Site icon IMLebanon

رغم رفع العقوبات .. مصارف المقاصة الأمريكية تواصل خنق الاقتصاد الإيراني

Molavi-Bazaar-Iran
نجمة بزرجمهر وسيمون كير

تبدد التفاؤل بانفتاح سريع للاقتصاد الإيراني على التجارة والاستثمار الأجنبيين بعد تخفيف العقوبات الدولية، بسبب استمرار قيود مفروضة على تمويل الشركات في الجمهورية الإسلامية.

الهيئات ذات الصلة بالدولة الإيرانية، المدعومة بمليارات الدولارات من الأصول غير المجمدة، كانت سريعة في الاستفادة من رفع معظم العقوبات، لكن استمر التجار والمستثمرين الصغار استمروا في مواجهة صعوبات في ضمان التمويل لتكثيف عملياتهم.

ويقول مصرفيون إيرانيون وأمريكيون إن بعض مصارف المقاصة في الولايات المتحدة حذرت المصارف في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط من أن حسابات الدولار التابعة لها في الولايات المتحدة ستواجه تدقيقا شديدا في حال مارست أعمال تجارية مع إيران. هذا التحذير، الذي ردده مسؤولو وزارة الخزانة الأمريكية في اجتماعات في منطقة الخليج، منع بدء المعاملات المصرفية مع إيران مرة أخرى.

يقول مصرفي كبير مقره دبي: “بالنسبة للمصارف الأمريكية، لم يتغير أي شي. وهذا له عواقب”.

وكانت إيران وست قوى كبرى هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا قد وضعت اتفاقا نوويا تم التوصل إليه في تموز (يوليو) حيز التنفيذ في كانون الأول (يناير) الماضي، بعد أن وافقت إيران على الحد من أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات المتعلقة بهذه الأنشطة.

لكن استمرار العقوبات الأمريكية المتعلقة بقضايا أخرى، مثل دعم الإرهاب، جعل العديد من المصارف الدولية تشعر بالقلق من أنها يمكن أن تواجه عقوبات إذا عملت مع مؤسسات وأفراد في إيران.

ويقول مصرفيون في الولايات المتحدة إن متطلبات الامتثال التي تقتضي إنهاء العلاقات مع العملاء الذين يتعاملون مع إيران وسورية والسودان وكوريا الشمالية، لا تزال سارية في مصارفهم.

وتحكم القيود أيضا العلاقات مع المصارف التي بحاجة إلى المشاركة في معاملات الدولار الأمريكي، التي في الواقع تغطي تقريبا جميع المؤسسات الإيرانية التي تمارس أعمال تجارية مع شركات أجنبية.

يقول أحد كبار المصرفيين الإيرانيين: “أي مصرف نتصل به في أوروبا أو آسيا أو حتى في المنطقة، مثل المصارف في تركيا وعمان والإمارات، يقول لنا إنه تم إخبارهم من قبل بضعة مصارف مقاصة أمريكية كبيرة أنه مهما كانت العملة المستخدمة في تحويل أموال الإيرانيين، سيتم التدقيق مرتين وثلاث على حسابات الدولار التابعة لهم في الولايات المتحدة”.

ويضيف: “الآن جميع المصارف خائفة من التأخير في معاملات الدولار الخاصة بها وهي تخبرنا بأنها تود العمل معنا، لكنها لا تعرف ماذا تفعل، لأنها لا تستطيع المخاطرة بحسابات الدولار الخاصة بها مع المصارف الأمريكية”.

في زيارته أخيرا إلى باريس، وقع الرئيس الإيراني حسن روحاني اتفاقات مع شركة إيرباص لشراء 118 طائرة، وشركة بي إس آيه بيجو سيتروين لإنتاج سيارات داخل إيران. وحث المصارف الفرنسية على دعم الشركات في بلاده، وهدد ضمنا بأن مثل هذه الصفقات قد تتعرض للخطر إذا بقيت بعيدة.

ويقول مسؤولون في الغرب إن المصارف الفرنسية قد تكون حريصة على استكشاف فرص جديدة في إيران، لكن خطر العقوبات الأمريكية يبقى قويا. وسبق أن تعرض بنك بي إن بي باريبا لغرامة بلغت تسعة مليارات دولار في عام 2014 لإخفائه معاملات مع السودان وكوبا وإيران.

وبحسب باتريك ميرفي، من شركة كلايد وشركاه “المصارف الأمريكية ستكون حذرة في جلب الخطر من خلال التعامل مع المؤسسات المالية الأجنبية التي تمارس أعمالا ذات صلة بإيران، والمؤسسات المالية الأجنبية بالتأكيد تتذكر تسوية بنك بي إن بي باريبا”.

واعتقد كثير من المحللين أنه عندما تم رفع العقوبات المفروضة بسبب الأنشطة النووية، سيتم إعادة الزمن إلى عام 2010، عندما كانت المؤسسات المالية غير الأمريكية مستعدة لتسهيل التجارة مع إيران من خلال استخدام عملات غير الدولار، مثل اليورو.

لكن هذا، كما يقول ميرفي “يتجاهل التغيير في النظرة إلى المخاطر في أعقاب التسويات التي توصل إليها بنك بي إن بي”. ويضيف: “بالنسبة لبعض المصارف قد يتطلب الأمر بعض الوقت قبل أن تعود إلى الوضع ما قبل عام 2010″.

وتقول المصارف الإيرانية إنها لم تواجه أي مشكلة في إعادة الاتصال بنظام سويفت للدفعات الدولية بعد رفع العقوبات، لكنها لم تستفد من أي مزايا أخرى.

ويقول مصرفي إيراني:”من الواضح أن الأمر يتطلب وقتا أطول مما توقعنا أن نكون قادرين على استخدام النظام المصرفي العالمي. في نهاية المطاف سيتم معالجة الأمر، لكن لا أحد يعرف كم من الوقت سيستغرق ذلك”. ويبقى اقتصاد إيران في حاجة ماسة إلى تمويل جديد بعد أن عملت أعوام من العقوبات المفروضة بسبب برنامج طهران النووي، جنبا إلى جنب مع السياسات الشعبوية للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، على ترك البلاد تعاني نموا اقتصاديا سلبيا في معظم الأعوام منذ عام 2011، فضلا عن معدل بطالة بين الشباب يبلغ نحو 25 في المائة.