كتب غسان ريفي في صحيفة “السفير”:
لا تجد قيادة “الجماعة الاسلامية” في لبنان تفسيرا لسلوك الرئيس سعد الحريري تجاهها، خصوصا أنه بلغ مرحلة متقدمة من الجفاء، وتمثل مؤخرا بعدم مبادرة الحريري الى إجراء أي اتصال بالأمين العام الجديد عزام الأيوبي لتهنئته بانتخابه، كما فعل رؤساء الحكومات السابقون، بل اكتفى بتكليف النائب عمار حوري تمثيله في حفل الاستقبال الذي أقامته بالمناسبة. ثمة نقاش مستفيض ضمن الدوائر الضيقة لـ “الجماعة” حول مستقبل العلاقة مع الحريري، باعتبار أنه بات بعيدا جدا عن كل مكونات طائفته، وهو في هذا الاطار يلجأ الى أمرين إثنين: الأول الإصرار على التعاطي بـ “فوقية سياسية” مع حلفائه والسعي الى طمس حضورهم وجعلهم مجرد ملحقين بـ “تيار المستقبل”، والثاني محاولة تهميش خصومه الى حدود الالغاء.
ولا يستثني هذا النقاش ابتعاد الحريري بشكل كلي عن الحالة الاسلامية عموما التي استخدمها (بحسب المشاركين في النقاش) عندما كان يحتاج إليها في مواجهة خصومه وفي مقدمتهم “حزب الله”، ضمن إستراتيجية التحريض السياسي والمذهبي التي اعتمدها “تيار المستقبل” خلال السنوات الماضية وبلغت ذروتها عندما تم إقصاء الحريري عن رئاسة الحكومة، ومن ثم تبرأ منها ومن شبابها الذين واجهوا الاتهامات والمحاكمات والسجون بمفردهم.
ويخلص هذا النقاش الى أنه كان الأجدى بالحريري بدل أن يشجع على المصالحات ضمن الطوائف الأخرى وأن يحرص على زيارة قياداتها، أن يبادر الى إجراء مصالحة مع مكونات طائفته، بما يحفظ ويحصّن الساحة السنية ويعزز حضورها على المستوى الوطني بدل حالة التشرذم الذي تعاني منه.
تشير مصادر قيادية في “الجماعة” الى أن العلاقة مع الحريري شبه مقطوعة، وقد بادرت “الجماعة” أكثر من مرة لتفعيل هذه العلاقة، “حيث أننا لم ننقطع عن المشاركة في إحياء ذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري منذ 11 عاما، وقد شاركنا في الذكرى الأخيرة بوفد ترأسه رئيس المكتب السياسي النائب السابق أسعد هرموش برغم الجفاء الحاصل، لأننا نعتبر أن ثمة إجماعا إسلاميا ووطنيا على قضية الرئيس الشهيد”.
وتشير هذه المصادر إلى أنه عندما عاد الحريري الى لبنان في العام الفائت بادرت “الجماعة” الى طلب موعد للقائه في “بيت الوسط” لكنها لم تحصل على أي جواب، وكذلك فان نائب “الجماعة” الدكتور عماد الحوت ينسق بشكل دائم مع الرئيس فؤاد السنيورة ومع نواب “المستقبل”، “لكن في كل مرة نصطدم بمحاولات التهميش التي لا نرضى بها، ولا تليق بنا كجماعة لها تاريخها ونضالها على المستويين الاسلامي والوطني”.
وتقول المصادر “نحن اليوم نراقب ما يقوم به الرئيس الحريري، لكننا لن نحرك ساكنا تجاهه ولن نطلب موعدا منه، وفي حال أراد اللقاء أو التواصل معنا، فهو قادر على دعوتنا، وعندها سنلبي دعوته إنطلاقا من ثوابتنا التي تشدد على ضرورة الانفتاح على كل المكونات اللبنانية”.
وتشدد هذه المصادر على أن الجفاء الحاصل هو برسم الحريري وتياره، لافتة الانتباه الى “أننا كلما أرسلنا إشارة إيجابية إليهم، نتلقى بالمقابل إشارات زرقاء سلبية، وطبعا باب الوساطة غير مقطوع، ونتوقع طالما أن الحريري باق في لبنان أن يبادر بعض الوسطاء الى كسر هذا الجليد المتراكم، لكن الدعوة هذه المرة يجب أن تكون من الحريري شخصيا”.
ويقول أحد قياديي الجماعة لـ “السفير”: “لن نعيش على أمل لقاء الحريري الذي يجب أن يعيد حساباته جيدا حيال تعاطيه مع مكونات طائفته”.