يشعر محمد البعداني بالامتنان لمنظومة الطاقة الشمسية، فبعد عشرة أشهر على انقطاع التيار الكهربائي في اليمن لم يكن بمقدور الشاب الذي يمتلك صالون حلاقة صغيرا في أحد شوارع صنعاء مواصلة مهنته لولا ألواح شمسية التي أنقذته من رصيف البطالة القاتل الذي يضرب البلاد منذ اندلاع الحرب.
إلى جانب محمد شكلت الطاقة الشمسية مصادر دخل للمئات من اليمنيين الذين تعتمد مهنهم الصغيرة على الكهرباء بدرجة رئيسية، ونجحوا في حماية أسرهم من جوع يهددها، كما طال آخرين غيرهم.
اطمئنان
يقول الشاب الثلاثيني بعد أشهر من العناء ‘الآن صار بإمكاني أن أعيش مطمئنا ولا أفكر أن أطفالي قد ينامون ليلة دون وجبة عشاء’. ويضيف محمد أنه في الأشهر الماضية كان يذهب لشحن أجهزة الحلاقة عند الجيران لكن سرعان ما تنفذ.
ويضيف ‘صحيح أن المنظومة الشمسية تكلف ما يزيد على سبعمئة دولار وأحيانا أكثر، لكنها تضمن لك ألا تصبح عاطلا’، مشيرا إلى أن هذا الخيار انتشل كثيرين.
واقتحمت منظومة الطاقة الشمسية خلال الأشهر الماضية أسطح المنازل اليمنية بشكل لافت، خصوصا في العاصمة صنعاء ومدينة إب وسط البلاد.
وشهدت تجارة الألواح الخاصة بالطاقة الشمسية رواجا غير مسبوق، خصوصا لتجار البضائع التي شهدت ركودا زمن الحرب.
كما أنقذت أصحاب المهن الصغيرة من رصيف البطالة وشكلت قفزة مهمة في حياة ملايين الطلاب الذين كانوا يضطرون لمراجعة دروسهم على أضواء الشموع باهظة الكلفة التي وصل سعر الشمعة الواحدة إلى ما يعادل نصف دولار.
إنارة
ويقول عبد الرقيب الآنسي (موظف حكومي) ‘الإضاءة هي أقصى ما نفكر فيه الآن بعد أشهر من العتمة، أشعر بالارتياح أني استطعت إنارة المنزل عبر الطاقة الشمسية وتمكين أولادي من مراجعة دروسهم قبل موعد امتحانات النصف الدراسي الأول دون إشعال شموع ترهق أعينهم’.
وحفاظا على عدم استنزاف الطاقة بشكل سريع خلال ساعات الليل لجأ اليمنيون إلى إنارة غرف منازلهم بأجهزة إضاءة اقتصادية تستهلك ما يوازي من خمسة إلى ثمانية واطات في الساعة وتخفيض سطوع شاشات التلفاز إلى النصف.
ويقول المهندس الكهربائي مأرب العماري إن الطاقة الشمسية يمكن أن تكون حلا مؤقتا للإضاءة وتشغيل معدات وتقنيات وأجهزة منزلية محدودة.
ويعتقد أنه كي تصبح الطاقة الشمسية بديلا للكهرباء لا بد من أن يتوفر مشروع وطني عملاق لتوليد الكهرباء عن طريق هذا النوع من الطاقة.
وما زالت المصانع والورش الخاصة بالنجارة والألمنيوم تعتمد على مولدات كهربائية خاصة، وكذلك الحال مع محلات الخياطة التي تحتاج أدواتها لتيار ذي قدرة أكبر مما تجلبه الألواح الشمسية.
ويرى خبراء أن اليمن يتمتع بموارد هائلة من الطاقة الشمسية نظرا لموقعه الجغرافي المميز الذي يجعله يمتلك أعلى سطوع شمسي.
دراسة
ويقول مدير عام مؤسسة الكهرباء السابق في اليمن خالد عبد المولى في دراسة خاصة إن الجزء الأكبر من الأراضي اليمنية يقع ضمن ما يسمى ‘حزام الشمس’ الذي يستفيد من معظم أشعة الشمس الكثيفة على الكرة الأرضية من حيث الحرارة أو الضوء.
ويؤكد عبد المولى على ضرورة الالتفات للطاقة الشمسية باعتبارها مصدرا غير مهدد بالنضوب أو ملوث للبيئة.
وبحسب الدراسة، تتراوح مصادر الطاقة الشمسية بين ألفين وثلاثة آلاف كيلوواط على المتر المربع الواحد في السنة.