أكد وزير العدل اللواء أشرف ريفي أنه إذا كان البعض قد ألحق بأدائه البعيد عن روحية القانون والغريب عن سلوكيات القاضي العادل الضرر الفادح بصورة القضاء، فإن ذلك لا يجب أن ينسحب على الجسم القضائي ككل الذي تطغى عليه أكثرية لا تقيم لغير القانون حساباً ولا تخشى لومة لائم وتقول كلمتها عند كل إستحقاق دون خوف او تردد.”
كلام ريفي جاء في كلمة ألقاها في العشاء السنوي لرابطة قدامى القضاة التي يرأسها القاضي منير حنين ونائبه القاضي حسن الحاج مساء أمس في فندق لو غابريال – الأشرفية .
وحضر الحفل الوزيرة أليس شبطيني، الوزير رشيد درباس، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، رئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر، رئيس ديوان المحاسبة القاضي أحمد حمدان، مديرة عام وزارة العدل القاضية ميسم النويري،القاضي الدكتور سهيل بوجي وحشد من القضاة.
وشدد ريفي على أن “القضاة يمارسون مهامهم في ظروف صعبة تهيمن على الواقع الحالي في لبنان، وهذا يتطلب منا جميعاً ان نعمل، كل من موقعه في الحفاظ قدر الإمكان على هيبة القضاء وعلى مصداقيته وثقة الناس به التي لم يكتسبها إلا بفعل تضحياتكم الجسام التي قدمتموها على مدى سنوات طوال وفي أحلك الظروف”
ورأى ريفي “أننا نحتاج لأن نكون أكثر من أي وقت مضى يداً واحدة، ننقي الذات ونطهر الجسد من الشوائب التي مهما كثرت تبقى قليلة مقارنةً مع الإنجازات المشرفة التي نحققها كل يوم مع كل حكم ينطق بالحق دون محاباة أو مراعاة أو حسابات، فقد أثبت قضاة لبنان أنهم على قدر المسؤولية التي أولاهم إياه الشعب اللبناني الذي فوضهم بان يحكموا بإسمه ولأجل العدالة التي لا قيامة للدولة من دونها”.
وأضاف ريفي ” من ينسى المواقف المشرفة للقضاء اللبناني في حماية الحريات في عز زمن الوصاية، من ينسى الشهداء في صيدا الذين سقطوا على مذبح العدالة مرفوعي الرأس فكانوا عنواناً للشموخ والعزة”.
وأكد ريفي “أننا لم ولن نقبل بأن يشكك أحد في مناقبية قضاتنا ولا في جرأتهم ولا قدراتهم العلمية، وإذا كان البعض قد ألحق بأدائه البعيد عن روحية القانون والغريب عن سلوكيات القاضي العادل الضرر الفادح بصورة القضاء، فإن ذلك لا يجب أن ينسحب على الجسم القضائي ككل الذي تتطغى عليه أكثرية لا تقيم لغير القانون حساباً ولا تخشى لومة لائم وتقول كلمتها عند كل إستحقاق دون خوف او تردد”.
ولفت ريفي أنه “على الجميع ان يفهم أن القضاة هم أصحاب الأهلية والإختصاص للحكم بين الناس، وإذا كانت الظروف الإستثنائية فرضت في مرحلة من المراحل ان يتولى هذه المهمة من غير القضاة فإن ذلك يكون لفترة مؤقتة ويشكل خروجاً عن المبدأ العام المعمول به في كل دول العالم المتقدم الرافض للمحاكم الإستثنائية، وإن إستمرار الوضع على ما هو عليه يشكل إنتقاصاً من حضور السلطة القضائية ومن دورها الوطني كما يشكل مساساً فاضحاً بمعايير العدالة الدولية وحقوق الإنسان” .
ورأى ريفي أن “القضاة وحدهم قادرون على إجراء محاكمات بمعايير موحدة ودون أي تمييز بين متقاض وأخر، ولهذا قمنا بإعداد مشروع قانون لإلغاء المحاكم الإستثنائية وتقليص صلاحيات المحكمة العسكرية، فقد أن الأوان لكي يستعيد القضاء العدلي صلاحياته الطبيعية في الحكم في قضايا الإرهاب والجرائم الكبرى لأن هذا القضاء هو الضمانة للجميع بأن القصاص العادل سيطال المجرمين وأن معايير العدالة وحقوق الإنسان وحقوق الدفاع ستُحترم”.
وأوضح ريفي “بأننا في وزارة العدل قمنا بإعداد هيكلية جديدة للوزارة تحقق للقضاء الحد الأدنى من الإستقلالية المالية والأمنية المطلوبة لكي يعمل القضاة بنزاهة وتجرد، وتؤمن لهم المستلزمات الضرورية للقيام بمهامهم على أكمل وجه، ولأن قصور العدل الحالية لم تعد تتماشى مع متطلبات العمل القضائي ولا تحقق في بنيانها وتقسيمها أي هوية معمارية وضعنا تصوراً لقصور عدل نموذجية على ثلاثة أحجام وتم إنجاز الخرائط وأصبح بين أيدينا ملف كامل لإطلاق ورشة إعمار لقصور عدل جديدة وأنا على ثقة أننا سنتمكن من وضع هذا المشروع موضع التنفيذ الفعلي”.
ولفت ريفي أن “هذه المشاريع وغيرها تشكل نواة النهضة الحقيقية للجسم القضائي، ويجب علينا جميعاً ان نتكاتف ونتضامن لكي نحقق حلم اللبنانيين في الدولة القوية القائمة على المؤسسات الرسمية ولا شك أن السلطة القضائية العادلة والقوية تشكل عماد قيام هذه الدولة” .
وفي الختام توجه ريفي “بأسمى التحيات والتقدير على ما قدمتوه وتقدمونها كل يوم في سبيل العدالة والوطن، انتم الذين لم تتعبوا يوماً من قول الحق ولم تتردوا يوماً في إنصاف الناس، مسيرتكم في خدمة الوطن لا تقف عند حدود السن القانونية للتقاعد لانها لم تنطلق من واجب وظيفي بل من رسالة لطالما شكلت الحافز لكم في تخطي الصعاب، أمنتم بها وعملتم لأجلها، إنها رسالة الله لنا جميعاً بأن إن حكمنا بين الناس ان نحكم بالعدل” .
