IMLebanon

ترحيل النفايات أمام مهل جديدة

Bourj Hamoud Waste

 

 

كتب ايلي الفرزلي في صحيفة “السفير”:

مر أسبوع على إقرار مجلس الوزراء تمويل ترحيل النفايات للستة أشهر الأولى. لم يوقّع العقد «خلال يومين»، كما سبق وأعلن رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، ولم يوقع خلال الأسبوع الذي انتهى. بل على العكس، سرت أخبار عديدة عن نجاح المنظمات البيئية الروسية في الضغط على حكومتها لثنيها عن قرار استقبال النفايات.

ما الذي يحصل فعلاً؟ وهل ستنتهي زوبعة النفايات التي تلف البلد منذ سبعة أشهر؟ وإذا كان الوزير أكرم شهيب قد أعلن أن تقرير شركة «سيشي» الفرنسية بيّن أن سموم النفايات المتراكمة لم تصل بعد إلى مصادر المياه، فهل هذا يعني أنها لن تصل بين يوم وآخر. ومع التسليم بأن المياه ما تزال محمية، ماذا عن الهواء الذي وصلت درجة السمّيات فيه إلى درجة غير مسبوقة، وماذا عن الفيروسات المجهولة التي تلاحق الناس، وتزيد خطر الموت؟

كل ذلك ليس مهماً على ما يبدو. المهم أن تمر صفقة الترحيل على خير. أما الإدارة المتكاملة للنفايات، فتلك «مجرد تنظير» من البيئيين الذين يرفضون تقبل الأمر الواقع، بالرغم من أن جل ما يطلبونه هو تنفيذ خطة واضحة المعالم وتعتمد على التخفيف، الفرز من المصدر وفي المعامل، التدوير، التسبيخ، ثم التخلص من العوادم بطرق آمنة.

لم تلق آراء البيئيين سوى اللامبالاة. وضاعت على لبنان فرصة نادرة لتحويل الأزمة إلى فرصة لإحداث نقلة نوعية في الثقافة المجتمعية المتعلقة بكيفية تخفيف النفايات وفرزها. ما حصل كان العكس، أصرت السلطة على تخطي كل الحلول المعقولة لإدارة الأزمة، لا بل ساهمت في مفاقمتها من خلال عدم الاستفادة من معظم معامل الفرز الـ13 الموجودة، والتي يؤكد بيئيون أنها كافية لفرز كل نفايات لبنان. وفيما كان يُفترض أن تعمل هذه المعامل بكل طاقتها لتخفيف كمية النفايات التي ترمى في المكبات العشوائية، بدا أن ثمة من تعمّد زيادة كميتها.. لزيادة الأزمة.

عملت السلطة كل جهدها لعزل كل الخيارات المنطقية، وصولاً إلى «أبغض الحلال»، على ما قال الرئيس تمام سلام. صار الترحيل الحل الوحيد الممكن، لكن مر أكثر من 50 يوماً منذ إقرار مجلس الوزراء هذا الحل.. والنفايات لم تخرج من الشوارع. مع ذلك، التأخير لا يعني تجميد المشروع. «شينوك» ما تزال تتحضر للساعة صفر، فيما «مجلس الإنماء والإعمار» قد أنجز كل الإجراءات القانونية المتعلقة بالعقود.

بالنسبة لرئيس المجلس نبيل الجسر، فإن كل شيء يسير وفق قرار مجلس الوزراء، أما تأخير التوقيع، فيعود، على ما يقول لـ «السفير»، إلى تأخر الحقيبة الديبلوماسية التي يفترض أن تحمل معها المستند الأصلي الذي يؤكد موافقة وزارة البيئية الفدرالية على الترحيل، بعدما حصل المجلس على نسخة منه.

الجسر ليس قلقاً من الأخبار التي تتحدث عن ضغوطات أهلية على الحكومة الروسية لرفض التوقيع. يؤكد أن الأمر صار من الماضي وموافقة الجهات المعنية قد وصلت بالفعل في 29 كانون الثاني، مشيراً إلى أن المجلس هو الذي أصر على الحصول على موافقة وزارة البيئة أيضاً، انطلاقاً من أن قرار الحكومة يؤكد على ضرورة احترام المعاهدات الدولية، وبالتالي فإن وزارة البيئة في روسيا، كما في لبنان، هي المعنية بتطبيق معاهدة «بازل»، وهي التي يفترض أن تعطي موافقتها الرسمية أيضاً.

وإذا كان كثر يعتقدون أو يأملون أن تفشل خطة الترحيل، التي تحمل في طياتها الكثير من وسائل التفجير الذاتي، تمهيداً للعودة إلى تنفيذ الحلول الوطنية، فإن ممثل الدولة اللبنانية في عقد الترحيل، أي «مجلس الإنماء والإعمار»، يؤكد أن الأمور تسير نحو التوقيع، ولن توقفها الاعتراضات التي تصدر عن بعض الجمعيات الروسية. وتأكيداً على القرار الرسمي الروسي الحاسم في هذا المجال، يذكّر الجسر باتصال السفير الروسي برئيس الحكومة تمام سلام لإعلامه بموافقة روسيا على «مساعدة لبنان» في موضوع الترحيل!

العقد الذي تحول إلى سر من أسرار الدولة، لم يوقع بعد. والجسر يؤكد أنه لم يتم تخطي المهل، موضحاً أن ما نص عليه القرار عن مهلة الأسبوع التي تلي تسلم المستندات من الشركة هي مهلة حث، فيما يشير ملحق قرار مجلس الوزراء بوضوح إلى ضرورة توقيع العقد خلال شهر من تقديم المستندات، على أن تعطى الشركة مهلة أسبوع لدفع كفالة حسن التنفيذ وقيمتها 6 ملايين دولار، حيث يعطيها المجلس عندها أمر مباشرة العمل. أي أنه إذا استُنفدت المهلة ولم يوقع العقد قبل 29 شباط، فإن البواخر لن تنطلق في 28 شباط، كما سبق وأعلن شهيب، بل ستتأخر نحو عشرة أيام.