IMLebanon

الحوثيون يمولون الحرب من أموال التأمينات

البنك المركزي اليمني - صنعاء  - اليمن
البنك المركزي اليمني – صنعاء – اليمن

كشفت مصادر مسؤولة في الحكومة اليمنية، أن جماعة الحوثي التي تسيطر على المؤسسات الحكومية بصنعاء بدأت سحب مبالغ مالية طائلة من أموال التأمينات والمعاشات المودعة لدى البنك المركزي، في إطار تحركاتها لتغطية العجز وصرف رواتب أفرادها وتمويل حروبها الداخلية.
وبحسب المصادر، تقدر أموال مؤسسات التأمينات الحكومية اليمنية بمبلغ 1.28 ترليون ريال (نحو 6 مليارات دولار) يتم استثمارها في أذون الخزانة والصكوك والسندات الحكومية وفي مشاريع متعثرة لا تعود بطائل.
وقالت المصادر لـ “العربي الجديد”: إن العبث لا ينحصر على أموال مؤسسة التأمين المودعة في البنوك الحكومية فحسب، بل يطاول ميزانية المؤسسة التي تُنهب بطريقة قانونية.
وأشارت المصادر إلى أن الحكومة تعمل على إيقاف عبث الحوثيين بأموال التأمينات النقدية والعينية من خلال جهود تبذلها وزارة التأمينات بالتنسيق مع وزير المالية ومحافظ البنك المركزي.
ويسيطر الحوثيون على مؤسسة التأمينات الاجتماعية وهيئة التأمينات والمعاشات الحكوميتين بصنعاء، ويدير شؤونها مندوبون عن اللجنة الثورية التابعة للجماعة. وقال مصدر بمؤسسة التأمينات لـ “العربي الجديد”: “الحوثيون عينوا عدداً كبيراً من أعضائهم في مناصب إدارية مهمة بالمؤسسة ويمارسون الفساد والعبث بالأموال، حيث قاموا بشراء سيارات وصرف عهد لأعمال لم تنجز”.
وعلى سبيل المثال، خلال العام الماضي تم صرف مبالغ على مشروعات متعثرة، منها تخصيص 40 مليون ريال (186ألف دولار) على المرحلة الثالثة من مشروع الإدخال الآلي لبيانات المؤمن عليهم، ورغم أن المشروع لم يُنجز منه سوى 8%، إلا أن المبلغ صُرف بالكامل على شكل مكافآت للموظفين، وفق المصدر.
وذكر المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه، أن من أساليب الفساد التي تمارس، ما يحدث فيما يسمى كشوفات الاستحقاق، إذ تُصرف ملايين الريالات من خلال هذه الكشوفات، وبطرق قانونية. ويحتوي كشف الاستحقاق على مجموعة أسماء من المقربين للمدير العام ونائبه والمدير المالي، وتصرف لهم مبالغ مالية شهرياً تحت مسمى إنجاز مهام معينة.
ورغم أن عمل المؤسسة بالأصل ميداني ويتضمن التفتيش والتوعية، لا يتم النزول الميداني بل تكتفي الإدارة الحالية بعمل دراسات على الورق تستحوذ على ملايين الريالات على هذه الدراسات ثم تؤرشف، والمبلغ الذي تم صرفه للأرشفة بلغ 48 مليون ريال (223 ألف دولار).

وأوضحت المصادر نفسها، أن عمل مؤسسة التأمينات يقتصر في الوقت الراهن على ممارسة الفساد من خلال صرف مكافآت وصرف عهد وشراء سيارات للمدراء المعينين من جماعة الحوثي.
وحذر نائب رئيس الوزراء اليمني ووزير الخدمة المدنية والتأمينات عبدالعزيز جباري، مطلع فبراير/شباط الجاري، من المساس بأموال الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) عن الوزير: “أن أموال التأمينات ليست أموالاً عامة، وإنما هي خاصة بالمستفيدين من خدمات التأمين الاجتماعي في مؤسسات القطاع العام والخاص والمختلط، وأن المستفيدين منها هم كبار السن والأيتام والأرامل ومن فقدوا من يعولونهم من العاملين في تلك القطاعات”.
وأشار جباري إلى أنه بعث مذكرات إلى كل من وزير المالية، ومحافظ البنك المركزي اليمني ورئيس الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، ورئيس المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، حذر فيها من أن أي تصرف في أموال التأمينات يعني حرمان هذه الفئة من معاشاتهم التقاعدية وتعريض النظام التأميني والمصرفي للانهيار.
وأكد في رسائله على أهمية الحفاظ على أرصدة الهيئة والمؤسسة بعيداً عن أي تدخلات أو صراعات، محملاً الجهات المعنية مسؤولية ما قد تتعرض له أموال صناديق التقاعد والتأمين الاجتماعي من مخاطر وأضرار نتيجة التصرف في أموالها بالمخالفة لقوانين إنشائها.

ودعا نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة المدنية والتأمينات الاجتماعية، الجهات المعنية إلى عدم التصرف فيها خارج إطار القانون وبعيداً عن مجالس الإدارة المعطلة حالياً، إلى حين عودة مؤسسات الدولة لممارسة عملها.
وأكد رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، أن معظم أموال التأمينات تستثمر في أذون الخزانة وأن هناك محاولات حالياً للعبث في هذه الأموال.
وقال نصر لـ “العربي الجديد”: “أموال التأمينات بكل أنواعها هي حق خاص للموظفين والعمال وأفراد الأمن والجيش وتقتطع من رواتبهم، بالتالي فإن العبث بها يشكل اعتداء على حقوق الملايين من المواطنين الذين ائتمنوا هذه المؤسسات لاستثمارها والاستفادة منها عند الوفاة أو التقاعد أو التعويضات”.

وتابع: “هذه الأموال تشكل جزءاً مهماً من حركة الاستثمار ولذلك أي مخاطر عليها ستكون آثاره السلبية ليست على المشتركين فقط وإنما على الاقتصاد الوطني ككل”.
ويعتقد خبير التأمينات الاجتماعية ناشر العبسي، أن استثمارات أموال التأمينات في اليمن تتجاوز 1.28 ترليون ريال، تذهب في أذون خزانة بنسبة فائدة بسيطة للغاية أو في مشاريع معظمها فاشلة.
وقال لـ “العربي الجديد” إن نسبة التغطية التأمينية للناشطين الاقتصاديين في البلد لم تتجاوز 32%، وإن الفاقد من قطاع التأمينات كبير جداً ويقدر بأكثر من 800 مليار ريال، فيما لم تصل التغطية التأمينية إلى شرائح واسعة من العمال والمزارعين والصيادين وسائقي المركبات.
ويرى أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء علي سيف كليب، أن أموال التأمينات مهدرة ولا يستفاد منها، حتى التي يجري استثمارها في أذون الخزانة تحصل على فوائد متواضعة للغاية.
وأوضح أن العائد الذي تحصل عليه مؤسسة التأمينات نظير أذون الخزانة يتراوح بين 5 إلى 7.5%، فيما يحصل المشاركون من القطاع الخاص في ذات الأذون، من بنوك وشركات تأمين تتراوح فوائدها بين 15 إلى 18%.
وكانت نقابات عمالية يمنية تقدمت بشكاوى بشأن العبث بأموال العمال والموظفين في مؤسسات التأمينات الحكومية، وقدمت النقابة العامة للشركات المنتجة للنفط والغاز إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي، تقريراً يوضح وضع صندوق المؤسسة العامة للتأمينات والجهات التي تقوم باستثمار الاشتراكات التأمينية لعمال النقابة.
التقرير الموقع باسم رئيس نقابة شركة بتر ومسيلة النفطية الحكومية عمرو الوالي، أشار إلى أن أموال عمال قطاعات النفط والغاز يتم استثمارها في مشاريع غير آمنة، ستصل بالمؤسسة في القريب العاجل إلى عدم قدرتها الوفاء بالتزاماتها تجاه المؤمن عليهم خاصةً عمال الشركات المنتجة والمصدرة للنفط والغاز.