Site icon IMLebanon

خروج “الأهلي السعودي” من لبنان.. ليس سياسياً

ncb

عزة الحاج حسن

أثار قرار خروج البنك الأهلي التجاري (السعودي) من لبنان عاصفة من التحليلات والتحذيرات، التي لامس بعضها حد وضع العلاقة اللبنانية-السعودية في دائرة الخطر، من خلال ربط إقفال المصرف لفرعيه في لبنان بمواقف بعض الأطراف السياسية في المملكة.
لكن ما غابت عنه هذه التحليلات هو أن قرار البنك الأهلي لم يكن وليد الساعة، إنما يعود الى مطلع العام 2015 حين أبلغ وفد من إدارة البنك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رغبة الإدارة المركزية للمصرف في إقفال فرعيه في لبنان وتصفيتهما، وسلّمه آنذاك كتابا رسمياً يشرح معطيات القرار ومفاده بأن كلفة تشغيل البنك في لبنان باتت تفوق إنتاجيته، كما أن وجوده في لبنان محدود جداً، مقارنة بحجم السوق اللبنانية، وإن كان دخوله السوق اللبنانية يعود الى العام 1952.
أما اليوم فإن حصول البنك الأهلي على موافقة مصرف لبنان رسمياً بالإقفال هو ما أعاد الملف الى التداول، وفتح الباب لتأويلات من هنا وتهويل من هناك، وفق ما قاله الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح، والذي اعتبر في حديثه لـ”المدن”، أن قرار الإقفال اتُخذ في العام الماضي في جدة “وهو قرار إداري محض يتعلق بدراسة الجدوى للمصرف ككل وقد توصلت إدارته الى عدم جدوى وجوده في لبنان”.
كما نفى فتوح أن يكون للقرار أي علاقة بالملفات السياسية، ورأى أنه في حال أرادت السعودية توجيه ضربة على المستوى الإقتصادي للبنان فإنها ستستهدف الإستثمارات من خلال البنك، وهذا ما يتعارض مع مهام البنك الأهلي الذي لا يملك أي استثمارات في لبنان، فمهامه لا تتجاوز خدمة المواطنين السعوديين والخليجيين عموماً، مقيمين في لبنان أو زائرين، وبطبيعة الحال تضاءلت أعدادهم بشكل كبير في السنوات الماضية حتى كادت تنعدم في السنتين الاخيرتين.
وإذ أسف فتوح لخروج أحد البنوك العربية من لبنان، أكد عدم ترك القرار أي أثر على الإقتصاد اللبناني عموماً وعلى القطاع المصرفي خصوصاً، لاسيما أن البنك الأهلي التجاري ليس لديه محفظة تجارية ولا يمكنه الإقراض أو الدخول في مشاريع استثمارية في لبنان ولا يشتري سندات خزينة ولا ينافس بقية المصارف، “ولكن لسوء الحظ جاء توقيت خروجه صعبا لناحية المستجدات السياسية وما ترافق معها من مواقف حادة في الأيام الماضية”.
وتأكيداً على عدم ارتباط البنك الأهلي بعلاقات استثمارية في لبنان أو ما شابه، فإن المصرف يوضح من خلال موقعه الإلكتروني أنواع الحسابات التي يتعامل بها والعملاء الذين يتوجه إليهم، وتقتصر تعاملاته على: الحساب الجاري والادخار، بالليرة اللبنانية أو الدولار الأميركي أو الريال السعودي أو اليورو، الحوالات والضمانات، عمليات الخزينة، بيع شيكات الحج، تسوية فواتير الكهرباء والهاتف وغيرها من الفواتير، السحب من الحسابات لدى البنك الأهلي التجاري في المملكة العربية السعودية وبطاقات الائتمان وخدمات الصراف الآلي.
ويتوجه الى العملاء من الفئات التالية: السعوديون من عملاء البنك الأهلي التجاري في السعودية، المغتربون اللبنانيون العاملون في السعودية، اللبنانيون ممن لهم علاقات عمل مع المملكة العربية السعودية، الموظفون الحكوميون السعوديون (السفارة، الملحقية الثقافية والعسكرية،…)، الخطوط الجوية السعودية، السعوديون الذين يحوّلون الأموال من وإلى السعودية عبر البنك الأهلي التجاري.
بعيداً من السياسة وبالنظر الى أن البنك الأهلي خرج من لبنان لأسباب تستند على انتفاء جدوى وجوده فيه، لكن لا يمكن التغاضي عن أن التراجع الحاد في أعداد الزائرين السعوديين والخليجيين الى لبنان يشكل بحد ذاته مؤشراً سوداوياً للاقتصاد اللبناني عموماً، وللقطاع السياحي خصوصاً، وما يرتبط به من استثمارات وحركة اقتصادية وغيرها.