IMLebanon

خطر التوطين يلوح

syrian-refugees-in-lebanon-new

 

 

كتب داود رمال في صحيفة “السفير”:

يشوب التعاطي الرسمي اللبناني مع أزمة النزوح السوري إلى لبنان، ارتباك وتخبط، لا يرقيان الى اعتبار النزوح ازمة وطنية كبرى تحمل في طياتها مخاطر قائمة وظاهرة لا سيما على الصعيد الامني وتنامي ظاهرة الارهاب في لبنان.

هذا ما يذهب اليه أحد المسؤولين المعنيين بملف اللجوء السوري، حيث يشير الى ان الخارج «راقه» ان تكون القيادات اللبنانية غير قادرة ولا ملمة بكيفية التعاطي مع هذه الازمة، وسط جهل واضح بالحقوق اللبنانية، وكذلك مسؤولية المجتمع الدولي الذي كان يفترض أن يفتح ابواب الدعم والمساعدات للبنان على مصاريعها، لكي يتمكن من تحمل الاعباء والاعداد الناجمة عن هذا النزوح، فاذا بلبنان يتحول الى متسول للمساعدة، وسط تعاط دولي غير جدي مع المخاطر التي تتهدد لبنان على كل المستويات، وفقاً للمصدر نفسه.

بعد اللجوء الفلسطيني الذي تحول «الى سلسلة من الازمات»، دخل لبنان في ازمة مماثلة اشد خطورة وتعقيدا من سابقتها، كونها ترتبط بنتائج صراع داخلي سوري تشترك فيه دول متعددة، في حين ان اللجوء الفلسطيني كان نتيجة للاحتلال الاسرائيلي وجرائمه المستمرة «اي أن لبنان بات في خضم لجوء فلسطيني يسعى العدو الاسرائيلي من اجل التخلص منه عبر مؤامرة التوطين، ونزوح سوري يسعى العالم الى تحويله الى توطين، مما يشكل تغييرا جذريا في الديمغرافيا اللبنانية».

لا يخفي المسؤول اللبناني حقيقة مفادها «ان دولا عديدة ومعروفة حوّلت عملية اللجوء على مرّ عقود من التاريخ، من ازمة الى استثمار لصالح اوطانها، لا بل جعلت منه مدخلا لحلول لمشاكلها الانمائية في قطاعات حيوية، وهذا ما يفتقر اليه المعنيون في لبنان غير القادرين على تحويل هذه الازمة الى فرصة مستمرة لا تنتهي مع انتهاء النزوح السوري الى لبنان في حال اتمام الحل السياسي في سوريا».

أين يكمن العطب اللبناني؟

دأب لبنان، منذ بدء تدفق النازحين السوريين الى اراضيه، على المطالبة بالمال فقط، «وهذا خطأ جوهري وقعت فيه السلطة اللبنانية، لان المال الذي يأتي، وهو بطبيعة الحال متواضع، سيصرف في عملية اغاثة مباشرة لهؤلاء النازحين تتصل بالمأكل والمشرب والمسكن والتعليم والطبابة».

ويضيف المسؤول انه «كان الاجدى بالسلطات اللبنانية، وهذا حقها، ان تطالب بانشاء مرافق وبنى تحتية جديدة مع صيانة وتوسعة البنى القائمة، تحت عنوان توفير القدرة على ايواء هؤلاء النازحين بالتزامن مع حماية وصيانة امكانات البنى التحتية القائمة على تأمين متطلبات اعداد النازحين التي قاربت المليون ونصف المليون نازح. اي بدل طلب مساعدات لتشغيل النازحين السوريين، يطلب توسيع البنى التحتية اللبنانية مما يؤدي الى تشغيل يد عاملة سورية احتاج مثيلاتها لبنان في عملية اعادة الاعمار بعد الحرب الاهلية. وبامكان لبنان، الذي تفاقمت ازمة السير فيه مع النزوح، ان يطالب بسكة حديد وبمصانع ومشاريع زراعية وغيرها من حاجات ملحّة كفيلة باستيعاب اليد العاملة السورية في مرحلتي البناء والتشغيل».

يرى المصدر انه «مع تزايد اعداد النازحين، اما بسبب طول مدة الحرب او بسبب الولادات التي قاربت الـ100 الف، امام لبنان فرصة اعداد ملف متكامل من كل جوانبه ويتضمّن المشاريع والخطط التنموية والضغط على المجتمع الدولي لتنفيذ مشاريع حيوية يستفيد منها لبنان لاحقا، وهذا لم يحصل الى حد الآن في كل المؤتمرات التي خصصت لمعالجة ازمة اللجوء السوري وآخرها في لندن».

ويشدد على «وجوب ان تركز الحكومة اللبنانية على عامل الاستثمار، لان نسبة السوريين الموجودين في لبنان مع حجم ما يحصل عليه لبنان من مساعدات لا يتناسب نهائيا مع ما تحصل عليه دول اخرى مثل الاردن وتركيا التي تحصل على مساعدة اكبر، والحل بالدفع نحو الحصول على مشاريع بنى تحتية، والا فإن لبنان سيخرج عند انتهاء ازمة النزوح مهشما في بناه التحتية، مما سيضعه امام تحدي اعادة البناء ومراكمة اعباء ديون جديدة».