Site icon IMLebanon

استخراج الوقود الحيوي من الهواء

CO2toMethanol
بالرغم من أن أعداد السيارات الهجينة والكهربائية آخذة في الازدياد، وتطبيقات الوقود الحيوي وخلايا الوقود بدأت بالانتشار، إلا أن ارتفاع انبعاثات الكربون تظل حتى هذه اللحظة، معضلة تواجه مدن العالم كافة.
وبينما تعتمد النباتات على ثاني أكسيد الكربون لعملية البناء الضوئي وصنع غذائها، فإنها تطلق الأكسجين الذي نتنفسه في كل لحظة. كما يساعد الدفء الذي يشيعه هذا المركب على حمايتنا من درجات الحرارة العالية. وقد استمرت دورة الكربون الطبيعية في ضبط حركة ثاني أكسيد الكربون وتبادله في الغلاف الجوي والتربة والمحيطات، طوال 3.2 مليار عام. إلا أن النشاط الإنساني قلب ميزان الطبيعة رأساً على عقب، عندما بدأ ببث المزيد من الكربون، بكميات يعجز المحيط الجوي عن امتصاصها، مما أدى إلى حدوث التغيرات المناخية.
لكن، وجد باحثون من جامعة كاليفورنيا الجنوبية، طريقة لتحويل ثاني أكسيد الكربون في الهواء إلى سائل الميثانول (CH3OH)، الذي يعرف بأنه وقود المستقبل على المدى الطويل. فيما تنطوي هذه الطريقة على بث الهواء في محلول يسمى (pentaethylenehexamine) وهو عبارة عن كميات كبيرة من النيتروجين والكربون والهيدروجين تتحد فيما بينها، ليعلق بعد ذلك ثاني أكسيد الكربون بالهيدروجين المتوافر في المحلول، وبعد تسخينه لا يبقى سوى سائل الميثانول والماء.
في الحقيقة، إن إنتاج الميثانول بهذه الطريقة ليس اكتشافاً في حد ذاته، بل في (عنصر الروثينيوم المحفز- ruthenium catalyst)، الذي مكّن من حدوث التفاعل عند درجات حرارة أقل بكثير من درجات الحرارة التي حدثت عندها التفاعلات في الماضي، كما يمكن لهذا العنصر تحويل ما يصل إلى 79% من ثاني أكسيد الكربون المتوافر إلى سائل الميثانول. وبالرغم من أن تطوير هذه العملية صناعياً، يحتاج إلى وقت يتراوح بين 5 إلى 10 أعوام، إلا أن الخطط جارية على قدم وساق.
وفيما يتعلق بالبحوث الفاعلة لتطوير هذه الاكتشاف، ففريق جامعة كاليفورنيا الجنوبية ليس الوحيد الذي يعمل على استكشاف هذا المجال؛ إذ في قلب المنطقة الغنية بالنفط في كندا، تطور شركة صغيرة تدعى (Carbon Engineering) عملية صناعية تقوم على أساس امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء، وتمريره عبر صفائح بلاستيكية مموجة مطلية بهيدروكسيد البوتاسيوم. وبعد مراحل كيميائية متعددة، ينتج ثاني أكسيد الكربون (CO2) النقي في حالته الغازية، لاستخدامه فيما بعد في تصنيع الوقود قليل الانبعاثات. ولدى الشركة الكثير من الخطط لهذه التكنولوجيا، فهي تهدف إلى بناء مصنع ضخم لامتصاص 1 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، أي ما يعادل انبعاثات 213 ألف سيارة تقريباً. ويقول رئيس الشركة ديفيد كيث: “وسائل النقل مثل: السيارات والشاحنات والطائرات وغيرها، مسؤولة عن 60% من انبعاثات الكربون حالياً”.
ولا شك في أن هذه الجهود تثير الإعجاب، وهي طريقة مثلى لمواجهة ارتفاع معدلات الانبعاثات الضارة في الغلاف الجوي. لكن العديد من الناس يعربون عن قلقهم من اللجوء إلى هذه الطريقة لتبرير استهلاك المزيد من الوقود الأحفوري. وعموماً، تستحق هذه المساعي النظر إليها بعين الاهتمام، لأنها قد تتطور لتصبح جزءاً من جهود أكبر لتثبيت أو تقليل مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي عند حد معين.
وبينما يبدو إنتاج الوقود من خلال هذه النظم مكلفاً في الوقت الراهن، يعبر الباحثون عن تفاؤلهم تجاه المستقبل.