جون أجليونباي
في الوقت الذي تتكبد فيه شركات الطيران الإفريقية الكبيرة خسائر فادحة، تواصل الخطوط الجوية الإثيوبية تمديد جناحيها، ساعدها في ذلك استراتيجية توسع طموحة حولت الشركة المملوكة للدولة من مشغل إقليمي متمكن إلى الناقل الرائد في القارة خلال خمس سنوات فقط.
في منطقة حيث تكافح معظم شركات الطيران لتحقيق نقطة التعادل بين التكاليف والإيرادات، حتى في الوقت الذي تعترك فيه مع انهيار في السلع وعدم الاستقرار السياسي، سجلت الخطوط الجوية الإثيوبية أرباحا في العام بأكمله أكثر من جميع شركات الطيران الإفريقية الأخرى مجتمعة، بحسب بيانات صادرة عن اتحاد النقل الجوي الدولي “أياتا”.
وحققت الشركة في أول خمس سنوات من خطة رئيسية مدتها 15 عاما، تنتهي في 2025، معظم أهداف الخطة. وقال تيوولدي جبريماريام، الرئيس التنفيذي للشركة: “معدل النمو في هذه الصناعة يعتبر منخفضا جدا – في المتوسط يمكن أن يكون أقل من 5 في المائة – لكن كنا ننمو بمعدل 20 – 25 في المائة سنويا في كل من الإيرادات وحجم الأسطول”.
وفي السنة المنتهية في حزيران (يونيو) 2015، حققت الشركة ربحا صافيا قدره 3.15 مليار بر (148 مليون دولار)، مقارنة بملياري بر في الفترة نفسها من العام السابق. وبناء على الحسابات المدققة من قبل شركة خدمات مراجعة الحسابات، كان هامش الربح التشغيلي 9.49 في المائة، صعودا من 2.14 في المائة عام 2011 ـ على مستوى مماثل مع أفضل الناقلات الأوروبية. وزادت وجهاتها من 69 في عام 2011 إلى 89 حاليا.
ويعزو محللون جانبا كبيرا من هذا النجاح إلى الجهة المالكة لهذا الناقل، التي لا تطلب توزيعات الأرباح، ولسياسات الدولة التي يمكنها أن تساعد في الحفاظ على تخفيض تكاليف العمالة والتمويل.
أسعار النفط المنهارة خفضت تكاليف الوقود واستفادت الشركة أيضا من الجيشان الذي رزئت به الشركات المنافسة الرئيسية. الخطوط الجوية الكينية، مثلا، أطلقت برنامجا كبيرا لإعادة الهيكلة في العام الماضي، بما في ذلك بيع عدد من الطائرات الأكبر حجما، في أعقاب فشل خطة توسع طموحة بدأت في عام 2011.
وسجلت الخطوط الجوية الكينية، المملوكة بنسبة 26.7 في المائة لشركة إير فرانس كيه إل إم، خسائر على مدى السنوات الثلاث الماضية، بما في ذلك 252 مليون دولار في العام المنتهي في آذار (مارس) 2015، وهي الأكبر في تاريخ الشركات الكينية. وألقت الشركة باللائمة على تصاعد المنافسة، والهجمات الإرهابية، في كينيا وخسائر التحوط لأزمتها.
منافس آخر هو شركة الخطوط الجوية لجنوب إفريقيا، التي تعتمد على القروض والضمانات الحكومية، كان لها سبعة رؤساء تنفيذيين خلال ثلاث سنوات، وسط خسائر بلغت 300 مليون دولار للسنوات الثلاث المنتهية في آذار (مارس) 2014. وقد تأخر نشر تقريرها السنوي للسنة المنتهية في آذار (مارس) 2015، في الوقت الذي تنتظر فيه وضع صيغة نهائية لضمانة من الحكومة.
يقول إريك موساو، وهو محلل مقره نيروبي، يعمل لدى بنك ستاندرد الاستثماري: “تم السماح للخطوط الجوية الإثيوبية بالمضي في أعمالها، لكن لأن ملكية الدولة بنسبة 100 في المائة يمكنها أن تتمتع ببعض المزايا التي لا يستطيع آخرون، مثل الخطوط الجوية الكينية، التمتع بها”. ويضيف: “ليس عليهم دفع أرباح الأسهم ويمكنهم بناء رأس المال. كذلك تكاليف العمالة أقل والإنتاجية أعلى بكثير من الشركات المنافسة”.
لكن موساو يحذر من أن هذا الوضع المفيد سيتغير مع تطور اقتصاد إثيوبيا. “إذا كان لديك اقتصاد أكثر انفتاحا، ينبغي للرواتب أن ترتفع. وينبغي أن ترتفع التكلفة عند نقطة معينة، والطريقة التي سيديرون بها ذلك سوف تشكل تحديا”.
لكن بغض النظر عن سماح الحكومة للشركة بإعادة استثمار كل أرباحها، إلا أنها كما يقول جبريماريام، لا تقدم أي دعم، مضيفا أن الإدارة الاقتصادية لـ “الدولة التنموية” لا تختلف عن كثير من الدول الأخرى.
ويتابع: “دول الخليج تفعل ذلك بطريقتها الخاصة، مثل دبي وأبو ظبي وقطر. والصين تفعل ذلك بطريقتها الخاصة. لذلك نحن نفعل ذلك بطريقتنا الخاصة. الأمر في حد ذاته ليس في أن الحكومة تسيطر عليها، ولكن في التنمية التي تقودها الحكومة”. لكن مدير إحدى الشركات المنافسة يدعي أن الخطوط الجوية الإثيوبية تستفيد من كونها قادرة على الاقتراض بأسعار فائدة مواتية للغاية وغير تجارية، وذلك بسبب ملكية الدولة لها. ويقول: “نحن لا نستطيع منافسة ذلك”.
من جانبه، يقول جبريماريام إن أنموذج عمل شركته يحاكي جزئيا الخطوط الجوية السنغافورية، وهي شركة ناقلة أخرى مملوكة للدولة، التي تمتعت بالتنمية التي تقودها الحكومة. “رقم واحد، من حيث كونها شركة طيران ناجحة للغاية من حيث الأداء المالي. رقم اثنين، أنشأت علامة تجارية عالمية قوية جدا، خصوصا مع فتاة سنغافورة، وهذا تم تحقيقه في قاعدة سوق صغيرة لأن سنغافورة تعتبر دولة مدينة يقطنها خمسة ملايين نسمة”. الرئيس التنفيذي الذي تولى منصبه في عام 2011، لا يعتمد على النمو العضوي لزيادة الإيرادات وقد أقام شراكات مع شركات طيران أخرى، إذ تمتلك شركته 40 في المائة في شركة آسكاي للطيران الناشئة التي يوجد مقرها في توجو، وحصة تبلغ 49 في المائة في شركة طيران ملاوي التي يتم تشغيلها باسم الخطوط الجوية المالاوية. الآن، يريد جبريماريام أن ينافس ما هو أبعد من ذلك: شركات الطيران في الخليج وأوروبا، وكثير منها تتطلع إلى التوسع في المنطقة الأسرع نموا في العالم. جيرالد خو، المحلل في ليبريوم كابيتال ـــ مقرها لندن، يتوقع أن تحتد منافسة شركات الطيران في جميع أنحاء القارة في السنوات المقبلة، في الوقت الذي يبدو فيه أن الطبقة الوسطى الناشئة تنفق بمستويات مرتفعة من الدخل التقديري.