“لا أخفيكم أن الوضع الامني في البلد مثارُ قلق لنا كمؤسسات عسكرية وأمنية على مدار الساعة” بهذه العبارة توجّه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى الفاعليات الإقتصادية التي أبلغها أن “برغم الانجازات التي حققناها نوعاً وكمّاً، إلا أن وطننا تتهدده الأخطار من كل حدب وصوب”، مؤكداً أن “الامن والاقتصاد يتأثران بعضهما ببعض سلباً او إيجاباً”، وقال “الحق أن الامن هو عنصر اساسي في توفير البيئة المناسبة للاستثمارات الداخلية والخارجية التي تنعكس ايجابا على نمو الدول، كما أنه ضمان الاقتصاد وتطوره لكنه يرتبط حكماً بحركة الواقع الاجتماعي واستقراره”.
أقام اتحاد الغرف اللبنانية برئاسة محمد شقير في مقر غرفة بيروت وجبل لبنان، حفلاً تكريمياً للواء ابراهيم، “تقديراً للدور الذي قام ويقوم به للحفاظ على الأمن وتوفير الاستقرار في البلد”. وحضره الى ابراهيم وشقير، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي روجيه نسناس، محافظ بيروت القاضي زياد شبيب، الوزيران السابقان ريمون عودة ومحمد رحال، النائب السابق سليم دياب، رئيس غرفة طرابلس والشمال توفيق دبوسي، رئيس غرفة صيدا والجنوب محمد صالح، رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل، رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن، رئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر، نقيب الصحافة عوني الكعكي، نواب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد لمع وغابي تامر ونبيل فهد، رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمرفأ بيروت حسن قريطم، رئيس المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار “ايدال” نبيل عيتاني، رجل الاعمال نزار شقير، رئيس اتحاد نقابات الافران كاظم ابراهيم، رئيس وفد مديرية الأمن العام العميد الركن جهاد المصري، رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، رئيس اتحاد تجار جبل لبنان نسيب الجميل، نقيب المقاولين مارون الحلو، رئيس غرفة التجارة الدولية – بيروت وجيه البزري، رئيس جمعية تراخيص الإمتياز شارل عربيد، رئيس تجمع رجال الاعمال فؤاد زمكحل، رئيس جمعية المعارض والمؤتمرات ايلي رزق، رئيس تجمع اصحاب شركات النفط في لبنان مارون شماس، رئيس الندوة الاقتصادية رفيق زنتوت، رئيس جمعية شركات الضمان ماكس زكار، رئيس مجلس الاقتصاديين اللبنانيين سمير رحال، النائب الرابع لحاكم مصرف لبنان صاموئيليان هاروتيان، نقيب المطاعم والمقاهي طوني الرامي، الرئيس التنفيذي لشركة “سوليدير” جمال عيتاني، وحشد من القيادات والفاعليات الاقتصادية والنقابية.
شقير: بداية تحدث شقير، فقال: أهلاً بك سيادة اللواء عباس ابراهيم في بيتك في غرفة بيروت وجبل لبنان “بيت الاقتصاد اللبناني” وهي لطالما شكلت خلال السنوات الماضية الى جانب عدد من المؤسسات الوطنية وخصوصا الأمنية منها، عنوانا للصمود والتحدي والأمل في الحفاظ على الاستقرار والحفاظ على الدولة بكل مقدراتها. انه لشرف عظيم لنا كقطاع خاص لبناني، ان نكرّم اليوم رجلاً وطنياً ومؤسساتياً، أعطى بصدق وعزيمة الرجال لوطنه، وكان في هذا الزمن الصعب علامة فارقة، وتمكن بما يتمتع به من صفات حميدة ان يكون محط اجماع وتقدير لدى كل اللبنانيين بكل فئاتهم وانتماءاتهم.
وأكد شقير ان “الانجازات كثيرة وفي وقت قياسي، وأولها انجاز عزيز على قلب كل لبناني، هو تحرير العسكريين اللبنانيين من أيدي الارهابيين، أما غيرها فهناك الكثير الكثير ولعل ابرزها التصدي للارهاب بكل قوة وحزم الى جانب المؤسسات الأمنية اللبنانية، وهذه المؤسسات تستحق منا جميعا كل تقدير واحترام”، مشيراً الى ان “جهاز الأمن العام وبفضل اللواء عباس ابراهيم بات اليوم محط احترام وثقة من كل الدول المحيطة بنا وحتى البعيدة، فالتقدم الذي أحرزه، لم ينحصر فقط في العمل الأمني، انما أيضاً على المستوى الاداري حيث حقق هذا الجهاز نقلة نوعية في كل الوظائف المنوطة به”.
وقال شقير: قد يسأل سائل لماذا يقوم اتحاد الغرف اللبنانية بتكريم رئيس جهاز أمني؟ هنا نقول ونرفع الصوت مرة جديدة، لا اقتصاد ولا ازدهار ولا بحبوحة ولا حياة كريمة وهادئة للبنانيين من دون أمن واستقرار، وفي المقابل لا أمن ولا استقرار من دون اقتصاد مزدهر. نعم هذه هي الحقيقة الساطعة، فإذا كان لاقتصادنا ان يصمد ولمؤسساتنا ان تستمر خلال هذه الظروف الصعبة وهذا الفراغ في سدة الرئاسة والشلل في المؤسسات الدستورية وغياب ادارات الدولة، فالفضل يعود الى هذا الاستقرار الأمني الذي وفرته الاجهزة الامنية بجدارة لكل اللبنانيين برغم كل هذه الحرائق التي المشتعلة من حولنا وعلى حدودنا.
وختم: قدرنا ان نعطي للبنان، لأنه لا خيار لنا سوى الدولة ومؤسساتها الشرعية، فهي الحضن الدافئ للجميع وهي عنوان ورمز مستقبلنا ومستقبل اولادنا واحفادنا. نفتخر بك سيادة اللواء وبلدك يعتز بك وبأمثالك، وتستحق منا كل تكريم.
ابراهيم: وألقى اللواء ابراهيم كلمة قال فيها: إسمحوا لي بداية بالتوجه بالتحية الى كل فرد منكم على هذه المبادرة الكريمة التي تؤكد اواصر الثقة والتعاون القائمين بين المديرية العامة للامن العام والقطاعات الإقتصادية في البلاد، لأن الثابت في فكرة الدولة هو الترابط الجوهري بين الأمن والاقتصاد بوصفهما حالا من جزءين، واي اختلال في أحدهما يعني العطب والشلل للدولة ومؤسساتها.
أضاف: ما هو ثابت أيضاً أن الأمن هو المدماك الصلب للسياسة والاقتصاد كمفهومين ما انفصل احدهما عن الآخر يوماً منذ كانت المجتمعات والدول. يزداد التكامل بينهما حيناً بعد حين، خصوصاً في ظل هيمنة اقتصادات ضخمة على مجمل العالم، وهذا يفرض علينا وضع الخطط الاقتصادية الملائمة لتكون عاملاً اساسياً في بناء اقتصادنا، الذي ويا للاسف، يعاني من اهمال في قطاعات كثيرة. فالزراعة اقتصاد. والسياحة اقتصاد. والصناعة اقتصاد. والتجارة اقتصاد. والتقديمات الاجتماعية والصحية اقتصاد. البيئة اقتصاد والامن اقتصاد، ولا يمكن الحديث عن دولة واقتصاد في ظل اقتصاد انتقائي لا سياسة واضحة له، او برامج متوسطة وبعيدة الاجل.
وتابع ابراهيم: لا يعفيني هذا اللقاء البتة من التأكيد ان الأمن الإقتصادي هو المدخل والحجر الاساس لتنمية الدول وتطورها. لكن الوضع في لبنان مغاير تماماً لكل ما هو عند الاقتصادات الحديثة، جراء استشراء الفساد والفوضى من جهة، وغياب الخطط الحقيقية للإصلاح من جهة أخرى، ناهيك عما يرزح تحته اللبناني من ضغوطات ضريبية وانحسار فرص العمل، وغياب الاستثمارات نتيجة عوامل بعضها داخلي وبعضها خارجي، سببُها التوتر في المنطقة عموماً وارتفاع مستويات التهديدات الأمنية.
وقال: أينما توجهتَ في لبنان تلمس شعور المواطن بفقدان الثقة بالامان الاقتصادي والاجتماعي بكل وجوههما، حيناً بسبب الظروف السياسية والامنية، واحياناً بسببب انعدام الخطط الاقتصادية الخلاّقة لدى القطاعين العام والخاص. الاقتصاد هو انتاجية واستهلاك، وليس استهلاكا فقط. تقديمات وعمل في مقابل ارباح، وليس أرباحا فقط.
وأضاف: أعتقد هنا والجميع يعلم، ان اليأس عند المواطن بلغ أوجّه، وهذا يتأتى مع تساؤل ترتفع وتيرته حول جدوى المواطنة في ظل مديونية ضخمة فاقت عشرات المليارات من الدولارات، وفي ظل انعدام نسب النمو، وانحسار مساحة الطبقة الوسطى كصمّام أمان اجتماعي وأساسي لبناء دولة متطورة واقتصاد متين. وليست القطاعات والهيئات الاقتصادية المسؤولة الوحيدة عن التردي الذي يزداد ويتراكم الى حدّ شاهدنا نُذره في الشوارع، وسادت بعضَه اعمالُ شغب. فكلنا مسؤول عن ايجاد سبل النجاة والقفز بوطننا الى الجانب المضيء من العالم. وهذا لن يكون إلا بتضافر الجهود وقيام الدولة بمؤسساتها، والمجتمع بقطاعاته المختلفة، بواجباتهما ومسؤولياتهما ودورهما، في السياسة او في الاقتصاد أو الأمن.
وقال: لا أخفيكم ان الوضع الامني في البلد مثارُ قلق لنا كمؤسسات عسكرية وأمنية على مدار الساعة. وبرغم الانجازات التي حققناها نوعاً وكمّاً، إلا أن وطننا تتهدده الأخطار من كل حدب وصوب. هناك الخطر الإسرائيلي المستمر منذ كان الكيان الصهيوني، كذلك الارهاب التكفيري الذي يتسلل بأوجه عدة ليضرب لبنان التنوع والتفاعل الحضاري والثقافي، الذي طالما شكّل فرادةً كدولة على الأوجه المختلفة، كما كان سبّاقاً وريادياً في المجال الاقتصادي. وهنا لا بد من التأكيد ان الامن والاقتصاد يتأثران بعضهما ببعض سلبا او ايجابا. الحق أن الامن هو عنصر اساسي في توفير البيئة المناسبة للاستثمارات الداخلية والخارجية التي تنعكس ايجابا على نمو الدول. في اختصار، الأمن هو ضمان الاقتصاد وتطوره لكنه يرتبط حكماً بحركة الواقع الاجتماعي واستقراره.
اضاف: الأمن ليس مسألة تقنية بحتة، بمقدار ما هو نقطة تقاطع للمسارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والبيئية. هكذا يصير السؤال الملحّ: كيف للأمن أن ينجح في ظل تراكم النفايات، وارتفاع معدلات البطالة، وتراجع فرص الاستثمار، وغياب الإصلاحات الجدية في ظل الفساد المستشري والشلل في المؤسسات، ناهيك عن فاتورتي الصحة والتعليم.
وختم ابراهيم: إنني إذ أُقدّر عالياً مبادرتكم، وهي في الواقع تكريم لكل المؤمنين بأن لبنان وطنُ الحياة، القادر دوماً على التغلب على الصعاب، ولكل الذين لم يتوانوا عن القيام بواجبهم الوطني في حماية عجلة الاقتصاد برغم القلق والمخاطر الاقليمية والتعقيدات الداخلية، إلا انني اسجّل لكم جميعاً اداءكم في الاقتصاد وتميزَكم في العمل، والقفز فوق العصبيات والحسابات الطائفية والمذهبية. فقد عملتم للوطن وليس على حساب الوطن. شكراً لكم مبادرتكم الكريمة، آملاً كغيري من اللبنانيين في أن أرى اقتصاداً وطنياً قوياً متماسكاً بفضل جهودكم ورؤاكم وخططكم الحديثة.
بعد ذلك، تبادل ابراهيم وشقير الدروع.
ثم لبّى الجميع دعوة شقير الى حفل الغداء الذي اقامه في “نادي الاعمال” في الغرفة على شرف ابراهيم.