IMLebanon

أزمة تأخّر تفريغ حمولات البواخر لم تحلّ.. نقص في مخزون القمح وارتفاع في الأسعار

Beirut-Port

سلسلة من الاجراءات والقرارات واكبت حملة سلامة الغذاء التي أطلقها وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور لدى تسلّمه الوزارة، وطاولت العديد من القطاعات والمرافق في مختلف المناطق. وقد جرى الترحيب بعدد منها لم يؤثر في نشاط القطاعات وعملها، فيما شكل البعض الآخر نوعاً من الارباك بين التجار وفي عمل بعض القطاعات والمرافق.

أرسل الوزير ابو فاعور في 16 كانون الاول 2015 كتاباً الى وزير المال علي حسن خليل طالبه فيه بتعليق السماح باخراج البضائع الغذائية من المرافئ البحرية في مقابل تعهد بعدم التصرف بها قبل صدور نتائج التحاليل. وبالفعل، أحال حسن خليل الكتاب الى المجلس الاعلى للجمارك ليصبح القرار حيّز التنفيذ في الاسبوع الاول من شباط الجاري، مانعاً بذلك ادخال أي مستوعبات غذائية او تفريغ بواخر قبل اخذ وزارة الصحة عيّنات منها وصدور نتائجها بعد 10 ايام على اقل تقدير، مما يعني منع تفريغ حمولة البواخر في المرفأ وتخزينها قبل اجراء كل التحاليل المطلوبة.
استناداً الى قانون الجمارك الصادر في 15 كانون الاول 2000 وتحديداً المادة 57، فإن ادخال البضائع المستوردة الى لبنان يتطلّب ابراز شهادة صحية او تأشيرة تعطيها الوزارات او الادارات او المؤسسات العامة او الخاصة ذات الصلاحية، فيحق لرئيس المكتب الجمركي في حال عدم وجود ممثلين دائمين لهذه المراجع في المكتب المذكور، السماح بتسليم هذه البضائع فوراً الى اصحابها بعد انهاء معاملاتها الجمركية ودفع الرسوم والتأمين، على ان يجري اغلاق حاوياتها او غلافاتها بالرصاص وفق الاصول، شرط ان يتعهد هؤلاء عدم التصرف بالبضائع المسلمة لهم الى حين بتّ وضعها من المراجع صاحبة العلاقة. كذلك تطبّق التدابير نفسها على البضائع التي يرتبط السماح بإدخالها الى لبنان بصدور النتيجة الايجابية للتحاليل، وكذلك على البضائع التي تفرض القوانين والانظمة توافر شروط معيّنة فيها. وقد قررت المديرية العامة للجمارك وقف العمل بجزء من هذه المادة، بطلب من وزير المال.
ووفق رئيس تجار مال القبان ارسلان سنو، أدت الاجراءات التي اتخذتها الجمارك الى تأخير عملية تفريغ بواخر الحبوب من الذرة والقمح والصويا وغيرها من المواد الغذائية، نتيجة منع تخزين هذه المواد في مخازن التجار إلى حين ظهور النتائج المخبرية. ويؤكد ان لا قدرة للمستودعات والإهراءات في مرفأ بيروت (وُضعت بتصرف التجار)، على استيعاب كل المنتجات الغذائية القادمة الى لبنان، لكون مرفأ العاصمة هو الوحيد المجهز في لبنان لاستقبال هذه البضائع. ويشير الى ان المشكلة الاساسية تكمن في البواخر “الدكمة” اي بواخر القمح والحبوب والذرة والزيوت والشعير وغيرها. فوفق الشروط الصحية المعتمدة منذ اعوام، يجب أخذ عينات من جميع هذه البواخر بطريقة معقّدة جداً تتطلّب وقت طويلاً، ونتيجة هذا الامر كانت تسمح إدارة الجمارك للتجار بإفراخ العيّنات من البواخر ويتم نقلها مباشرة الى مستودعاتهم حيث يتم إقفالها بالرصاص لحين صدور نتائج الفحوص المخبرية. لكن قرار وقف تسليم البضائع منع التجار من تسلّم شحناتهم من المرفأ قبل صدور نتائج هذه الفحوص، أي الانتظار في المرفأ أحياناً حتى 20 يوماً، ما يساهم بشكل اساسي في زيادة الاعباء والتكاليف على المستوردين والتجار وينعكس ارتفاعاً على اسعار العديد من السلع الغذائية.
بعد دخول وزير الزراعة أكرم شهيب على خط الازمة، عقد عدداً من الاجتماعات ضمّت الوزيرين حكيم وابو فاعور، جرى الاتفاق فيها على مشاركة وزارة الصحة مباشرة في أخذ العيّنات من البواخر على ان يتم السماح للمستوردين والتجار بنقل بضائعهم من المرفأ الى مستودعاتهم عبر اتباع الاجراءات السابقة، الامر الذي وافقت عليه النقابات والاتحادات. وقد تبلغت هذه النقابات والاتحادات من وزارة الصحة، بحسب سنو، ان الوزير ابو فاعور ارسل كتاباً الى وزير المال طلب فيه وقف العمل بالقرار السابق، مع تأكيده ضرورة تسيير الامور الى حين بلورة الآلية المشتركة التي تم التوصل اليها بسحب العيّنات والتأكد من سلامة الغذاء. في المقابل، تؤكد النقابات والاتحادات المعينة ان لا شيء تغيّر في المرفأ، وقرار منع تسلم المواد الغذائية لا يزال قائماً، مما يهدد حركة انسياب كميات الحبوب والقمح الى السوق اللبنانية وتسجيل نقص في العلف مما يعني ارتفاعاً في كلفة انتاج البيض والفروج. وفي هذا السياق، تشير بعض التقديرات الى ان هذا التأخير يحمّل التجار كلفة إضافية تصل الى 15 ألف دولار يومياً عن كل باخرة تُخزن بضاعتها من دون السماح بتسلّمها حتى ظهور نتائج التحاليل، في وقت تشير فيه الارقام الرسمية الى دخول أكثر من 55 الف طن من المواد الغذائية أسبوعياً الى لبنان خلال الفترة المقبلة.
وأخيراً، اعتذر اصحاب المطاحن من الوزير حكيم عن عدم قدرتهم على توفير الاحتياط اللازم ( 3 أشهر) من مادة القمح وفقاً للاتفاق مع مديرية الحبوب والشمندر السكري، بسبب هذه الاجراءات. وطالبوا الوزارة بتحمّل مسؤولياتها والقيام بدورها في هذا الشأن وشراء القمح لتأمين المخزون الاحتياطي اللازم وحاجة البلاد من هذه المادة، حفاظاً على سعر ربطة الخبز، ما دفع بوزير الاقتصاد الى رفع كتاب لرئيس الحكومة تمام سلام طالبه فيه بالتدخل لحل المشكلة.