كتب بسّام أبو زيد:
لا يرتكب الرئيس سعد الحريري جريمة عندما يطالب الكتل النيابية بالذهاب إلى مجلس النواب من أجل انتخاب رئيس للجمهورية وطبعا لن تؤدي هذه الانتخابات، في ظل وجود مرشحين من قوى 8 آذار ومدعومين من قبل قوى في 14 آذار، إلا لفوز إما العماد ميشال عون وإما النائب سليمان فرنجية.
ورغم هذه النتيجة المحتومة لفوز أحد حليفي “حزب الله”، لا يذهب الحزب إلى البرلمان لممارسة العملية الديموقراطية قاطعا على حليفيه المتضامنين معه في عدم إكمال النصاب الطريق نحو القصر الجمهوري بحجة أنه يريد إجماعا على واحد منهما مع أفضلية للعماد عون.
إن الإصرار على هذا الإجماع ليس فيه البتة مما يحكى عن وحدة وطنية ضرورية لإنهاض الدولة من كبوتها، بل يبدو أنه الوسيلة الوحيدة للتعبير عن تعطيل انتخابات الرئاسة لأسباب محلية وإقليمية. فالمعطلون يدركون جيدا أن الإجماع بشأن مرشح واحد لا يمكن أن يحصل إلا بالفرض فأحداث 7 أيار 2008 وما تبعها من تسوية الدوحة هي التي فرضت العماد ميشال سليمان مرشحا وحيدا لرئاسة الجمهورية فأتت عملية الاقتراع تكريسا لتعيين في هذا المنصب.
ويقول بعض المصرّين على الإجماع إن الظرف اليوم لا يتيح عملية ديموقراطية بالمعنى الطبيعي إذ أن المفروض أن يصل إلى قصر بعبدا من لديه الشعبية المسيحية والنيابية الأوسع وهو كلام حق يراد به باطل. إن العماد ميشال عون هو الذي يملك هذه الشعبية وأن منافسه في الانتخابات النائب سليمان فرنجية هو مكوّن أساسي في تكتل “التغيير والإصلاح” الذي يرأسه العماد كما أنه حليف أساسي لـ”حزب الله” رافع لواء الجنرال في قصر بعبدا وبالتالي فإن المنافسة الانتخابية هي في إطار البيت الواحد والفكر الواحد والشعبية الواحدة ولو أراد عرّاب الإجماع لهذا البيت أن يتفق على مرشّح واحد لفعل ذلك منذ أن تحدث عن انتصار قد تحقق.
إن الإجماع يستخدم اليوم في مواجهة الديموقراطية وبناء مؤسسات الدولة ويستخدم في شكل خاص للتفريط بحق مسيحي اول وهو ملء الشغور في رئاسة الجمهورية بأحد الأقطاب الموارنة ليكون رئيسا مسيحيا قويا.
أن مواجهة التعطيل بالإجماع لن تكون ألا بمواصلة الدعوات لممارسة الديموقراطية بشكلها الصحيح وتجنّب أي تنازل في هذا المجال علّها تكون الوسيلة ﻹحراج المعطلين وإخراجهم فإما أن يذهبوا ألى فرض إجماعهم بالقوة وليتحملوا التداعيات وإما أن يذهبوا إلى البرلمان وينتخبوا ديموقراطيا من يرون فيه مواصفات الرئيس وعندها يمكن القول أن العقل بدأ يتغلّب على السلاح.