالجلسة ما قبل الاخيرة حيث نوقش الوضع المالي الصعب للدولة والتي انفجرت فيها سجالات بين وزراء عديدين على خلفيات سياسية متعلقة بالاصطفافات القائمة حول الأزمة الرئاسية.
وتلفت المصادر عيْنها الى أنّ النقاش الحكومي لم يؤدّ الى أي نتيجة ايجابية فلا أمكن الاتفاق على فرض ضريبة على البنزين ولا على بديل منها لتمويل الحاجات الأشد الحاحاً وتُرك الامر على الغارب بحجة البحث عن قرار سياسي خارج مجلس الوزراء للاتفاق على الموازنة. واشارت الى ان هذا النموذج يشكل تجسيداً سيئاً للغاية لواقع حكومةٍ بالكاد باتت تتولى تصريف الأعمال فيما تنزلق البلاد قدماً نحو خطر فوضى وانهيارات اجتماعية بفعل فقدان السيطرة الحقيقية للسلطة.
ولا يقتصر الأمر هنا على الأداء المتفلت لغالبية الوزراء وانعدام الحد الادنى من الانسجام الحكومي، بل ان المصادر تقول ان عدم معالجة آثار بعض السياسات التي تتبعها وزارات تابعة لمحور “8 آذار” لا يزال يجرجر تداعيات سلبية لم يتم احتواؤها بعد بالقدر اللازم من الجدية. إذ أنّ الغضب الخليجي على سياسات وزارة الخارجية اللبنانية لم يُعالج بالقدر الكافي من الجدية والحزم رغم كل الجهود التي بذلها رئيس الحكومة تمام سلام في هذا الاتجاه، وبات الانطباع العام لدى الخليجيين سلبياً جداً حيال العجز الرسمي عن كبح انزلاق لبنان نحو السياسات المحورية الايرانية بضغط مباشر من “حزب الله”.
وتتخوف المصادر في ظلّ مجمل هذا الواقع ان ترزح البلاد أكثر فأكثر تحت سلسلة موصولة من الأزمات والتداعيات السلبية في وقتٍ تبتعد كل ملامح انفراجٍ سياسي مأمول في إنهاء أزمة الفراغ الرئاسي. علماً ان الربط القسري لهذه الأزمة بالإطار الاقليمي المشتعل خصوصاً في سورية لم يعد يحتاج الى أي إثبات بعدما فشلت كل المحاولات لحمل فريق التعطيل للانتخابات الرئاسية على الافراج عن الانتخابات بما فيها تقديم مرشحيْن حصرييْن من قوى “8 آذار” بما يعني أنّ لا انتخابات الا على توقيت اقليمي وتحديداً ايراني مهما نفت ايران وحلفاؤها هذه الحقيقة.
ويُنتظر أن تتبلور بين الأحد والثلاثاء المقبليْن صورة أكثر وضوحاً حيال مآل الاستحقاق الرئاسي ومجمل الواقع اللبناني، اذ يطلّ الرئيس سعد الحريري الأحد في الذكرى 11 لاغتيال والده الرئيس رفيق الحريري متطرقاً الى الملف الرئاسي وموضحاً خلفيات مبادرته الى طرْح اسم النائب سليمان فرنجية للرئاسة، ومتناولاً في الشقّ الخارجي الأزمة السورية وتفاعلاتها ومكرراً ثوابت الموقف من سلاح “حزب الله” ورفْض انخراطه في الحرب السورية، الى جانب تطرُّقه الى سياسة لبنان الخارجية في ضوء مواقف الوزير جبران باسيل الأخيرة بعد الاعتداء على السفارة السعودية في طهران.
وفي 16 الجاري، يطلّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله في مهرجان “الوفاء للقادة الشهداء” لتكتمل بمواقفه من العناوين الداخلية والاقليمية اللوحة اللبنانية وأفقها المسدود.