IMLebanon

عاليه: إنتاج العسل يتراجع 80 %

honey

انور عقل ضو

معاناة كبيرة تواجه النحّالين في عاليه والمتن الأعلى، بعد موسم ماحل وتدني إنتاج العسل ما بين 70 و80 في المئة، وثمة أسباب كثيرة مجتمعة، يدأب العاملون في هذا القطاع على معالجتها، وبحسب نحالين من أصحاب الخبرة والتجربة، فإن المشكلة ليست في منأى عن نتائج الكوارث التي تتهدد هذا القطاع على مستوى العالم، نتيجة عوامل عدة مجتمعة، يأتي في مقدمها تغير المناخ، فضلا عن استخدام المبيدات الزراعية السّامّة، وكثرة الفيروسات وتلوّث الهواء، وانحسار المراعي بفعل الحرائق والتمدد العمراني.
وثمة مفاعيل اقتصادية واجتماعية لتراجع الإنتاج، خصوصا أن مئات العائلات تعتمد قطاع النحل مورد رزقٍ أساسيا، فيما كثيرون يعتمدونه رافدا مهما في ظل الأزمة الاقتصادية، ويعولون على الإنتاج في تغطية وتأمين حاجاتهم الضرورية.

الندوة العسلية
في هذا السياق، يشير عضو «اللجنة الفنية العليا لتربية النحل في لبنان» رئيس «الجمعية التعاونية لمربي النحل في المتن الاعلى» عبد الناصر المصري لـ «السفير» إلى أن «مواسمنا تعرضت لتراجع كبير على مستوى الإنتاج». وينفى أن يكون «السبب وراء هذا التراجع آفة الفاروا فحسب، بل بسبب طارئ وهو تدني كمية الندوة العسلية»، ولفت إلى أن «الندوة العسلية، هي إفرازات سائلة لزجة غنية بالسكر، ونسميها العسل الخام، يفرزها المن وبعض الحشرات القشرية التي تتغذى على نسغ النبات، وبالذات السنديان والبلوط، وتعتبر العلاقة تكافلية بين هذه الحشرات القشرية والنحل، وتجمعها الحشرات صباحا مع الرطوبة والندى لذا سميت بهذا الاسم»، ويلفت المصري الانتباه إلى أن «هناك ما قضى على هذه الحشرات القشرية المنتجة للندوة العسلية، ما أثر على الإنتاج وأعتقد أن الاحترار المناخي والتلوث بالمبيدات هو ما تسبب بهذا الأمر».
وتمنى على «الباحثين والمسؤولين في وزارة الزراعة متابعة أسباب تدني كمية الندوة العسلية، والعمل على دعم المزارعين من الناحية العلمية وتزويدهم بالعلاجات المناسبة، فضلا عن أولوية تمويل الأبحاث، بما يخص هذه الثروة المهمة والمصادر الطبيعية الإنتاجية، بدلا من التحجج بعدم وجود التمويل، بينما تهدر الأموال في مشاريع تنفيعية وبمبالغ خيالية».

انهيار النظم الإيكولوجية
وبحسب الخبيرة في المحاصيل الزراعية الدكتورة ديانا مروش أبو سعيد فإن «ثمة تحديات تبدأ من إيلاء البيئة اهتماما استثنائيا، خصوصا في موضوع المبيدات الزراعية التي تتسبب بانهيار النظم الايكولوجية، ومن بينها النحل وما يمثل من حلقة أساسية في دورة الإنتاج الزراعي، مع مراقبة متأنية لأمراض النحل التي تضعف الخلايا وتؤدي تاليا إلى تراجع الإنتاج».
وتؤكد مربية النحل ناهدة صالحة بو رسلان أن «إنتاج العسل تراجع ما بين 70 و80 في المئة»، معتبرةً أن «السبب هو في ندرة الندوة العسلية بسبب تغير المناخ».
وتضيف: «تراجع العسل يعود إلى الحرارة المنخفضة خلال شهر ايار الماضي، ما أثر في كمية ما يفرزه المن وبعض الحشرات القشرية خصوصا في أحراج السنديان»، لافتةً الانتباه إلى أن «إنتاج العسل كان يقدر كمعدل وسطي بنحو 22 كيلوغراما للقفير الواحد وتراجع الى 4 كيلوغرامات».
وثمة أكثر من عامل ساهم في تراجع الإنتاج، ولا سيما ما بات يعرف في العالم بظاهرة «هروب الخلايا»، وهي بدأت تضرب لبنان منذ سنوات عدة، ويرى فريد خويص أن «المشكلة أكبر مما كنا نتوقع بحيث انني كنحال صغير أملك عشرين قفيرا لم يبقَ لدي سوى خمسة قفران فقط»، ويشير إلى أن «بعض الدول الأوروبية أطلقت حملة للتصدي لهروب الخلايا تحت شعار: (النحلة حارسة البيئة)، فالمشكلة ابعد من لبنان وتتطلب جهدا دوليا على ان يكون لبنان حاضرا وليس متلقيا لما يصدر عن مراكز الابحاث فحسب».
إلى الآن ليس ما يشي بأن هناك خطوات جدية لرصد هذه الظواهر وتحديد ومعالجة أسبابها، ما يعني أن المشكلة ستتفاقم أكثر بانتظار أن تتحرك الجهات المعنية على نطاق واسع، كي لا يخسر لبنان قطاعا منتجا يعتاش منه آلاف المواطنين في مختلف مناطق لبنان.