فرض الملف المالي نفسه في شهر شباط الحالي أولوية على ما عداه من ملفات اقتصادية وسياسية، ذلك على إيقاع جرس الانذار الذي أطلقه وزير المالية علي حسن خليل، والذي افصح فيه عن «أن الإنفاق الإضافي بات يُشكّل خطراً كبيراً على مالية الدولة».
إنذار الوزير الخليل استرعى انتباه أهل الحكم وأثار بلبلة على المستوى العام، لا سيما في أوساط المودعين في المصارف الذين تخوفوا من حصول اضطراب نقدي.
وزير المالية وخلال الجلستين الأخيرتين لمجلس الوزراء، أفاد ان النفقات بلغت عام 2015 نحو 20655 مليار ليرة بالمقارنة مع نفقات محققة حوالى 10203 مليارات ليرة في نهاية العام 2005، أي بزيادة نسبتها 102 في المئة عن آخر قانون للموازنة صادق عليه مجلس الوزراء، ويقدر مجموع النفقات في مشروع موازنة عام 2016 الذي لم تقرّه الحكومة بعد ولم ترسله إلى مجلس النواب بنحو 22933 مليار ليرة، أي ان الزيادة في الإنفاق من دون قوانين موازنة ستبلغ في نهاية هذا العام نحو 125 في المئة.
وأشار الوزير الخليل إلى ان العجز في عام 2015 بلغ حوالى 6079 مليار ليرة أي نحو 7.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ويقول وزير المال ان الارتفاع الكبير في النفقات لم يقابله ارتفاع موازٍ في الإيرادات ما ساهم في تراكم العجز، وانعكس ذلك على حجم الدين العام.
وإذ يقلل الوزير الخليل من حجم أزمة الدولة المالية حيث يقول: «اننا لسنا امام انهيار في الوضع المالي وأن الأمور ما زالت تحت السيطرة»، الا ان بعض المراقبين المحليين والدوليين يتخوفون من تداعيات وضع الدولة المالي على غير صعيد لا سيما على مستوى تصنيف لبنان الائتماني، وتالياً على تصنيف المصارف اللبنانية التي تحمل الجزء الأكبر من مديونية الدولة بالعملات الأجنبية.
في غضون ذلك، يمضي الاقتصاد اللبناني وللشهر الثاني من عام 2015 على وتيرة ضعيفة وبطيئة بتأثير من استمرار أزمة الرئاسة، ومن تداعيات الوضع السوري، لا سيما من تداعيات النزوح السوري الكبير إلى الداخل اللبناني، انطلاقاً من كلفة هذا النزوح الباهظة على مالية الدولة وعلى الاقتصاد.
في غضون ذلك، تظهر النتائج المالية غير المدققة للبنوك اللبنانية الثلاثة الكبرى – بنك لبنان والمهجر وبنك عودة وبنك بيبلوس – لعام 2015 استدامة في النمو وقوة في المركز المالي رغم الاضطرابات السياسية والاقتصادية في لبنان والمنطقة. ويعود ذلك إلى السياسات الائتمانية الصائبة التي تتبعها المصارف وإلى زيادة ارباحها في وحداتها الخارجية، فقد بلغت الأرباح المجمعة للبنوك الثلاثة لعام 2015 ما يعادل 968.4 مليون دولار بزيادة 8.74 في المئة عن عام 2014.
من جهة أخرى، كشف تقرير جديد للبنك الدولي ان محركات النمو الاقتصادي الرئيسية في لبنان، وأهمها السياحة والقطاع العقاري ونشاط البناء، قد تعرقلت بسبب التوترات الإقليمية، مما ابقى نسب النمو الاقتصادي الحقيقي المرتقبة في لبنان منخفضة على 2.5 في المئة في كل من العامين 2016 و2017. وقال البنك ان نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في لبنان قد تراجعت بـ2.9 نقاط مئوية على صعيد سنوي ما بين العامين 2012 و2014.
في مقلب آخر، قال التقرير الاقتصادي الأسبوعي لـ«مجموعة بنك الاعتماد اللبناني» ان بورصة بيروت شهدت انتعاشاً نسبياً في النشاط خلال الشهر الأوّل من العام 2016 في ظل التطورات المشجعة في ملف الانتخابات الرئاسية، توازياً مع تداول شرائح كبيرة من الأسهم العادية المدرجة التابعة لبنك عودة، والتي فاق عددها المليون سهم.
وفي التفاصيل، ارتفعت قيمة الأسهم المتداولة في البورصة إلى ما فوق الـ38.49 مليون دولار خلال شهر كانون الثاني 2016، مقابل 32.7 مليون دولار في الشهر الذي سبقه، كما ازداد عدد الأسهم المتداولة ليجاور عتبة الـ4.48 مليون سهم، مقارنة بحوالى 4.16 مليون سهم في كانون الأوّل 2015. وتركزت الحصة الأكبر للأسهم المتداولة على البورصة في القطاع المصرفي (4.150.969) سهم، ما يُشكّل نسبة 92.68 في المئة من مجموع (الأسهم المتداولة) مع حركة تداولية كبيرة للأسهم العادية المدرجة التابعة لبنك عودة (ما يقارب الـ2.62 مليون سهم)، أي ما يُشكّل نسبة 63.12 في المئة من مجموع (الأسهم المصرفية المتداولة).
وقد وصلت حصة الأسهم المتداولة في القطاع العقاري إلى 7.22 في المئة (323.371 سهما) من مجموع عدد الأسهم المتداولة على البورصة، تبعه قطاع الصناعة والتجارة (4.256 سهما)، 0.010 في المئة.
وفي هذا الإطار، تراجعت الرسملة السوقية لبورصة بيروت إلى حوالى 11.09 مليار دولار في نهاية شهر كانون الثاني 2016، مقابل 11.22 مليار دولار في شهر كانون الأوّل 2015 و11.25 مليار دولار في شهر كانون الثاني من العام نفسه.