كتب هيثم الطبش:
مشهد مخيف ارتسم بالأمس على مواقع التواصل الاجتماعي بين القواعد الشعبية لتيار “المستقبل” و”القوات اللبنانية”، مشهد لا يطمئن على المستوى السياسي العام في البلد خصوصاً أن الجانبين لديهما الأرضية القوية والتأييد الواسع في شارعيهما. المناوشات التي كانت مسارحها ومحاورها تغريدات وتعليقات حملت في تعابيرها صوراً من الماضي البغيض، ولحسن الحظ أن زعيمي الجانبين كانا قد توافقا على لقاء جاء في توقيت ممتاز لينفّس الاحتقان.
صورة لقاء رئيس حزب “القوات”، سمير جعجع، بالرئيس سعد الحريري في معراب أتت لتمحي الكثير من علامات الاستفهام ولتثبت مرة جديدة أن هذا التحالف عصيّ على السقوط، لأنه تعمّد بدماء الشهادة. ولعل المقبل من الأيام سيحمل مزيداً من المؤشرات على التقارب والتنسيق، بالاستفادة من عزم الرئيس الحريري البقاء في بيروت لفترة غير قصيرة.
سئل الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مقابلة تلفزيونية ذات مرة عن مفتاح نجاحه في عالم الأعمال فأجاب بكلمة: “الصدق، هو مفتاح كل نجاح”.. وإذا كان العتب على الرئيس سعد الحريري كبيراً في محطات مختلفة فلأن العتب على قدر المحبة، وإذا كان الانتقاد كبيراً وقاسياً فلأن الصدق يعلو دائماً ولأن النفاق مصيره إلى زوال.
وانطلاقاً من رغبة الحريري بالتركيز على مضمون خطابه، فإن ثمة نقطة بارزة كررها في البيال وفي معراب تستوجب التوقف عندها. ففي المناسبتين أشار رئيس تيار “المستقبل” إلى وجود “ثلاث مرشحين أو أكثر”… فماذا قصد بالأكثر؟
لا شك أنها إشارة إلى احتمال التمهيد لطرح مخرج جديد يتمثل في البحث عن مرشح جديد من خارج هذا الثلاثي وبالتالي فإن الأمور مرشحة لتعود إلى النقطة الصفر. والسؤال الأساس هنا هل إن “حزب الله” سيتعاطى بإيجابية مع هذا الطرح إذا ما وُضع على الطاولة فعلاً؟ فالحزب الذي لم يؤمّن النصاب لانتخاب مرشحه المعلن العماد ميشال عون ولا حتى لانتخاب مرشحه الاستراتيجي النائب سليمان فرنجية قد لا يكون في وارد فتح باب النقاش على مرشحين جدد خصوصاً وأنه يراهن على تغييرات كبيرة في الإقليم، كما أنه لا يقيم وزناً للنظام الديموقراطي.
على أي حال، فإن إشارة الحريري إلى وجود أكثر من مرشح جديرة بالدرس وربما تكون نافذة على حل فعلي إذا ما عطفناها على رغبته الواضحة في تحريك المياه السياسية الراكدة في البلد، كما عبّر عنها في خطاب البيال.
مهم جداً متابعة تفاصيل هذه الفكرة وكيف ستتبلور في الفترة المقبلة. لقد نجح الثنائي الحريري – جعجع في تبريد الشارع من جهة، وفي توجيه رسالة فاصلة تضع حداً لكل التأويلات في شأن تلازمهما، وفي الأعم الأشمل قد يكون هذا اللقاء نقطة انطلاق لما بعد مرحلة عون – فرنجية.